تشكّل الجلسةُ التي يعقدها مجلس الوزراء اللبناني بعد غد في القصر التاريخي في بيت الدين (الشوف) «أوّلَ الغيث» في المسار الرامي إلى ترجمة «البروتوكول» المالي - الاقتصادي الذي أرْساه اجتماع «خلية الأزمة» الرئاسية - الوزارية - المصرفية قبل 11 يوماً في القصر الجمهوري (بعبدا) وتَضَمَّنَ سلّةً من الإجراءات الإصلاحية لتفادي السقوط في «حفرة الانهيار». ورغم قرْع السلطة السياسية طبول «حال الطوارئ» الاقتصادية بملاقاة التقرير المرتقب لوكالة «ستاندر اند بورز» يوم الجمعة، وما سيتطلّبه اتجاهُها لخفْض تصنيف لبنان الائتماني من خطواتٍ لامتصاصِ المضاعفات عبر «قَفْزٍ متدرّجٍ إلى الأمام» على صعيد تثبيت «إعلان النيات» الإصلاحي، فإن أوساطاً مطلعة تُبْقي على حذرها من مدى القدرة على الحفاظ على وضعية «إطفاء محركات» المعارك السياسية في ظلّ عدم «انطفاء جمْر» الصراعات التي انتقلتْ تحت وطأة «الخطر الأكبر» مالياً واقتصادياً الى «تحت الرماد».وإذا كانت «القنابلُ الدخانية»، التي رُميت بطريق عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من زيارته لواشنطن اعتُبرت بمثابة «خرْقٍ موْضعي» لحال المهادنة التي أسسّت لها «تسوية البساتين»، بعضها يرتبط بالرغبة في توجيه رسائل للحريري بأنه «ليس طليق اليدين» داخلياً وبعضها الآخَر بالتململ من مغازي تظهير هذه المكانة الدولية له والارتياب من احتمالات توسيع رقعة العقوبات الأميركية لتطول حلفاء لـ«حزب الله» في لبنان، فإن استحقاقاتٍ مقبلة تطْرح علامات استفهام حيال «صمود» التهدئة الاضطرارية على أكثر من جبهة. ومن هذه الاستحقاقات: * العقوباتُ التي كرّستْ محادثات الحريري في واشنطن أنّها ماضية بمنحى متشدّد يرجّح أن يشمل حلفاء لـ«حزب الله» من خارج الطائفة الشيعية. * ملف ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل وبتّ النزاع الحدودي البري، والذي يفترض أن يستعيد زخمَه الشهر المقبل مع زيارةٍ للمسؤول الأميركي الجديد عن هذا الملف ديفيد شنكر (خَلَف ديفيد ساترفيلد الذي عُيِّن سفيراً في تركيا)، وسط رصْدٍ لما إذا كانت المناخات الإيجابية حول ما حقّقه الحريري في محادثاته الأميركية ستُترجَم بتليين واشنطن موقف اسرائيل من بنود خلافية توقفت عندها وساطة ساترفيلد وبينها إصرار لبنان على تلازم المساريْن البري والبحري ورعاية الأمم المتحدة للمفاوضات (بمشاركة الوسيط الأميركي). علماً أن دوائر سياسية توقّفت عند «نقْزةٍ مكتومة» أحْدَثَها كلام الحريري من الولايات المتحدة عن «أننا نعمل بجد في لبنان، وبحسب القرار 1701، للانتقال من وقف للأعمال العدائية إلى وقف لإطلاق النار» بما يوحي بربْط ملف الترسيم بقفْل جبهة الجنوب.* الرسالة التي وجّهها الرئيس ميشال عون للبرلمان طالِباً تفسير المادة 95 من الدستور، (حول إلغاء الطائفية السياسية والمرحلة الانتقالية وخصوصاً لجهة طائفية الوظائف والمناصَفة فيها)، وهي الرسالة التي ستكون أمام مجلس النواب في اكتوبر وسط مناخٍ خلافي يحوطها ويُخشى معه من استقطابات طائفية. وكان لافتاً أمس سعي رئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل لإدخال الكنيسة على خط توحيد الموقف المسيحي من هذه الرسالة (تحفّظتْ عنها «القوات اللبنانية» علناً)، وهو ما عبّرت عنه زيارته للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، معلناً «أخَذَنا الحديث الى الدستور وضرورة المحافظة عليه والميثاقية التي نعيش من خلالها ومن خلال ما هو مطروح في المادة 95 من الدستور والتي تشكل الشراكة بين بعضنا والحفاظ على ميثاقنا. وبرعاية غبطته، نحن مقتنعون بتوحيد الجهد والكلمة، ومتجاوبون مع اي مبادرة يقوم بها سيّدنا البطريرك في هذا المجال».إلى ذلك، برز حرص عون على تظهير إمساكه على طريقة «الأمر لي» بالملف المالي - الاقتصادي. وغداة إعلانه «سأرعى شخصياً المسار التنفيذي لمقررات لقاء بعبدا المالي والاقتصادي بالتعاون مع الرئيسين (نبيه) بري والحريري والقوى المشاركة في السلطة»، كرر عون أمس خلال دردشة مع الصحافيين هذا المنحى، مؤكداً «سنبدأ الاسبوع الجاري بوضع خطط تنفيذية تصبح جاهزة بعد شهر»، مؤكداً «وجود وجوبٍ والتزام بما تم اقراره في الورقة الاقتصادية»، ومشيراً إلى أنه «أطلق هذه الورقة كي يتم تنفيذها فهي بحاجة الى التعاون بين كل السلطات».وعن الإشاعات بايعاز الولايات المتحدة له لإبعاد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، قال: «أنا لا أبعِد لا باسيل ولا أي انسان آخر. فليس لي مصلحة بذلك. وباسيل هو رئيس حزب ورئيس أكبر كتلة نيابية (...) وكان هناك من السياسيين الكبار يأتون اليّ ويطلبون مني الضغط على باسيل في بعض الشؤون السياسية التي تزعجهم وكان جوابي دائماً لهم اذهبوا وتحدثوا بالموضوع مع باسيل».ونفى ان تكون الدولة تعرّضت لأي ضغوط أميركية من أجل اجراء المصالحة (بعد حادثة البساتين) أو حلّ الموضوع المالي، وقال «لا أميركا تتدخّل ولا طبْعنا يقبل بالضغوط». كما نفى تبلغه أي أمر حول العقوبات الاميركية على شخصيات مسيحية قريبة من «حزب الله»، وأكد «نحن لم نتبلغ هذا الأمر». وأوضح عون «أن البعض اعتاد على خرق الدستور وحرمان البعض الآخر من حقوقه، وحين أقوم بتصحيح الأمور يقولون إنه يتم خرق الدستور».
خارجيات
عون يعلن «الأمر لي» في الملف المالي - الاقتصادي
11:00 م