الدكتور سمير أحمد معيوف يقول في بحث عنوانه «الصورة الذهنية (دراسة في تصور المعنى)»? إنه أول مَنْ فتح هذا الموضوع هو الخليل بن أحمد الفراهيدي المتوفي في سنة 170 هجري، وذكره في معجمه (المعنى) حيث أشار إلى أن (المعنى) أمر مطلق من قيد اللغة? وجعله عاماً نبحث عنه في الأشياء حين نريد معرفة ما له صلة بجوهرها وصورتها التي تبتدي فيها، وقال معرفاً المعنى: (معنى كل شيء: محنته? وحاله الذي يصير إليه أمره)? وذكر أن البحث عن تصور للمعنى يقودنا إلى معرفة العلاقة بين الإدراك والصورة الذهنية? وذلك للصلة الوشيجة بين إدراك الأشياء وتصورها في ذهن الإنسان? وهو يعد مدخلاً رئيساً لفهم المعنى... وفي ما بعد أتت الدراسات الغربية من أرسطو وغيره في المنحى نفسه بالنسبة للصورة الذهنية.لذلك? لو أخذنا ما يثار حول الصورة الذهنية وعلاقتها بالمعنى، وإدراك الإنسان للأشياء من حوله، لوجدنا الانطباعات والتصورات تختلف من فرد وآخر، كل حسب ثقافته وعلمه وخبرته يكون صورة ذهنية معينة.ننظر إلى مسألة الاختلاف بين أصحاب الفكر/ المعرفة المسلحة بالخبرة وحسن البصيرة، وبين الإنسان البسيط (عامة الشعب) على أنها مسألة جدلية? وهي كذلك لكن حقيقة المعنى تبقى مرتبطة بالصورة الذهنية، وإدراك الأشياء التي يراد لها أن ترسم في عقول السواد الأعظم.لا يمكن أن تدرك حقيقة الفساد إلا إذا كنت ملماً بالمعنى ومحنته، وحالته التي يصير إليها أمره? فالمعنى للأشياء (الفساد? سوء الخدمات? تدني مستوى المعيشة? وسوء مستوى التعليم... إلخ) إنما أتت من الإدراك والصورة الذهنية لها عبر مشاهدات فعلية ملموسة.فمن يرسم لنا الصورة الذهنية، التي تأتي من الإدراك لتحقق المعنى لواقع الأشياء التي نعيشها من حولنا؟أعتقد أن القيادات والإدارة المسؤولة عن الأشياء - التي ذكرناه أعلاه - هي من أفسدت معنى مفهوم حياة الرفاه وحاولت - ربما من غير وعي وإدراك - تصوير الأشياء خلاف حقيقتها.إنها علاقة فلسفية تديرها أدوات إعلامية كثير منها من لا تملك معرفة/ خبرة ورشد، وهي ما أطلقنا عليها «السطحية» كونها لا تفهم معنى الأشياء... بينما أصحاب الخبرة والعلم والمعرفة (الثقافة) يحاولون قدر المستطاع بسط الحقائق من خلال ممارسات يعيشها الجميع على أرض الواقع، لتحقيق (الإدراك والصورة الذهنية)، كما ينبغي لرسم المعاني الحقيقية.
الزبدة:كيف نستطيع تحقيق المعنى، مما آلت إليه أمور التعليم السيئ وتدني الخدمات الصحية وتفشي الفساد...إلخ؟كيف نوصل حقيقة المعاني لأصحاب القرار المعنيين بالعملية الإصلاحية? مكافحة الفساد? تطوير التعليم? الارتقاء بالخدمات الصحية وغيرها، من القضايا التي تشكل عائقاً بيننا وبين حياة الرفاه؟نحتاج بطانة صالحة... قيادات من الكفاءات تنقل الصورة الذهنية والإدراك للأشياء على واقعها، حسب ما يراها المواطن البسيط لا تلك المجاميع التي نسجت صوراً من الخيال المخالف للواقع، مما نتج عنه فهم خاطئ للمعاني غير الصحيحة للأشياء، فلو بحثت في البطانة (الحاشية) المحيطة بأصحاب القرار لوجدتها أقرب إلى ما يوصف بـ«المتسلقة»... مجموعة لا تريد الصلاح للبلاد والعباد، وتدفع بالأمور لصالحها فقط، وهو السبب في استمرار حالة «التحلطم» التي باتت سمة من سمات المجتمع الكويتي.إذاً? فزبدة «الزبدة» تقول إنه متى ما اقتنع أصحاب القرار بقول «مزمار الحي يطرب»، فحينئذ ستفهم معاني الأشياء على حقيقتها ومن ثم يتحقق الإصلاح المبتغى... الله المستعان.
terki.alazmi@gmail.com Twitter: @Terki_ALazmi