أعلم تماماً أن موضوع تعيين الدكتور ناصر المجيبل عضوا في المجلس الأعلى للتخطيط، قد تم جره للزوايا الشخصانية والعاطفية البعيدة تماماً عن الموضوعية، لذلك سأتحدث عن الموضوع بشكل أدعي أنه موضوعي تماماً وبعيداً عن الهجوم الشخصي على الأخ، الذي لم أتشرف بالتعرف عليه شخصياً، ولكن بعد أن أتوقف مع الزمن الجميل ومسرحية «حامي الديار» - الله يا مسرحنا الجميل أيام زمان - عندما جسد الراحل العبقري خالد النفيسي في أحد المشاهد دور نائب طلب من الوزير توقيع معاملة ما فرفضها الوزير - أيام ما كانوا الوزراء يرفضون توقيع المعاملات المخالفة - فقال له الراحل النفيسي: «ترى انتو تحدونا نصير معارضة»، وقام وجلس بين صفوف النواب المعارضين مشاكساً الوزير على كل كلمة مقاطعاً إياه بأنه يعترض... طبعاً أعتقد في الحقيقة أنه لو حدث هذا المشهد اليوم لتم حل المشكلة بين الوزير والنائب في استراحة الوزراء ببوسة خشم، ورضوخ الوزراء... الذين يخشى الكثير منهم معارضة النواب له! نعود للأخ ناصر، وبداية نقر بأننا نشجع وبقوة على الاستعانة بالعنصر الشبابي لإدارة قطاعات الدولة المترهلة، بل - وصدق أو لا تصدق - بأنه بعد شيوع أنباء تعيينه في منصبه اتصلت بأحد أصدقائي طالبا رقم الدكتور ناصر لتهنئته، خصوصاً لكونه زميلا في جامعة الكويت، إلا أنني فوجئت - كالكثيرين - بما تم نشره من تغريدات ومقالات قديمة منسوبة له - لم ينفها حسب علمي حتى اللحظة - بل اكتفى بتغريدة تقول ما مضمونه بأن أفكاره تغيرت لكن مبادئه لم تتغير، من دون تحديد لماهية تلك الأفكار التي تغيرت وتلك المبادئ التي ظلت ثابتة، علما بأن التغريدات خطيرة في مضمونها، وقد يشتم منها رائحة التحريض على العنف وإراقة الدماء وتتعلق بمشاركته في مسيرات كرامة وطن السابقة!لا يعنينا قطعنا شخص الأخ ناصر فهذا محل احترام وتقدير، لكن المسألة تتعلق بمحاولتنا لفهم كيفية اتخاذ القرارات المتعلقة بالتعيينات في المناصب القيادية في هذا البلد، ففي العديد من دول العالم يخضع المرشحون لمناصب قيادية لما يشبه عملية الاستجواب من الجهات البرلمانية ناهيك عما يسمى بالـ «background check» من المؤسسات التنفيذية المعنية لبحث أهلية المرشح لذلك المنصب من عدمها، وفي هذه «الاستجوابات» تتم مساءلة المرشحين عن كل شيء تتخيلونه منذ لحظة ولادتهم وحتى لحظة مثولهم أمام تلك التحقيقات أو المقابلات... وعندما أقول كل شيء... فإنني لا أبالغ، ولكم في ما حصل مع مرشح الرئيس الأميركي ترامب لمنصب القاضي في المحكمة الاتحادية العليا حيث سألوه عن آرائه ومقالاته، بل وتعرضوا لسلوكه الجنسي واتهامات وجهت له منذ ما يقارب الأربعين سنة!نفهم أننا في الكويت ولسنا في أميركا، والهون أبرك ما يكون، ولا نشجع قطعاً تحول البلد إلى نظام بوليسي أمني يحاكم الناس على آرائهم «السلمية»، لكن ما تم نشره من تغريدات منسوبة للسيد المجيبل تجاوزت في ما نراه حدود الـ«رأي» السياسي إلى حديث عن «الدم والموت» وهو ما قد يراه البعض داخلاً تحت طائلة القانون الجزائي في ما يتعلق بالتحريض على النظام، وهو ما نجله بإذن الله عنه، ولكن الادعاء بأننا عارضنا تعيينه بسبب الاختلاف السياسي هو ادعاء مجاف للحقيقة، فكم من شخص من المحسوبين على الحراك السابق تم تعيينهم في مناصب مهمة ولم ننتقد ذلك أو نتحدث عنه، لأننا نراهم شركاء في الوطن، رغم كل هذا الاختلاف في الرؤى والآراء ولا أدل على ذلك من عدم هجومنا على الزميل المحترم قبل تعيينه في هذا المكان الحساس، أو التحريض عليه في مكان عمله أو أي جهة أخرى!بقيت نقطة أخيرة، إن كان الأمر يتجه للتعاون مع القوى المعارضة، ممن قاد ما يسمى بالحراك السابق، فيا أهلا وسهلا بالجميع في خدمة هذا الوطن، ولكن هذا يتطلب اعترافاً واضحاً وصريحاً بالتراجع عن أخطاء الماضي ونبذ كل ما يتعلق بالعنف من قريب أو بعيد، وهو ما حدث مع الكثيرين كالمرحوم الربعي وأمثاله، لا أن تتم هذه الأمور بطريقة التعيينات التي لا نعلم ما وراءها وما آلياتها ومن دون أي دليل على تغيير حقيقي في نهج البعض، خصوصاً ان تذكرنا أن ما قام به بعض الشباب المتحمس أيامها دفع صاحب السمو لقول كلمته الشهيرة...«كادت أن تضيع»! والله من وراء القصد!alkhadhari@gmail.comTwitter: @dralkhadhari
مقالات
نفسياسي
المجيبل... بهدوء وموضوعية!
03:44 م