قبل سنوات عدة مضت وفي بداية عهدي مع الكتابة في جريدة «الراي» كتبت: «إننا نطالب بحل قضية البدون نظراً لما تعانيه هذه الفئة من سوء لأوضاعها وضبابية لمستقبلها، ولما يمكن أن تكون لهذه القضية من تبعات سلبية على مستقبل الوطن وأمنه واستقراره، إذا ما استمر الحال على ما هو عليه...»، ولا أجد الآن أو في المستقبل القريب أو بعد سنوات عديدة مقبلة أكثر مما ذكرت عن هذه القضية، وما علينا سوى أن نتفرج على سوء إدارة الحكومة لهذا الملف، كما هو الحال مع غيره، والله المستعان!قضية البدون أضحت بالنسبة لي كمباراة كرة القدم. مباراة تقام بين فريقين من البدون، أحدهما فريق قوي ويهاجم بشدة إيماناً منه بأحقيته في الحصول على الجنسية الكويتية والمواطنة، التي كفلها له الدستور والقانون، وفريق آخر ضعيف تعمد إخفاء مستنداته الثبوتية لعل وعسى أن يحصل على الجنسية الكويتية، والتمتع بمزاياها التي لا يوجد لها نظير من قريب أو بعيد.المواطن هو الحكم في هذا اللعبة. حكم يفتقد الخبرة والمعرفة في كيفية إدارة المباراة، كيف لا وهو الذي أخفي عنه عن عمد ومن دون سبب معروف أسرار اللعبة وخفاياها! حكم لا قرار ولا سلطة له سوى محاولة الحصول على الحقيقة الغائبة والضائعة عن النتيجة، التي لا بد لها أن تكون في نهاية هذه المباراة. أما الحكومة فهي المتفرج على هذه اللعبة ومن خلف شاشات التلفاز. تجلس بكل أريحية وبيدها «الريموت كنترول»، ولا ننسى ما بجوارها من مشروبات غازية ومكسرات وغيرها من أجل المتعة المطلقة، تصحبها ابتسامة عريضة لأنها الوحيدة في العالم التي تشاهد مباراة، وهي تعلم نتيجتها وما ستنتهي عليه الأمور وبيدها تغييرها متى ما شاءت!مع انطلاقة كل لعبة، وبينما يدافع الفريق الضعيف متشبثاً بشعرة أمل، حتى ولو بتحقيق التعادل حتى يستمر الوضع على ما هو عليه، يحاول الفريق القوي الهجوم للحصول على حقوقه وتحقيق أهدافه، ويسعى أحياناً الحكم لمساعدته إيماناً منه بأحقيته في الفوز والظفر بما يستحق. ولكن مع اقتراب كل هجمة في تحقيق الهدف، تمسك الحكومة «الريموت كنترول» بيدها وتغلق التلفاز، حتى تمنع عن عمد حدوث الهدف.الحكومة كلما ملت أو ربما رغبت في التسلية أمسكت بـ«الريموت كنترول» وفتحت التلفاز لتستمتع بمشاهدة هذه المباراة التي قررت هي أن تكون فيها المشاهد الأوحد. ولا ننسى أن الحكومة كلما شعرت بالازعاج ممن حولها أو أرادت أن تلفت انتباه الآخرين عن شيء بعيد جداً عن ما هي تريد، فإنها ستستنجد سريعاً بـ«الريموت كنترول» لإلهاء الغير بالمباراة، فإذا حققت الحكومة أهدافها، ستمسك مره أخرى، بـ«الريموت» لتغلق التلفاز حتى إشعار آخر.الشاهد، أن هذه اللعبة وهذه الطريقة أعجبت الحكومة، حتى تعمدت عن قصد أن تعيد استعمال «الريموت» أكثر من مرة، حتى تعب كل من في الملعب من الفريقين والحكم، حيث كانت وما زالت، وستستمر النتيجة تعادلا سلبيا مطلقا بفعل فاعل معروف، وما أتعبهم أكثر أن المشاهد الوحيد في هذه المباراة هو الحكومة، وهي تجلس مرتاحة خلف شاشات التلفاز، والله من وراء القصد!