على الرغم من كل ما تبذله الدولة بمؤسساتها المعنية، للقضاء على ظاهرة إدمان المخدرات ومحاصرتها، فإن هناك معوقات كبيرة تقف في هذا الطريق، يبرز في مقدمها أهالي المدمنين أنفسهم الذين يعيشون حالة إنكار، ويرفضون الاعتراف بإدمان أبنائهم، أو أنهم يرون أن الأمر لم يصل إلى مرحلة يمكن أن يقبلوا فيها إطلاق اسم «مدمن» على أبنائهم، وفي أفضل الحالات يطلبون المساعدة لإنقاذ أبنائهم من بعيد ومن دون تدخل للجهات ذات الصلة بالقضية.«الراي» تفتح هذا الملف، للتعرف على الصعوبات التي تواجه بعض المعنيين في علاج الادمان، وجهود وزارة الصحة للتوعية بمخاطر المخدرات، ومجابهة إساءة استعمال العقاقير الطبية، ومنع تسرب أدوية المخدرات والمؤثرات العقلية، ووصولها إلى المتعاطي أو تجار المخدرات. وفي هذا السياق، كشفت رئيسة قسم الخدمة الاجتماعية في مركز علاج الادمان هنادي أشكناني عن زيادة ملفات علاج الادمان في المركز، بالتزامن مع انخفاض معدلات المدمنين والتي باتت تتراوح بين 19 الى 23 عاماً، مقارنة بما كان عليه الحال في العام 2012، مشيرة إلى أن حالات التعافي بازدياد في المقابل. وأكدت أشكناني لـ«الراي» ان «حالة الانكار للمدمنين وبعض أسرهم، تشكل أكبر صعوبة تواجهنا، مع صعوبة إقناع الشخص وأهله بأنه وصل الى مرحلة الادمان، جراء تناوله مخدراً أو إساءة استخدامه دواء معيناً وحاجته الى السيطرة والعلاج». وعرّفت الادمان بأنه «تناول أي مادة مغيّرة للمزاج والتعود عليها، سواء كانت انواع من المخدرات أو الخمور أو العقاقير الطبية»، لافتة الى أن المركز يستقبل طلبة المدارس للتوعية بمخاطر الادمان وسوء استعمال الادوية، بالتعاون مع بعض الجهات المعنية الاخرى كإدارة تفتيش الادوية ووزارتي الشباب والاوقاف. وأوضحت أن «حالات الدخول للمركز تتنوع بين دخول طوعي للمريض، أو عن طريق شكوى الادمان من نيابة المخدرات والخمور من دون قضية، بهدف إحضار المريض من البيت للعلاج، لانه يرفض الحضور طوعاً، أو إيداع للمريض في حال أن عليه قضية مخدرات». وأشارت إلى أن مراحل العلاج تتضمن مرحلة الأعراض الانسحابية وهي سحب السموم من الجسم، ومن ثم مرحلة التأهيل الأولية، والتأهيل المتقدم الذي يكون بالمركز والذي يعقبه منزل منتصف الطريق، كما يوجد أيضاً برنامج الرعاية المستمرة ويتضمن مداومة المريض في المركز بالفترة الصباحية، وهناك العيادة المستمرة وتتضمن مداومة المريض بالفترة الصباحية يومياً، وهناك برنامج العيادة الخارجية ويراجع فيها المريض يومين بالاسبوع للقيام بعمل فحص المخدرات، وجلسة مع الاخصائي النفسي أو الاجتماعي إذا ما كان هناك مشكلة اجتماعية يعاني منها.وضربت أشكناني مثالاً على انخفاض معدلات أعمار المدمنين، «بحالة طفل عمره 13 عاماً جاء والده يشتكى من تعاطيه مادة الكيميكال ومخدر الحشيش، ولم أصدق حديثه، إلا بعد أن عرض أمامي مقطع فيديو، وهو يتعاطى بتباهٍ المواد المخدرة، وحينها نصحته بالذهاب الى مركز المنارة في الطب النفسي لأننا في مركز علاج الادمان لا نستقبل مثل تلك الاعمار الصغيرة».من جانبه، قال مرشد الخط الساخن فيصل الفيلكاوي في مركز علاج الادمان إن «أهالي المرضى المدمنين عند اتصالهم بنا يريدون حلاً سريعاً وفورياً ومن غير تدخل، وهو أمر من الصعوبة بمكان، أن تريد حلاً ولا تريدنا أن نتدخل».وأوضح الفيلكاوي ان «أيام العطلة الرسمية والأعياد وساعات الفجر أكثر الأوقات التي نتلقى فيها شكاوى من بعض أولياء الامور عن نوبات هياج للمدمنين من ذويهم، ونصيحتنا لهم بالذهاب للمخفر، لتجنب ان يؤذي الشخص المدمن نفسه أو أحداً من أهله لأن نوبات الهياج في معظمها عدوانية، لا سيما إن كان المريض مدمناً على مواد مثل الشبو أو الكيميكال»، مشيراً الى ان المركز لا يستقبل الحالات في الاجازات والعطل الرسمية.وحذر الفليكاوي من مشكلة تمكين بعض الاهالي لأبنائهم من استمرار الوقوع في براثن الادمان، بإعطائه مصروفات للترفيه أو السفر شرط ألا يتعاطى أو غير ذلك من الاشياء التي تمكن المدمن من الاستمرار في التعاطي. ورأى ان «الاشكالية التى تواجهنا أن الاهالي يريدونا أن نتعامل بنفس طريقتهم مع الشخص المدمن، وهذا بالطبع أمر غير صحيح، كما ان الاشكالية للغالبية من اولياء الامور إنكار وقوع ابنائهم في مشكلة الادمان». ودعا الفليكاوي الاهالي للمبادرة والاتصال بالخط الساخن في مركز علاج الادمان 94928282 لتقديم الحلول العلمية والصحيحة لانتشال ذويهم من آفة الادمان وإعطائهم فرصه لأن يكونوا اعضاء فعالين بالمجتمع.من جهتها، قالت المستشارة القانونية في المنظمة العالمية لحماية الطفل آلاء السعيدي «دورنا ان نوعي ونحد من الجريمة في ما يتعلق بالمخدرات والعنف الخاص بالاطفال». وأضافت ان «دور المحامي المجتمعي الاساسي هو الحرص على أمن وسلامة المجتمع، وليس القضايا التي تأتي لمكتبه، ونتعاون مع وزارتي التربية والصحة، في اطار تشجيع الشباب وتوعيتهم في كيفية قضاء الفراغ بما يفيدهم والبعد عن الملهيات، واستغلال حياتهم في تحقيق طموحاتهم والبعد عن الادوية الضارة واستخداماتها السلبية التي يمكن تؤدي الى ضياع مستقبلهم».وأكدت أن العقوبات الموجودة في القوانين جيدة، غير أن هناك حاجة الى اعادة النظر في بعض القوانين، وبحاجة الى معاقبة أي أم أو أب يتستر على الأبناء المدمنين تحت مبرر أنه يخشى الفضيحة.