ظلم المجتمع الرأسمالي للطبقة الكادحة ليس بعيداً عن ضحكة خارجة من أعماق الألم في الواقع. وعلى المسرح، اجتمع الواقعان على خشبة مسرح الدسمة ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان أيام المسرح للشباب بدورته الثانية عشرة عبر عرضين قُدّما يومي الخميس والجمعة، أحدهما بعنوان «قرد كثيف الشعر» والآخر يحمل اسم «صالح يعود».ليلة الجمعة، قدمت فرقة جالبوت المسرحية عرض «قرد كثيف الشعر» للكاتب الأميركي أوجين أونيل. وتدور قصة المسرحية حول المجتمع الرأسمالى وظلمه في مواجهة طبقة الكاحدين. ولكن على الرغم من النية الصادقة والجهد المبذول من فريق العمل، خصوصاً الممثلين، إلا أن هذا العرض لم نشعر به لعدم وجود رؤية إخراجية واضحة المعالم للمتلقي، إذ ارتكز المخرج على مرض الطاعون كثيراً، ما خلق تشويشاً كبيراً في أحداث النص الذي يتحدث عن صراع الطبقات.الديكور جاء على مستويين، ولم يستفد منه المخرج إسلام سعيد، بالإضافة إلى أنه لم يستفد من الإضاءة والموسيقى بالشكل الصحيح لتتماشيا مع أجواء العرض الذي حمل أخطاء كثيرة في التشكيل اللغوي، وكانت واضحة للمتلقي، ما أضعف النص.أعد نص المسرحية سعيد محمد، فيما جسّد الشخصيات مجموعة من الهواة، هم: حسين علي دقيق، علي حسن محمد، محمد علاء الدين، حسام الدين إبراهيم، هيثم العريان، محمد علي دقيق، سالم عبدالله العازمي، حسن علي اللامي، أمير يسري، أمنية شعبان فهيم، الشيماء حمدي وعبدالله أحمد بدور.صالح يعودومساء الخميس الفائت، قدمت فرقة المسرح العربي مسرحية «صالح يعود»، من تأليف الدكتورة نادية القناعي وإخراج عيسى الحمر.العمل لم يخلُ من الكوميديا، رغم أنه تراجيدي ومفعم بالقضايا الإنسانية المضحكة إلى حد البكاء، في ظل من يرى الظلم أمراً طبيعياً والفساد واقعاً لا يحتاج استغراباً، إضافة إلى تحوّل المفاهيم وإلغائها عند عامة الناس... مع وجوب الصمت!تدور أحداث العمل حول مواطن بسيط اسمه «صالح» يكتم شعوره، وينتظر دوره في الدنيا وسنوات عمره تطوف... يواجه عدداً من الشخوص ويشاهد ويعيش معهم لحظات صدمات ويراقب الأوضاع.السينوغرافيا خدمت العرض وأوصلت تلك القضية واللوحات بكل سلاسة ومن دون ملل. والممثلون، الذين قدم عدد كبير منهم أكثر من شخصية، كان واضحاً عليهم التفاهم الفني والتدريبات العالية والمكثفه لعرضهم، وامتازوا في التنقل بين حالة وأخرى. كما استطاع الممثل يعقوب حيات (صالح) أن يحافظ على أدائه وحركته مع اللوحات في ظل تواجده طوال الوقت فوق خشبة المسرح. «صالح يعود» من تمثيل: خالد الثويني، سارة رشاد، أمير مطر، يعقوب حيات وعدنان مهدي.ندوتان تطبيقيتانبعد انتهاء العرض المسرحي «قرد كثيف الشعر»، عقدت الندوة التطبيقية الخاصة به في قاعة الندوات بمسرح الدسمة وأدارها المخرج فيصل العبيد وشارك فيها المعقب المخرج والمؤلف العماني د. عبدالكريم بن علي ومخرج العرض إسلام سعيد والمعد سعيد محمد وبحضور رئيس المهرجان عبدالله عبدالرسول وضيوف المهرجان.في البداية قال بن علي: «لفت انتباهي الأداء التمثيلي الذي تغلب عليه الأداء الصوتي الحاد، والذي أدى إلى تشويش الجمهور وعدم جذبهم للعرض».وأضاف أن التمثيل ليس صوتاً حاداً، ولكن التمثيل إحساس وصمت وتفاعل وإيقاع، موضحاً أن العرض لم يحدد القضية التي يناقشها سواء كانت سياسية أو اجتماعية.وبعد ذلك، فتح عريف الندوة المداخلات للحضور، وكان أول المتحدثين الناقد محمد الروبي الذي قال إن «العرض المسرحي يعتبر مغامرة حملت بعض الإضاءات الجميلة وبعض السلبيات، ولكن في المجمل يعتبر عرضاً لا بأس به على الرغم من السلبيات الموجودة فيه».