وصلتني العديد من التعقيبات على موضوع عاملات المنازل، أهمها ما يلي:- التعقيب الأول من الدكتور أحمد الزهراني من المملكة العربية السعودية يقول: «تعد قضية العاملات والعمال الأجانب في الخليج على وجه الخصوص من القضايا الحيوية التي تحظى بمتابعات وآراء متباينة، ولعلّ هذا مرتبطٌا بتباين الثقافات بين الوافدين والمستقدمين، وهو بلا شك مصدر من مصادر الرأي والتحليل، ووجود العاملة المنزلية بثقافتها وحاجاتها، تسيطر على مفاصل الأسرة المستقدمة في غالب الأحيان، وما المشكلات التي أشرت اليها دكتورتنا إلا حالات لا أعتقد أنها تكون في حكم التعميم، وفي اعتقادي أنها تقع في حكم الشواذ وهذا ما لا تعميم فيه، وهي علاقة تبادلية بين الطرفين في ما أرى، فالنسبة إلى المشكلات ليست عالية ولكنها مرفوضة في التصرفات، فإشعار المستقدمين بإنسانيتهم وطبيعة العلاقة بما أؤتمنوا عليه تهيئ لسلامة السلوك من عدمه، وحسب علمي فإن دول الخليج يوماً ما كان لها توجه لتوحيد عقود العمل وواجبات الأطراف المستفيدة في كل الحالات، وما أشرت إليه في الإمارات من تنظيم قد يكون جيداً يمكن الاسفادة منه في بقية دول الخليج العربي، ولكنها مفاهيم الثقافة وموجبات التعامل بين الأطراف المستفيدة والمنظمة، قد يكون مما نستفيده مما أشرت إليه العودة إلى تحمل المسؤولية داخل الأسر الخليجية والقيام بالأدوار المطلوبة في منأى عن مشكلات قد لا ترى نتائجها إلا عبر الأجيال! وبالتأكيد أن هناك استثناءات في الضرورات، وعلى العموم فالطرح جدير بالاحترام، والبحث عن سبل التوافق والاتساق بين مختلف معطيات التعامل الإنساني والمصلحي بين المعنيين بما ذكرت، وفقت للخير دوماً في ما تطرحين».شكرا أخي الكريم الدكتور الزهراني، لكن مشكلة عاملات المنازل تعتبر ظاهرة بمعنى الكلمة، وأي مشكلة تصل نسبة تكرارها إلى 20 في المئة تعتبر ظاهرة، ومن الواقع نرى أن مشكلات الشغالات تعدت النسبة تلك وفاقت، لذلك لا يمكن أن نقول عنها حالات شاذة، بل ظاهرة تعاني منها المجتمعات الخليجية خاصة، وبعض المجتمعات العربية.أؤكد على ما تطرحه أخي الكريم من أن وجود الشغالة يؤدي إلى سيطرتها على مفاصل الأسرة، كما نؤكد على أهمية توحيد صيغة عقود العمل في دول الخليج لحفظ حقوق كلا الطرفين، وسنطرح إمكانية الاستغناء عن عاملات المنازل في المقال المقبل، مع كل الشكر والتقدير.التعقيب الثاني، وصلني من الدكتور أحمد جمال من البحرين، يقول: «عاملات المنازل مشكلة كبيرة، ومن الممتاز أنك تطرقتي لهذا الموضوع، لدق الناقوس من جديد، والمشكلة أن بعض الأهل مظلومون ولكن أيضاً يقع أحياناً الظلم على العاملة، والمشكلة مستمرة، لكن أخطرها ما ذكرتيه خصوصاً التعرض لحياة الأطفال أو الضرر بهم، ولأنهم لا يستطيعون التعبير عما يلحق بهم من ضرر. حتى ما يضعه البعض من كاميرات للمراقبة أيضا يستطيعون التهرب منه، موفقة دكتورة ويعطيك العافية».شكرا جزيلا دكتور أحمد، وأتفق معك بأن هناك العديد من الحالات التي تتعرض فيها الشغالات للظلم، كالاغتصاب والتحرش الجنسي من قبل صاحب العمل، أو سوء المعاملة كالضرب والإهانة، وكنت أعددت المقال الذي يتناول مثل هذه الحالات، لكني أجلّته بسبب تناولك له في التعقيب.لذلك نؤكد على أهمية إصدار قانون موحد يحمي حقوق وواجبات كلا الطرفين، والأهم الحرص على تطبيقه بروح العدالة والانصاف. لأن هناك للأسف من يعامل الشغالة بلا إحساس ولا ضمير ويعيدنا إلى زمن الرق والعبودية، ويسقط عنها الإنسانية كليا، ما يتسبب في ردات فعل عنيفة، فلو وجدت الآليات والقنوات الواضحة التي يمكن أن يلجأ لها كلا الطرفين في حال الإخلال بالأخلاقيات والواجبات، لساهمنا بالتقليل من الجنح والجرائم، ولضمان العدالة وحفظ الحقوق لكلا الطرفين. التعقيب الثالث من الأخت العزيزة كاتي فياض من مصر تقول: «لكل الأسباب التي ذكرتِ دكتورة أنيسة، أنا ضد وجود شغالة في البيت، ولكثرة ما سمعنا من أحداث حصلت ليس في البحرين فحسب، بل في كل الدول العربية التي تستقدم خادمات من دول آسيا وأفريقيا، من جهتي أحبذ أن تكون العاملات عربيّات، ومن مجتمعاتنا، لوجود عناصر مشتركة بيننا، حيث تجمعنا اللغة والمفاهيم المرتبطة بالعادات العربية، والمحبة والألفة بين العائلات، والتي تفتقر لها الدول الأجنبية وأرجو أن لا تتهمونني بالعنصرية، لأني ضد التمييز العنصري وضد العنصرية، وإذا كان لا بد من وجود الشغالات في البيت، يجب أن يكون نظام وقوانين تحمي المواطن وتعاقب المخطىء».شكرا أختي العزيزة كاتي على تعقيبك المهم، للأسف في دول الخليج العربي لا توجد عاملات منازل أو شغالات من الجنسيات العربية، وكلهن من الدول الأجنبية الآسيوية والأفريقية الفقيرة، التي تختلف عاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم عن الثقافة العربية، ورأيك هذا يستدعي سؤال الجهات المعنية: لماذا لا تُستقدم عاملات من الدول العربية الفقيرة؟ وأنا أوافقك الرأي في تمنى أن يستغني الناس عن وجود الشغالات، خصوصاً وإن جداتنا لم يكن يستعن بالشغالات أبداً، لكن نتيجة تغير الوضع الاجتماعي والاقتصادي والأسري أصبح وجود الشغالة ضرورياً، خصوصاً بالنسبة للمرأة العاملة، وأتفق معك أيضاً على أهمية إصدار التشريعات الكفيلة التي تنظم العلاقة بينهما وتحفظ حقوق كلا الطرفين. يتفق الجميع على أهمية إصدار التشريعات التي تنظم العلاقة بين الطرفين، مثل تحديد الوقت لضمان استبدال العاملة، فالكثير يرى أن مدة ثلاثة شهور قليلة ويقترحون سنة، وتحديد الحد الأعلى والأدنى للراتب، وتحديد جهات التواصل والقنوات المفتوحة لكلا الطرفين في حال وقوع ضرر لأي منهما، وتحديد الآليات الواضحة في حال هروب الشغالة وعدم تحمل المواطن وحده التكاليف والتبعات، وغيرهما من الأمور، فمتى تصدر تلك التشريعات؟

aalsaalaam@gmail.com