نحاول أن نتناول الفرق بين الغرب والعرب بموضوعية شديدة، ومع أن الاختلاف بينهما نقطة، إلا أن الفروقات بين الإنسان العربي والغربي كثيرة ونسبية أيضاً، لكن توحدهما الروح الإنسانية، وتلك الفروق أسبابها كثيرة، تتمثل في السلطة الثقافية التي تندرج تحتها التربية الأسرية والمدرسية والمجتمعية، والسلطة الاجتماعية التي تأتي ضمنها التقاليد والعادات والأعراف، والسلطة الدينية، والسلطة السياسية التي تتمثل في النظم السياسية والدساتير والمواثيق، والمؤسسات التشريعية والقضائية والتنفيذية، والسلطة الاقتصادية وتتمثل في شكل البنى التحتية والفوقية في المجتمع وأسلوب التحكم فيها. وبالطبع تترابط السلطات مع بعضها البعض ويؤثر كل منها في الآخر. يقول مدير إحدى الجامعات الغربية الموجودة في وطننا العربي: «إن الطلاب في الشرق يمكن ضبطهم بسهولة أكثر من الطلاب في الغرب، لماذا؟ لأنهم منذ الصغر تربوا على الطاعة».فاجتماعياً نلاحظ أن العرب أكثر احتراماً للأهل والوالدين والمعلمين والمتقدمين في السن، وهذا أمر إيجابي، وربما هو سبب ومسبب للترابط الاجتماعي القوي في المجتمع العربي، وللأسف تدريجياً أصبحت المجتمعات العربية مفككة أيضاً، ونرى العديد من الحالات الأسرية المفككة أمام أعيننا، لكن الحمد لله لم يتحول الوضع إلى ظاهرة بعد، في حين أن المجتمع الغربي يعاني من ظاهرة التفكك الأسري والاجتماعي، خصوصاً في المدن، لأسباب عدة منها القوانين والأعراف الاجتماعية السائدة هناك، والتي تسمح لمن يصل سن الرشد أن يترك بيت ذويه ليعتمد على نفسه، ونرى بأن المجتمع الغربي يحاول أن يتغلب على تلك الظاهرة بتكثيف الأفلام الاجتماعية والإنسانية والبرامج الإعلامية، لكن في المجتمعات العربية يسهل انقياد الناس، على عكس الإنسان الغربي الذي يدقق ويناقش ويريد معرفة الأسباب والمسببات، لأنه في الأسرة والمدرسة والجامعة تعوّد على ذلك الأسلوب منذ الصغر.ولا ننسى أثر وتأثير السلوك والأخلاق، فالرجل العربي يرى التضحيات بلا مقابل يومياً أمام عينيه، من والدته، وزوجته، والجندي في بلاده، والعامل في المصنع أو الشركة التي يعمل فيها، لذا تتحول تلك التضحيات إلى أمر بدهي بالنسبة له ويعتاد عليها، في حين أن الإنسان الغربي تأتي مصلحة الفرد فوق كل شيء، وذاته تسبق أي شيء، لأن النظام الرأسمالي قائم على الفرد على عكس النظام الاشتراكي القائم على الجماعة.والنقيض بنقيضه يُعرف، فالعربي مثلما يرى التضحيات ويعتاد عليها، يرى أيضاً الأنانية والسرقات والفساد يومياً أمام عينيه ويعتاد عليها، في حين أن الإنسان الغربي لا يقبل أبدا بمثل هذه الممارسات الوضيعة وتتم محاسبة مرتكبيها بكل وضوح. السلطة الاجتماعية والثقافية تكمن أيضاً في نظرة المجتمع للمرأة، والاختلاف عليها، وبالطبع المسألة نسبية، فالفروقات بين الرجل والمرأة ما زالت موجودة في الغرب، لكنها أقل بكثير من الفروقات في المجتمعات العربية، فالغربي يرى بأن حال أمه كحال أبيه، وحال زوجته كحاله، وحال ابنته كحال ابنه في كل شيء، من حيث العمل والراتب والحياة المعيشية، بل وحتى في الحب، فمثلما من حق الشاب أن يحب، من حق الفتاة أن تحب، وأن ترافق الشباب لتختار منهم من يناسبها، أما العربي فمنذ الصغر يرى وينشأ على الفروقات الواضحة بين الرجل والمرأة، في تعامل المجتمع مع الفتاة والمرأة، مما يجعل الولد بشكل تلقائي يشعر بأن له قيمة أكثر من الفتاة، وينشأ العربي على ثقافة (العيب والحرام) مما يجعله يخاف من الإقدام على أي شيء.
aalsaalaam@gmail.com