ألقت الأزمة المتفاقمة بين إدارة جامعة الكويت وأعضاء هيئة التدريس بظلالها على المشهد الأكاديمي، في ظل ما شهدته من تصريحات لرئيس هيئة أعضاء جمعية التدريس، اتهم فيها الإدارة بالتعامل معهم بشكل لا يليق بما يملكونه من علم وخبرة ومنزلة اجتماعية.«الراي» استطلعت تعريف بعض الأساتذة للبيئات الطاردة والجاذبة للعمل الجامعي في الكويت، حيث رأى بعضهم أن التعليم الجامعي لا يعتبر طارداً بحد ذاته، وإنما الأمر يتعلق بإدارة الجامعة التي تدفع عضو هيئة التدريس إلى البقاء أو الرحيل، في حين اعتبر البعض الآخر أن عوامل الجذب في جامعات الدول الأخرى أكثر من الموجودة في الكويت، وعليه سيبحث المدرس عن بيئة يتقاضى فيها أجراً يتناسب مع جهده المبذول ويشعر فيها بالتقدير والراحة.البداية كانت مع رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس الدكتور إبراهيم الحمود، الذي عقد مؤتمرا صحافياً قبل أسابيع، وقاد اعتصاماً أمام مبنى مكتب الجامعة، بيّن خلالهما برفقة جمع من الأساتذة، مواطن الوجع الذي يعانيه هؤلاء، من انتقاص حقوق ومعاملة غير لائقة. فقال لـ«الراي» إن «التعليم الجامعي لا يعد طارداً، هو مهنة يقبل عليها أعضاء هيئة التدريس والبحث العلمي، وهم على أتم الاستعداد لخوض غمار هذه المغامرة، ولكن طريقة تعامل الإدارة الجامعة معهم يمكن تسميتها بالطاردة، فعلى الأخيرة أن ترتقي بالتعليم وتصعد بالجامعة لمصاف الجامعات المصنفة على مستويات عالمية، ما ينعكس على عضو هيئة التدريس ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بأدائه».وأضاف الحمود «عندما عملنا في الجامعة كان راتب عضو هيئة التدريس 800 دينار، ولم يلتفت للأمر لأنه يحب مهنته ويعرف قيمتها، لكن الدور على الدولة والإدارة الجامعية برفع قدر الجامعة وزيادة مكانة المعلم المادية والمعنوية». ولفت إلى أن «المعاملة القاسية التي يتلقاها بعض أعضاء هيئة التدريس تدفعهم لقبول فرص عمل في الخارج وهجر التعليم في جامعة الكويت، ما يذهب بنخبنا العلمية لمصلحة مؤسسات تعليمية أخرى».من جهته، أكد أستاذ علم النفس في جامعة الكويت خضر البارون أن البدائل التي تشد عضو هيئة التدريس لهجر التعليم في جامعة الكويت والاتجاه لأماكن أخرى كثيرة، مبينا أن «الأمر ليس مقتصرا على الجامعات التي تعطي رواتب تفوق راتب عضو هيئة التدريس في جامعة الكويت، بل بعض الشركات تجذب المدرس للعمل لديها براتب أفضل إذا كان يملك مهارات معينة».وبين البارون أن العمل لساعات متأخرة لتحقيق الإنجاز لا يتساوى مع الأجر الذي يتلقاه الأستاذ الجامعي، لافتا إلى أن «الأمر ليس وقفا على الراتب، بل القوانين التي تضعها الجامعة لمختلف الأمور، والميزانية البسيطة التي ترصد للبحث العلمي، ناهيك بالنظام العقيم الروتيني الممل الذي يمر به المعلم لإنجازه بحثا علميا».وفي ما يتعلق بالمهمات العلمية، أوضح البارون أن «الأمر قد يصل إلى حد أن تقول لك الإدارة الجامعة اذهب على حسابك ونعطيك المبلغ لاحقاً، ذلك أن اللوائح الموجودة اليوم عفى عنها الزمن وبحاجة لتحديث ولا بد أن تواكب سرعة الزمن». ولفت إلى أنه شهد حالات لمعلمين من كليات أخرى وجدوا فرصاً أفضل في التعليم الجامعي واتجهوا إليها، مبيناً أن الأسباب كانت أن الأماكن منتجة وتساعد على إنجاز الأبحاث والتقدم وممارسة العمل براحة.من جهتها، أكدت أستاذة علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية في الجامعة الدكتورة أمثال الحويلة أن بيئة العمل الجامعي في الكويت أصبحت لا شك طاردة، مبينة أن الأسباب متعددة وكثيرة. ورأت أن «أعداد الطلبة الكثيرة وتوزيع الشعب وقاعات المحاضرات تعد عاملا مهما من عوامل الطرد في جامعة الكويت، فالسعة المكانية لا تتناسب مع عدد الأفراد»، مشددة على أن عدد بعثات الطلبة وأعضاء هيئة التدريس يجب أن تزداد.ووصفت الحويلة جميع حلول الجامعة للمشاكل التي تواجهها بالترقيعية والوقتية وليست مبنية على تخطيط مسبق، مشيرة إلى أن «المقررات يجب أن توزع بناء على عدد الطلبة والخريجين، فالكثير من الخريجين يتوقف تخرجهم بسبب هذه الأزمة». وتكمن أهمية المعلومات التي تقدم للطالب بالنوع وليس بالكم، بحسب الحويلة، التي أكدت أن عدد الطلبة القليل في الشعب يساهم بإنصافهم وتوزيع الفائدة والأنشطة بينهم بعدالة.
عوامل سلبية
أعمال الطرق
رأت الدكتورة أمثال الحويلة إن عوامل الطرد ليست داخل أسوار الجامعة فقط، بل تلتف حولها أيضاً، واصفة أعمال الطرق المحيطة بالجامعة بالعامل الأول والرئيسي لتأخير الطلبة والأساتذة على حد سواء.
ميزات خارجية جاذبة
قالت الحويلة إن «زيادة المقررات المالية ودعم الأبحاث العلمية واعطاء أعضاء هيئة التدريس رواتب تساوي الجهد المبذول من قبلهم تشكل حافزا مهما وعامل جذب للعمل في بيئة التعليم الجامعي الكويتي». وذكرت أن عددا لا بأس به من زميلاتها ذهبن في تجارب تبادل في جامعات أخرى وقررن اغتنام الفرصة للعمل هناك عندما وجدن الوضع أفضل حالاً مما هو عليه في جامعة الكويت.
أستاذ مقيّد
من الأمور التي تنغص على عضو هيئة التدريس مهنته، بحسب الدكتور خضر البارون، أنه ليس للأستاذ الحق باختيار المادة الإضافية التي يقوم بتدريسها ولا يملك حرية الاختيار في هذا الأمر.