إنها «ليلة العندليب» عبد الحليم حافظ، التي احتضنها المسرح الوطني في مركز الشيخ جابرالأحمد الثقافي، احتفاء بالفتى الأسمر «الموعود بالعذاب»، أحد عمالقة الغناء الذي امتدت شعبيته من مصر إلى جميع الدول العربية، وبقيت أغنياته تطرب أجيالًا أتت بعد رحيله المبكر في العام 1977.مساء الأربعاء الفائت، أعادت الأمسية للجمهور أجواء الرومانسية التي سادت الأعمال الفنية في تلك المرحلة، وشكلت وعي الجمهور حول معاني الحب والانتماء إلى الوطن. وانقسمت الأمسية إلى جزءين، الأول قدمه أحمد عفت ومحمد المطيري، وفي الثاني غنّى محمد الحلو، وقدم «دويتو» إلى جانب المطيري.نال عبدالحليم حافظ لقب «العندليب الأسمر» بفضل أغنياته التي أسرت قلوب الجماهير، وكانت ثمرة تعاونه مع نخبة من كبار الشعراء والملحنين في العالم العربي.في الجزء الأول من الحفل، كانت البداية مع أغنية «جبار» التي «أجبرت» الجمهور طوعاً على التصفيق لمدة طويلة، وهي من كلمات حسين السيد وتلحين محمد الموجي وقام بغنائها أحمد عفت الذي أبدع في غنائها بصوته الشجن وبقيادة المايسترو عماد عاشور.بعدها قدم عفت «أبوعيون جريئة»، أو كما يعرفها كثيرون بعنوان «قولوله الحقيقة»، والتي ظهرت كأول أغنية في فيلم «شارع الحب» من بطولة عبدالحليم والمطربة صباح. ثم قدم «زي الهوا»، وهي الأغنية التي غناها عبدالحليم حافظ في حفل «شم النسيم» في أبريل 1970، وكانت بداية تقديمه للأغاني العاطفية الدرامية الطويلة. واستوحى الشاعر محمد حمزة كلمات الأغنية من قصة حقيقية في حياة «العندليب».وانتهى الجزء الأول من الحفل بتقديم المطرب محمد المطيري لأغنية «قارئة الفنجان»، وهي قصيدة للشاعر السوري نزار قباني، قرأها حافظ وأعجبته واتصل بنزار طالباً أن يغنيها مع تغيير بعض كلماتها، لكن الشاعر رفض طلب حليم، وبعد إصرار الأخير، وافق صاحب الكلمات وغيّرالكلمات المطلوبة لتصبح الأغنية واحدة من أشهر أغنيات عبدالحليم، واستغرق محمد الموجي في تلحينها عامين.وبعد استراحة قصيرة، بدأ الجزء الثاني من الحفل بأغنية «توبة»، التي قام بغنائها الفنان محمد الحلو بصوته العذب. وكانت الأغنية التي كتبها الشاعر عبدالرحمن الأبنودي ولحنها بليغ حمدي، قد حققت نجاحاً كبيرا منذ قدمها «العندليب الأسمر» في المرة الأولى على مسرح سينما الهمبرا بالإسكندرية.كما قدم الحلو أغنيات «الليالي» و«بتلوموني ليه» و«جانا الهوى»، قبل أن يختتم أغنياته بـ«سواح».واختتم الحفل بأغنية «ياهلي»، أداها «دويتو» الحلو مع المطيري. والأغنية قدمها عبدالحليم حافظ خلال إحدى زياراته للكويت، وهي من كلمات وليد جعفر وتلحين عبدالحميد السيد الذي يعد واحداً من أعمدة التلحين في الكويت، وسجلها عبدالحليم مرتدياً الدشداشة والغترة في جلسة سمر كويتية. حليم قدم خلال مسيرته 120 أغنية عاطفية و56 أغنية وطنية و16 فيلماً. وللفنان بطولة إذاعية وحيدة في المسلسل الإذاعي «أرجوك لا تفهمني بسرعة» مع نجلاء فتحي. ولم يقدم حليم أي أعمال درامية على خشبة المسرح أو شاشة التلفزيون.واستمرت مسيرته الفنية نحو ربع قرن، منذ بزغ نجمه في العام 1953 حتى وفاته في العام 1977، أثرى خلالها تاريخ الموسيقى والفن في الوطن العربي بباقة غنية من الإبداعات والأعمال الفنية، وصدح بصوته العذب في معظم البلدان العربية، وعلى المسارح الكبرى في أوروبا، من بينها قاعة «رويال ألبرت» الشهيرة في لندن، والتي حظي فيها بأحد أعظم الاستقبالات الجماهيرية في مسيرته الفنية.