علينا أولا أن نفرق بين مفهومي السمات والاتجاهات، فالاتجاه استعداد وجداني دافعي، أما السمة فهي استعداد وجداني أدائي. يقسم الباحث فؤاد أبو حطب الاتجاهات إلى أنواع منها: اتجاهات فردية وجماعية، عامة وخاصة، قوية وضعيفة، موجبة وسالبة، والموجبة هي الاتجاهات التي تقوم على تأييد الفرد وموافقته، أما السالبة فهي التي تقوم على معارضة الفرد وعدم موافقته. والاتجاه هو استعداد أو تهيؤ عقلي يتكون عند الشخص نتيجة لعوامل مختلفة مؤثرة في خبراته، تجعله يتخذ موقفاً معيناً تجاه الأشياء والأفراد والأفكار. ويُعرف الاتجاه نحو الابتكار بأنه مجموعة من استجابات القبول أو الرفض نحو ظاهرة التفكير الابتكاري، ويقاس بمقياس الاتجاه نحو الابتكار، والذي يتكون لدى الفرد نتيجة لعوامل مختلفة مؤثرة في خبراته.والاتجاهات الابتكارية لدى المعلم لها أهمية كبرى لانعكاساتها على الطلبة، حيث تتزايد الحاجة لتكوين الاتجاه الابتكاري لدى المعلمين والمشرفين على التعليم، وبما أن الإبداع يظهر مبكراً في العمر، فإن النظام التربوي التعليمي قد يكون المسؤول الفعلي عن إضعاف الابتكار أو تنميته، لأن المدرسة كمؤسسة منظمة تؤثر على سلوك المتعلمين أكثر من أي مؤسسة أخرى. إن خلق اتجاه إيجابي نحو الابتكار لدى جميع أفراد العملية التعليمية، هو الذي سيمكن من تجاوز الاحترام المتصلب للعادة، وتشجيع حب الاستطلاع، وحرية التعبير. إن إطلاق الطاقة الإنسانية بكل قوتها نحو الإبداع البنّاء يعتبر من أهم متغيرات العامل الإنساني ارتباطاً بالتطور، ومن العسير تحقيق ذلك في ظل نظام تربوي يتجه نحو كف الطاقة الإبداعية، وعدم احترام العقل ومجابهته بالعقبات، والسبب الآخر الذي يدعو إلى ضرورة تكوين اتجاه ابتكاري يتعلق بالصحة النفسية للمعلم والطالب وجميع العاملين في قطاع التربية والتعليم.يقول الباحث عبدالستار إبراهيم: «إن الابتكار مرتبط بحرية التعبير، وهو من الحاجات الأساسية للإنسان، والذي لا يشبع هذه الحاجة يتحول إلى إنسان مريض، لذا فإن الاتجاه الإبداعي يحتاج لنظام تربوي يتحقق فيه التوازن بين حرية التعبير واحترام الخبرة، وبين احترام الخبرة وسيطرة التقاليد التي تفرض رؤية ضيقة على العالم». وللاتجاهات أهمية واضحة في مجال التعليم فقد بينت دراسة (كوك) أن الاتجاهات الإيجابية للمعلم نحو المدرسة أو المهنة تجعله متفهماً للوضع النفسي للطالب وللجو المدرسي بصورة عامة، فعندما يكون لدى المعلم اتجاه إيجابي نحو مهنته، فإن ذلك يساعده على النجاح في عمله، ويجعله قادراً على الإبداع فيه، كما ويجعله قادراً على تهيئة أذهان طلابه لاكتساب اتجاهات مرغوبة نحو المدرسة، وهذا ينطبق تماماً على الاتجاه نحو الابتكار، الذي من الضروري أن يكون من سمات المعلم، فالمعلم الذي لديه اتجاهات إيجابية نحو الإبداع والابتكار حتماً سيعززها لدى طلابه. ولتحديد اتجاه المعلم نحو الابتكار لا بد من تحديد الأداة التي تكشف كيف يفكر المعلم، وما يقوله لفظياً، وما يمارسه سلوكياً نحو الابتكار مع طلابه، بل يمكن التنبؤ بالسلوك المستقبلي الذي يمكن أن يمارسه المعلم في موقف ما.لقد أثبتت العديد من الدراسات أن زيادة الاتجاهات الإيجابية نحو الابتكار لدى المعلم يمكن أن تتحقق نتيجة برامج تدريبية للمعلمين عن الابتكار، كما تساهم البرامج التدريبية في تطوير وتنمية مفهوم الابتكار وسلوكياته وزيادة النواتج الابتكارية للطلبة، فمن أهم أهداف البرنامج التدريبي خلق الإبداع التربوي التعليمي لدى المعلم وعمق الاتصال والتفاعل. إن البرامج التدريبية على الإبداع تسهم في مساعدة المعلمين على ملاحظة السلوك الإبداعي لطلبتهم، والتعرف على السمات الابتكارية لديهم، كما أكدت على زيادة الاتجاهات الإيجابية عند المعلمين نحو الابتكار عند الطلبة، وقد أكدت نتائج دراسة (زين العابدين) على أن البرنامج التدريبي في الإبداع يسهم بدرجة كبيرة في زيادة الاتجاهات الإيجابية لدى المعلمين الذين تعرضوا للتدريب، وظهور التحسن الملموس في قدراتهم الابتكارية. ولا بد من التأكيد على أن كل ما ذُكر عن دور المعلم في تنمية التفكير الابتكاري لطلابه يمكن أن يكون حديثاً لا فائدة منه إطلاقاً، إذا افتقد المعلم الاتجاه الإيجابي في شخصيته نحو الابتكار والإبداع، لذلك من أجل ضمان إيجاد طالب مبدع، علينا التفكير في الإجابة عن السوال التالي: كيف نصنع معلماً مبدعاً؟

aalsaalaam@gmail.com