كما هو عهده في الصراحة والشفافية والمكاشفة، فتح وزير التربية وزير التعليم الأسبق الدكتور بدر العيسى بعض الملفات التربوية المهمة لـ«الراي»، مؤكداً «وجود أكوام من الشهادات المزورة في المدارس الخاصة، سواء على مستوى الطلبة أو المعلمين، وقمت بإحالة محاسبين ومهندسين وإداريين كانوا يعملون في الهيئة التعليمية إلى التحقيق، إضافة إلى إحالة أعداد كبيرة من الطلبة الحاصلين على شهادات ثانوية مزورة إلى النيابة». وشدد العيسى على «ضرورة تشكيل لجان غربلة في الجهات الحكومية كافة، للتدقيق على شهادات موظفيها وتحديد أعداد الشهادات المشبوهة، إذ كلما تأخرنا في الحل تضخمت المشكلة»، مبيناً أن المنطق يقول «في كل فساد هناك أياد متنفذة وإن كنا لا نستطيع تحديدها». وانتقد حالة الصمت التي تعيشها وزارة التربية، مؤكداً أنه لا يخدمها في شيء، فالتعليم ليس قاصراً عليها ويجب أن يعرف الناس الحقيقة، موضحاً في الوقت نفسه أن قيادييها ليس لديهم صورة واضحة عن المشاريع الملغاة والمتوقفة.ورأى انه حين يتم تسييس العملية التعليمية يكون الخاسر الأكبر الطلبة والأسر والعاملون في هذا الحقل، مشيراً إلى أن التعليم مؤسسة تدخل كل بيت، وهذا ينعكس على أداء المسؤول الذي يراعي ضميره في العمل، كما حدث في منهج الكفايات، حيث ضغط الأهالي ثم ضغط النواب فكان الإلغاء من دون فهم أو تقييم.وبشأن الموقف الذي عاشه بين نائبين عندما كان وزيراً للتربية كلاهما هدد باستجوابه في موضوع واحد، قال العيسى إن «هذه الحادثة كانت بخصوص تقرير اللجنة التعليمية في شأن بعض الشؤون في «التطبيقي»، فكان النائب الأول مع والآخر ضد، وأنا كنت في المنتصف ولكن رغم المصالح الانتخابية استطعنا الاستقرار بالوضع، وهذا ما يدفعنا إلى ضرورة التأكيد على النأي بالتعليم عن الأمور السياسية». وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:

