يَجْلِسُ عميدُ الديبلوماسيين العرب في لبنان، سفير الكويت عبد العال القناعي في مكتبِه وكأنه في استراحةِ ما بعد العاصفة... فالرجلُ الفخورُ لِما لبلاده وأميرها من حبٍّ في «بلاد الارز»، كان لأيام أشبه بـ «خلية أزمة» بعدما استسْهلَ أحدُهم استغلالَ الهواءِ الديموقراطي في لبنان لإمرار فبْركاتٍ مكشوفةٍ في توقيتِها وأجنْدتِها ومغزاها، انطوتْ على تجرؤٍ سافِرٍ على الكويت وقيادتها.فعلى مدى أيام، وساعةً تلو الساعة. كان السفير القناعي، الذي اضطرّه التطاوُلُ العابِرُ على الكويت الى خلْع قفّازاته، كمَن يعلن «النفير الديبلوماسي»... هواتفُه الثابتة والمحمولة لم تهدأ. على طرفِها الآخَر رؤساء وزعماء وقادة، رسميون وسياسيون وروحيون وهيئات اجتماعية وأهلية، إضافة الى نظرائه الذين ربما «حَسَدوه» على الانتفاضة اللبنانية العارمة في تَضامُنها مع الكويت وأميرها.وروى القناعي لـ «الراي» وباعتزازٍ ما سَمِعَهُ من كبار المسؤولين اللبنانيين خلال اتصالاته التي تُوّجت بالاتصال الذي أجراه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، وما لَمَسَه في اللقاء مع رئيس الحكومة سعد الحريري من فائضِ تَضامُنٍ وجدية، وما أبلغه إليه رئيس البرلمان نبيه بري من عواطف صادقة، وهو لسانُ حالِ كل الذين بادروا سعادة السفير بالقول «الكويت وأميرها خط أحمر».وقال القناعي لـ «الراي»: «لم نفاجأ بالعاطفة النبيلة التي عبّر عنها جميع اللبنانيين تجاه الكويت وسمو الأمير حفظه الله، ولم يكن يعترينا أي شك حيال صلابة العلاقة اللبنانية - الكويتية الأخوية، بين الدولتين والشعبين، وما أُعلن على مدى الأيام الماضية من حرص متبادل على تلك العلاقة ونقائها لم يكن إلا من باب تأكيد المؤكد، وما سمعتُه من المسؤولين على اختلاف مواقعهم يُثْلِجُ القلب».القناعي، الذي كَسِبَهُ لبنان سفيراً لفترةٍ إضافية بعد تمديد مهمّته، وهو الذي أمضى 11 عاماً في الربوع اللبنانية، تحدّث عن أنه «ليس من عادتنا ان نلتفت إلى الصغار والصغائر، والردّ اللبناني على ما حَدَث كان رائعاً، وعلى مَن يريدون النفخ في العلاقات العربية - العربية أن يدركوا أن العلاقة اللبنانية - الكويتية راسخة ومتجذّرة وعصية على أي محاولاتِ تخريبٍ للنيل منها».ثمة خلاصاتٌ ارتسمتْ مع الاختبار الذي اجتازتْه العلاقة اللبنانية - الكويتية. فمَن يزرع الخير، بمعناه القِيَمي والسياسي والإنمائي والانساني لا يحصد إلا المعاملة بالمثل، من وفاءٍ وعرفان بالجميل. هكذا عبّر لبنان وبوقفةِ رَجُلٍ واحدٍ قلّ نظيرُها عن تَضامُنه مع الكويت وأميرها، قطْعاً لدابر محاولةِ جَعْلِهِ منصةً لأجنداتٍ أضمرتْ تَطاوُلاً رخيصاً، وعبْر فبركاتٍ مُعَدَّة في مكانِ ما، على أمير الحِكمة الذي حَمَلَ «بلاد الأرز» في عقله وقلبه، يوم قاد الديبلوماسية الناعمة لإطفاء حريقها وما زالت أياديه البيض تُعينُها على لملمة أزماتها وجروحِها.ولم يكن عادياً على الإطلاق أن ينهض لبنان، المُنْقَسِم حول أي شيء وربما كل شيء، في هَبّةٍ بصوتٍ واحدٍ رفْضاً وفي شكلٍ حاسمٍ للإساءة الى الكويت التي لا تملك أجنْدةً خاصة في لبنان، وهمّها الوحيد حماية وحدته الوطنية بأدوارها العاقلة في السياسة، وبمساعداتها التي تزهر تنميةً على امتداد الخريطة اللبنانية وتلاوينها الطائفية والسياسية، وبعونها الدائم له في الملمّات وحروب اسرائيل والآخرين وعبثية الصراعات حتى بين أبنائه.فها هي العلاقة اللبنانية - الكويتية، أكثر صلابة في ترجمة متانتها، كبلدينِ متشابهيْن في التنوّع والديموقراطية تحوطهما جغرافيا صعبة، وكشعبينِ اكتشفا باكراً الطمأنينة المتبادلَة التي جعلت مصايف لبنان بيوتاً للكويتيين وحملتْ عشرات الآلاف من اللبنانيين للعمل في الكويت، وكحكومتيْن يحكمهما «التفاهم والتفهّم» الذي مكّنهما من تَجاوُز أفخاخ ومفخخات أرادتْ النيل منهما معاً ومن علاقتهما التي غالباً ما تميّزتْ بـ «صفر مشكلات».وربما كان لبنان والكويت في غنى عن هذه «الضارة النافعة» التي ارتدّت أضرارُها على مَن فبْرك الإطلالةَ السيئة الذكر لأحد الصحافيين من على شاشة «المنار» التابعة لـ «حزب الله» وما تَضَمَّنَتْهُ من تلفيقاتٍ مكشوفةٍ في توقيتٍ ذات مغزى ولحسابِ أجنْداتٍ لم تَعُد خافية.
محليات
الكويت ولبنان... علاقةٌ عَصيّة على التخريب
القناعي لـ «الراي»: لم أفاجأ بالعاطفة النبيلة من اللبنانيين... وما سمعتُه يُثْلِج القلب
03:44 ص