إن الإجراء الذي قامت به وزارة الداخلية، من خلال منعها إقامة «الأسبوع الثقافي للبدون» كان مبالغاً فيه، إذ لم تُستنفر الأجهزة الأمنية في الكويت من قبل، من أجل نشاط ثقافي على حد علمي، فالأسبوع الذي كان مزمعاً اقامته، لم يكن يحوي أي محظورات أمنية أو سياسية، تستدعي إيقافه أو منعه.بل إن إجراء وزارة الداخلية هذا، قد اثار ردود فعل سلبية في الأوساط الثقافية العربية، خصوصاً، أنه نشاط ثقافي خالص، ستعقد فيه ندوات أدبية وأمسيات شعرية وقصصية، وليس تظاهرة سياسية تهدد أمن البلد.وهو إجراء فيه شكل من أشكال التعسف، والتوسع في استخدام صلاحيات وزارة الداخلية، كما جاء في بيان رابطة الأدباء، يضاف إلى التوسع الحاصل في تقييد الحريات والتضييق عليها، من خلال القوانين التي سُنت لتقييد حرية الرأي، وذلك على عكس ما جاء في المكتسبات الدستورية، وفي الوقت الذي ضاق فيه المبدعون والمثقفون ذرعاً، بالرقابة المفروضة على الإبداعات والإصدارات، التي تقيد حرية الرأي والتعبير والاطلاع.بل إن مثل هذا الإجراء يشي بأن الحكومة، تتعامل مع جانب واحد فقط، في قضية غير محددي الجنسية وهي القضية الأمنية، في الوقت الذي يطالب فيه الجميع، بحل هذه المشكلة المستعصية، من خلال إجراءات جادة إنسانية وقانونية، فهي ليست قضية طارئة، بل إنها نتيجة عقود طويلة من الإهمال الحكومي، وتركها للتفاقم ليس في مصلحة المجتمع الكويتي، ولا في مصلحة الدولة أيضاً.وهذه الفئة «البدون» هم بشر، فيهم الطبيب والمهندس والأديب، فمن الطبيعي أن يقيموا نشاطات في اختصاصاتهم في المجتمع الذي يعيشون فيه، فهم لا يعيشون في «غيتو» معزول، بل يتفاعلون ولديهم علاقات وصداقات ومريدون ومعجبون، يريدون أن يتعرفوا على ابداعاتهم.وبهذه المناسبة أحيي مجلس إدارة رابطة الأدباء، على موقفه المشرف من الحريات، ويبدو أن الرابطة عادت بعد الانتخابات الأخيرة، إلى مكانتها التي كانت في المجتمع المدني الكويتي، فقد كانت مواقفها منذ تأسيسها عام 1964، وطنية متسقة مع قضايا وتطلعات أبناء وطنها، ومنسجمة مع المواقف المشرفة لجمعيات النفع العام، وللهيئات والمنظمات النقابية.وقد عكست الانتخابات الأخيرة للرابطة، رغبة قوية عند الأعضاء في التغير، وإعادة رابطة الأدباء إلى سكتها الأساسية، التي سار عليها الأدباء والمفكرون الكبار، وهذا لا ينتقص من مجالس الإدارة في السنوات الأخيرة، التي اجتهدت وبذلت الوقت والجهد، لإبقاء شعلة النشاط الثقافي متقدة.

osbohatw@gmail.com