• بداية من حيث انتهيت إلى التشاؤم في مشروع رخصة المعلم. ما سبب هذا التشاؤم ولماذا تأخرت الرخصة؟- تشاؤمي هو ذاته أسباب التأخير، ورخصة المعلم مسار من مسارات عدة لتطوير التعليم لا يمكن تجزئتها أو تأجيل إحداها عن الأخرى، وعندما أوقف العمل في مشروع البرنامج المتكامل لتطوير التعليم، كان لا بد أن تقف رخصة المعلم. والتشاؤم الذي ينتابني قائم على عدة مسببات أولها عدم استقلالية المركز الوطني لتطوير التعليم الذي يلعب الدور الرئيسي في عملية التطوير، وكان البنك الدولي يعتمد عليه أكثر من اعتماده على قياديي وزارة التربية. لذلك طالبنا آنذاك باستقلاله مادياً وإدارياً، ولكن للأسف لم نحصل على الموافقة بسبب روتين الحكومة.• أثار البعض في الحلقة النقاشية التي عقدتها الجمعية النسائية عن رخصة المعلم، أنها ربما تضع نصف أعداد المعلمين خارج أسوار التربية، هل هذا صحيح؟- لا أعرف، ولكن هناك حلول عدة طرحت، ومنها تطبيق الرخصة على المعلمين الجدد ثم التطبيق في المرحلة الإبتدائية، وهذا الرقم بالطبع سوف يتضاءل إن كان صحيحاً.• هناك مشاريع إستراتيجية لوزارة التربية وضعت لبناتها في العهود السابقة وقطعتم بها شوطاً ثم ألغيت، ما سبب الإلغاء؟- أتفق معك، وأستغرب وأجهل الأسباب التي أدت إلى إلغاء هذه المشاريع، وكان من المفترض أن يصدر تصريح من الوزارة حول مبررات الإلغاء، إذ يجب أن يعرف الناس الحقيقة، فقد تكون هناك أسباب وجيهة رغم ان هذا التوقف يكلف الدولة ملايين الدنانير.• لماذا لا توجد استراتيجية ثابتة للوزارة تلزم الوزراء المتعاقبين على تنفيذها؟- هذه المشكلة ليست في وزارة التربية وحدها وإنما جميع الوزارات، كل إدارة جديدة تغير في المشاريع والإستراتيجيات، ولذلك نلاحظ عدم وجود استراتيجية ثابتة لوزارة التربية يسير عليها الوزير، وقد طلبنا سابقاً بأن تكون للمجلس الأعلى للتعليم السلطة في اتخاذ القرار وألا تكون سلطته استشارية فقط، وأن يكون صاحب اليد العليا في وضع الاستراتيجيات التي لا يستطيع الوزير تغييرها، ولكن للاسف المجلس الحالي استشاري فقط وجودة وعدم وجوده سواء.• هل نوقش الموضوع في مجلس الوزراء؟- نعم ومرّ باللجان ولم يتم الاتفاق عليه.• ملف الشهادات المزورة، هل تم تضخيمه أم أن الخافي فيه أعظم؟ وهل هناك أصابع تربوية متنفذة في الموضوع؟- كثر الحديث عن هذا الملف، وهو كأي مشكلة أخرى كلما تأخرنا بإجراءات الحل والمواجهة لها تضخمت، ونرى تلك الأعداد الكبيرة التي حصلت على الشهادات بطرق مشبوهة وفي كل وزارة أو مؤسسة حكومية، وحتى في القطاع الخاص لا بد من وجود موظفين شهاداتهم مشبوهة. لذلك يفترض من كل جهة تشكيل لجان لغربلة هذه الشهادات لمعرفة حجمها، ونحن لا نعرف العدد الحقيقي للشهادات إلا تلك التي في وزارة التعليم العالي أو الهيئة العامة للتطبيقي. أما بقية الجهات الحكومية فلا نعرف عنها شيئاً، لذلك يجب أن تتم الغربلة والعدد كبير لم يضخم من باب المبالغة، أما وجود أصابع تربوية متنفذة فبالتأكيد المنطق يقول إنه في أي فساد لا بد من وجود متنفذين.• هل تعتقد بوجود شهادات مزورة في صفوف المعلمين العاملين في المدارس الخاصة؟- أكوام من الشهادات المزورة في المدارس الأهلية، ومنهم ليسوا خريجي كليات التربية، وإنما محاسبون ومهندسون ومتخصصون في الشؤون الإدارية.• حين كنت وزيراً للتربية هل رصدتم تلك الحالات؟- نعم قمنا بإحالة محاسبين وإداريين إلى التحقيق بعد التأكد من عملهم معلمين في بعض المدارس.• بين نار النواب والبرد الذي ينشده كل وزير، هل تخسر وزارة التربية؟ وأين تكون الخسارة؟- حين يتم تسييس العملية التعليمية يكون الخاسر الأكبر الطلبة والأسر والعاملون في هذا الحقل، فهي المؤسسة التي تدخل كل بيت، وهذا ينعكس على أداء المسؤول الذي يراعي ضميره في العمل، كما حدث في منهج الكفايات، ضغط الأهالي ثم ضغط النواب فكان الإلغاء بدون فهم أو تقييم.• أنت شخصياً وقفت بين نائبين عندما كنت وزيراً للتربية كلاهما هدد بإستجوابك في موضوع واحد. ما تعليقك على هذه الظاهرة؟هذه الحادثة كانت بخصوص تقرير اللجنة التعليمية في شأن بعض الشؤون في «التطبيقي» فكان النائب الأول مع والآخر ضد، وأنا كنت في المنتصف، ولكن رغم المصالح الانتخابية استطعنا الاستقرار بالوضع وهذا ما يدفعنا إلى ضرورة التأكيد على النأي بالتعليم عن الأمور السياسية.• الشهادات المزورة طالت حتى طلبة الثانوية. وبعض مديري مدارس يمنحون الهواتف في الاختبارات لأبناء قياديين ووزراء، فما تعليقك؟- نعم هناك تزوير في شهادات الثانوية، وقد أحلنا أعداداً كبيرة من الطلبة المزورين إلى النيابة، ولا سيما من الحاصلين عليها من خارج الكويت. وظاهرة تسريب الاختبارات سواء من القياديين أو المعلمين انتشرت في الآونة الأخيرة في عدد قليل في المدارس الحكومية وبعض المدارس الاهلية، وإجراءات الوزارة الأخيرة ربما حدت منها. ولكن إلى أي مدى يمكن أن تصمد وزارة التربية؟ لا نعرف. وعادة من يضع يده في الفساد يكون متنفذا وضغطه أكبر، أما قيام مديري مدارس بمنح الطلبة الهواتف فهذا ما قصدناه، واتذكر في آخر شهر في عهدي طلبت الإجراء في التعامل معهم وقد تم رصد مديري مدارس أحلناهم إلى التحقيق وطالبنا بتدويرهم ولم نتمكن من إقالتهم بسبب إجراءات الخدمة المدنية.• طلبت مقابل تدريس اللغة الفرنسية في الصف السابع تدريس العربية في المدارس الفرنسية، فالتزمت فرنسا، وخالفت «التربية» ما تعليقك؟- حين عرضت الحكومة الفرنسية من خلال السفارة تدريس اللغة الفرنسية في الصف السابع اشترطنا تدريس العربية أيضاً في المدارس الفرنسية، وتم الاتفاق على هذا الأمر، ولكن شفوياً، وفعلاً قاموا بتدريس العربية وخالفت التربية من دون معرفة الأسباب وقد حزنت كثيراً لهذا الإلغاء.• هل صحيح أن جامعة الكويت طلبت 110 ملايين للانتقال إلى الشدادية؟- سمعت هذه المعلومة ولا أعلم مدى صحتها، ولكن المبلغ مبالغ فيه إذ يكفي لإنشاء جامعة متكاملة أو كلية طب مجهزة بالكامل، وكنت من المعارضين لانتقال جامعة الكويت، بل يجب أن تكون هناك جامعة حكومية أخرى في صباح السالم «الشدادية» لا تدخلها مشكلات جامعة الكويت وطلبت أن يطعم مجلس إدارتها بخبرات خارجية.• لماذا يطالبون بالانتقال؟- حسب مبرراتهم أنهم اشتركوا في التصميم والعمل، ومن المفترض أن تخصص لهم وفق وجهة نظرهم، ولكن هذا عذر غير مقنع.• رغم صدور حكم المحكمة في شأن قانون منع الاختلاط، لا تزال الجامعة مصرة على الفصل وإنشاء حرمين في جامعة الشدادية، فما السبب؟- الحكم الذي صدر أن تكون الحالة كما كانت، الطلاب والطالبات في فصل واحد، ولكن كل واحد في ناحية، وكان يفترض بعد هذا أن يكون هناك سبب أو دافع لحصول تعليم مشترك، ولكن للأسف الأسباب سياسية في هذا. • هناك سور من الصمت يحيط الآن وزارة التربية في ظل تدهور الوضع التربوي، لمصلحة من؟- الصمت في وزارة التربية لا يخدم أحداً بل يضر الجميع. والوضوح والشفافية مطلب أساسي لنعرف أين نقف، تماماً كما حدث أثناء توقف البرنامج المتكامل، كان يفترض صدور بيان من الوزارة، إذ إن عملية تطوير التعليم ليست قاصرة عليها، وإنما هي مثلث متساوي الأضلاع «المجتمع ومؤسساته -الأسرة -الوزارة» التي هي المسؤول الأول والأساسي.

