بعد مرور 10 سنوات على الأزمة المالية العالمية التي ألقت بظلالها على أسواق المال كافة، محلياً وإقليمياً وعالمياً، تأتي لغة الأرقام لتؤكد أن بورصة الكويت بقيت الأكثر تأثراً بتداعيات تلك الأزمة حتى الآن، إذ إن عدداً من أبرز أسهمها القيادية تتداول حالياً بأقل من 10 في المئة من قيمتها السعرية التي سجلتها قبل الأزمة.وخير دليل على المعاناة التي واجهتها الشركات هي تداول الأسعار السوقية للأسهم القيادية عند مستويات لم تشهدها منذ عشرة أعوام، فهناك أسهم تتداول عند أسعار تعادل فقط نحو ثلث قيمتها قبل الأزمة المالية.ويأتي سهم بنك الكويت الوطني (الوطني) ضمن أبرز تلك الأسهم القيادية التي تأثرت كثيراً، فقد أقفل السهم بنهاية 2008 عند 2.25 دينار للسهم، مقارنة بـ 835 فلساً يتداول عليها في الوقت الحالي، علماً أن أداء البنك في تطور واضح ومعدلات العوائد التي يمنحها لمساهميه تشهد استقراراً ونمواً يعكسان متانة وضعه المالي.وقد رصدت «الراي» حزمة من الأسهم التشغيلية القيادية التي تؤكد أن البورصة لا تزال تعيش آثاراً سلبية حتى الآن، وسط تأثر نفسي واضح وصريح خرجت على صداه الملايين من السوق بحثاً عن قنوات أكثر أماناً من الأسهم التي كانت تشهد وقتها سقوطاً حراً.ولوحظ أن أسهماً قيادية أخرى مثل «بيت التمويل الكويتي» (بيتك) بات يتداول اليوم عند مستوى 610 فلوس علماً أن سعر السهم قبل الأزمة المالية العالمية اقترب من نحو 4 دنانير، وكذلك سهم البنك التجاري الذي فقد من ناحيته نحو ثلثي قيمته السوقية ليتداول عند 500 فلس حالياً، مقارنة بـ 1.6 دينار في 2008.ومعلوم أن تلك الكيانات التشغيلية مرت بتطورات مختلفة منها عمليات رسملة مختلفة وتوزيعات لأسهم منحة تمثل زيادة غير مباشرة في رؤوس الأموال، وغيرها من التطورات، إلا أن السعر السوقي يبقى هو المحك الذي يكون عليه المستثمر وجهة نظره وقراره الاستثماري.وكان لسهم مثل «أجيليتي» جولات قادت خلالها الشركة وتيرة التداول في البورصة، خصوصاً لدى فوزها بالعقود اللوجستية المليارية حتى ما قبل الأزمة، والتي كان لها أثرها في ضخ عشرات الملايين من الدنانير إلى البورصة، إذ إن التفاعل وقتها لم يكن مقتصراً على سهم «أجيليتي» بل على مجموعتها وعشرات الشركات التي تحظى باهتمام المحافظ والصناديق.ويتداول سهم «أجيليتي» اليوم عند مستوى قريب من 800 فلس، علماً أنه تداول قبل الأزمة المالية عند مستويات 6.3 دينار، وهو الأعلى تقريباً في السوق في ذلك الحين.وتعكس الأسعار السوقية للأسهم القيادية صورة تُشير إلى أنها عند مستويات مغرية جداً للاستثمار، مقارنة بما كانت عليه قبل الأزمة المالية، فيما تلحق ببعض أسهم البنوك حينذاك سلع أخرى منها مجموعة الاتصالات المتنقلة (زين) التي تتحرك اليوم عند مستوى 450 فلساً، والذي لا يمثل سوى نحو 10 في المئة من الأسعار المتداولة على السهم عند إقفالات 2008، والتي وصلت حينها إلى 4.7 دينار.وإلى جانب «زين» يأتي سهم «الخليج للكابلات» التي تتداول اليوم عند مستوى يعادل نحو 8 في المئة فقط من السعر السابق أي 350 فلساً، مقارنة بـ 3.8 دينار للسهم وفقاً لآخر تعاملات له قبل 10 سنوات، بينما كان سهم «إسمنت الكويت» عند 1.7 دينار خلال 2008، في حين يتداول اليوم عند 350 فلساً.على الضفة الأخرى، يجد المراقب للأسهم الرئيسية في بورصة «ناسداك» الأميركية، وهي مهد الأزمة المالية العالمية خلال السنوات العشر الماضية تحقيقها طفرات وأرباحاً هائلة من حيث السعر المتداول، لاسيما في الأسهم التي تنتمي إلى القطاع التكنولوجي وتجارة التجزئة.وفي الوقت الذي سجل فيه سعر سهم «أبل» خلال 2008 نحو 12 دولاراً، فقد وصل هذا العام إلى 230 دولاراً، في حين تشير البيانات إلى تسجيل سهم شركة «بوينغ» خلال عام 2008 نحو 32 دولاراً، بينما بلغ سعره اليوم نحو 394 دولاراً. من جانب آخر، حقق سهم «ستاربكس» قفزة كبيرة، من 5 دولارات خلال العام 2008، إلى نحو 68 دولاراً خلال هذا العام، بينما سجل سهم «نايك» 11 دولاراً خلال العام 2008، ليصل خلال العام الحالي إلى 87 دولاراً، أما سهم «هوم ديبوت» الذي بلغ 19 دولاراً في 2008، فقد سجل هذا العام 216 دولاراً.من ناحيته، وصل سعر سهم «والت ديزني» هذا العام إلى 218 دولاراً، مقارنة مع 16 دولاراً قبل عشر سنوات، بينما سجل سهم «أمازون» ارتفاعاً كبيراً من 51 دولاراًَ إلى 2003 دولارات، في وقت قفز سهم «جي بي مورغان» من 22 دولاراً إلى 112 دولاراً هذا العام.أما في بورصة لندن، فقد حقق سهم «سكاي» 520 جنيهاً إسترلينياً خلال العام 2008، ولكنه وصل هذا العام إلى 1710 جنيهات إسترلينية.من ناحيته، بلغ سعر سهم «إيزي جت» هذا العام 1790 جنيهاً إسترلينياً، مقارنة بـ 310 جنيهات فقط خلال العام 2008، فيما كان سهم «ريان إير» لا يتعدى اليورو الواحد قبل 10 أعوام، بينما بلغ هذا العام سعر 18.7 يورو.  وتوقف محللون عند المفارقة الغريبة بين قفزات وأرباح أسهم أميركا (مهد الأزمة) الهائلة، وبين أسهم الكويت «النازلة» بشكل مخيف وغير منطقي.