وبدوره، انتقد المخرج د.عمرو دواره «الأخطاء اللغوية التي لا تغتفر، والتي أزعجت الحضور»، مؤكداً أن الممثلين بذلوا مجهوداً جيداً على خشبة المسرح.وقالت الناقدة ليلى أحمد إن «العرض هو إسقاط على الواقع الذي نعيشه في المجتمع العربي، والذي يوجد به هذا النوع من الظلم في المعاملة بين الطبقتين الغنية والفقيرة».وأشار د. أيمن الخشاب إلى أن العرض «لم يستغل النص المسرحي كاملاً، وإنما اكتفى بمشهد المواجهة التي كانت بين ميلدرد والبطل يانك عندما وصفته بالقرد»، مشيراً إلى أن التركيز على مرض الطاعون أدى إلى حيرة المتلقي وهو يتابع العرض، بما أن النص الأصلي لا يوجد به الطاعون أو غيره من الأمراض.وقال الفنان نصار النصار إن العرض المسرحي هو باكورة الأعمال، وأنه لم يتدخل في تنفيذ هذا العمل المسرحي، وأن الفرقة اعتمدت على نفسها فيه.وفي الختام اعترف المخرج إسلام سعيد بأنه بالفعل بالغ في التركيز على مرض الطاعون وترك الموضوع الأصلي للعرض، مشيداً بكل الآراء الإيجابية والسلبية التي قيلت بحق العمل المسرحي.وفي ما يخص مسرحية «صالح يعود»، أدار الندوة النقاشية الخاصة بها المخرج نصار النصار، فيما عقّب عليها الدكتور طارق جمال بحضور كل من المؤلفة نادية القناعي والمخرج عيسى الحمر.وقال جمال: «اليوم حضرنا حالة مسرحية خفيفة ومجموعة من اللوحات والمشاهد المسرحية التي تحمل طابعاً هزلياً. وللأسف، ابتعدوا عن النص المكتوب». وفيما وجه تحية للممثلين على أدائهم، انتقد افتقاد العمل للحس الدرامي، واعتماد النص على الفعل واللافعل.بعدها شهدت الندوة عدداً من المداخلات، عبر الدكتور عمر دوارة والدكتور أيمن الخشاب وعبدالكريم جواد.«الألفية» على الهامشعلى هامش مسابقة «أيام المسرح للشباب»، قدمت طاقة شبابية من سلطنة عمان عرضاً مسرحياً بعنوان «الألفية».العمل، ورغم بساطته، إلا أنه أظهر طاقات الشباب، لا سيما في التمثيل. وتدور الأحداث حول الشباب، والواقع في ظل أحلامهم وطموحاتهم والأمل الذي يقودهم ويحلمون به، لكن الأحلام تتحول إلى الأوهام، وتتكسر الطموحات.
محارب والحارثي تحدثا عن «عناصر الرؤية عند المخرج المسرحي»
| كتب حمود العنزي |
ضمن فعاليات المركز الإعلامي للمهرجان، والمقامة في فندق «كراون بلازا»، أقيمت صباح أمس جلسة حوارية بعنوان «عناصر الرؤية عند المخرج المؤلف»، وتحدث خلالها الكاتب المسرحي السعودي فهد ردة الحارثي، والكاتب المسرحي بدر محارب، وأدار الجلسة الزميل مفرح الشمري. في البداية، قال الحارثي: «الجلسة تتمحور عن مؤلف، وثمة حوار ينطلق ونص يتحرك ومخرج يتربص به من حالة إلى حالة، والذي يصور تفاصيل حياة الناس، ما يصنع تآلفات كائنات مسرحية»، متسائلاً عن صناعة العرض المسرحي الذي تدب فيه الحركة على خشبة المسرح.وفيما أشار إلى أن ظاهرة المخرج المؤلف، خلقت خلطاً ومزجاً بين الكائنات المسرحية خلال السنوات الأخيرة على مستوى العالم العربي، لفت إلى أن المخرج أحياناً يتصور أن له دوراً أكبر في تجميع خيوط اللعبة المسرحية، وربما يقدم مشاهد بصرية مترابطة أومتفككة. ثم تحدث الكاتب بدر محارب فقال: «لقد عملت ككاتب في بداياتي ومن ثم أخرجت نصوصاً مسرحية لغيري، وبعدها أخرجت عدداً من نصوصي، وأرى أن العلاقة بين المؤلف والمخرج يجب أن تكون كورشة عمل».ونوه محاوب خلال الندوة إلى أنه عندما كان يكتب نصوصه المسرحية، كان يتخيلها برؤيته الإخراجية، ما دفعه إلى خوض معترك الإخراج لاحقاً في عدد من التجارب المسرحية.