من اللقاء

«الكفايات» ألغي بضغط الأهالي

ذكر وزير التربية الاسبق الدكتور بدر العيسى أن منهج الكفايات أحد مسارات تطوير التعليم، وحين توقف العمل مع البنك الدولي من الطبيعي أن يتوقف، والآن علق المنهج وفي طريقه إلى الإلغاء، وهذا الإلغاء جاء بضغط الأهالي الذين لم يعرفوا المنهج جيداً، ويمكن حتى بعض المعلمين لم يفهموه، رغم ان المنهج باختصار يلغي مشكلة الحفظ لدى الطالب ويوجهه نحو الفهم والنقاش الحر.

دراسات البنك الدولي هدر مالي

بين الوزير العيسى أن هناك 4 دراسات للبنك الدولي دفعت الوزارة ثمنها بالملايين ثم ألغيت، وهناك غيرها كثير توقفت وظلت حبيسة الأدراج، مشيراً إلى أن ذلك بالطبع هدر مالي وتبديد للجهد البشري يعود بالوزارة إلى نقطة الصفر.

قيادات «التربية» تتصدرالمسؤولين عن الإخفاقات

أشار العيسى إلى تعرض التعليم في الكويت إلى ضربات موجعة خلال الفترة الأخيرة، بدءاً بالشهادات المزورة، مروراً بموجة الغش، وانتهاء بظاهرة إلغاء المشاريع وغياب الاستراتيجيات. وأضاف: للتاريخ، وكوزير تربية سابق شهد هذه الفترة وأمين على نقل الحقيقة للمجتمع، أرى أن الجميع مسؤولون عن جميع هذه الإخفاقات، ولكن المسؤول الأكبر وزارة التربية بالطبع، لأنها من تضع البرامج والمشاريع، إضافة إلى الأسر التي يرفض بعضها المشاريع لمجرد عدم الفهم او الوضوح.

القيادي والمجازفة بوظيفته

في رده عن سؤال إن كان هناك فساد في صفوف بعض قياديي الوزارة بتعاملهم المرن المجامل مع بعض مديري المدارس غير المؤتمنين الذين شوهوا وجه التعليم بظاهرة الغش، قال العيسى إنه يفترض أن لا مكان للمجاملات في هذا الملف، إذ كيف أعرض نفسي كقيادي إلى المجازفة بفقد وظيفتي إن لم يكن هناك مردود يدفعني إلى الجزم بهذا العمل.

«الراي»... واحة النقاش

في كلمته الاخيرة، أشاد العيسى بجريدة «الراي» التي قال إنها لم تترك في الساحة التربوية شيئاً إلا وطرحته للنقاش، «شكراً لكم ولكن أردت أن أختم بأنه حتى في هذه الصراحة والشفافية سنجد هناك من يرفضها وربما ينتقدها».