من منظور علم النفس، حالة الفوبيا هي شعور بالخوف يصل إلى درجة الرهبة المرضية (أو «الرهاب»)، وهو الشعور الذي يعتري المصاب بالفوبيا من دون أن تكون له أسباب منطقية متعارف عليها بين سائر البشر. وكلمة فوبيا (phobia) يونانية الأصل، ومعناها بالعربية «رُهاب» (أي خوف مرضي)، وتشير إليها المعاجم النفسية المتخصصة بمصطلح «عُصاب الخوف»، لكن مصطلح فوبيا هو الأكثر شيوعيا واستخداما على مستوى الدول العربية وحتى على مستوى العالم.ووفقا لتقديرات واحصائيات عالمية رسمية، فإن 5 في المئة علىى الأقل من سكان العالم لديهم بواحد على الأقل من أشكال الفوبيا، وأن كثيرين من بين هؤلاء لا يدركون أنهم مرضى فوبيا. ولهذا، فإنه ينبغي على المرء أن يبادر إلى استشارة طبيب نفسي في حال شعوره بخوف متكرر ومربك ومبالغ فيه إزاء أي شيء لفترة تستمر أكثر من ستة أشهر.تشخيص...وتأثيراتمن الناحية التشخيصية، يتم وصف وتسجيل حالة الرهاب بأنها نوع من الفوبيا إذا كانت تستثير شعورا عميقا بالخوف أو الهلع لدى الشخص عندما يشاهد أو يواجه شيئا ما لا يستثير عادة مثل ذلك الشعور لدى بقية الناس.وتتفاوت تأثيرات الفوبيا على المريض بين طفيفة لا تترك سوى ارتباك عارض، وشديدة تتسبب في إصابة الشخص بالارتباك والعجز عن أداء المهام لبضع ساعات أو أطول من ذلك في بعض الحالات الحادة. وما بين هذين الطرفين تتدرج تأثيرات الفوبيا. ويمكن لتلك التأثيرات أن تنعكس سلبيا على علاقات الشخص بالمحيطين به. ويدرك معظم مرضى الفوبيا أن مخاوفهم غير منطقية، لكنهم يكونون عاجزين عن السيطرة عليها عندما يواجهون مستثيراتها، ولذلك فإنهم يكونون في حاجة إلى مساعدة علاجية من جانب اختصاصيين نفسيين.

فئات... وأمثلةيتم تقسيم الرهاب إلى فئات أساسية وأخرى فرعية، لكن هناك فئتين رئيسيتين تندرج ضمن كل واحدة منهما أنواع من أشكال الفوبيا، وهاتان الفئتان هما:

أولا: الفوبيا المُحددة

هي أكثر أنواع الفوبيا شيوعاً، وتتمحور حول شيء أو موقف محدد يكون في الحقيقة آمناً نسبياً لكنه يثير في أنفسهم خوفاً يصل إلى درجة الهلع الخارج عن السيطرة.وتشمل فئة الفوبيا المحددة أنواعا كثيرة من بينها مثلا: الشعور برهبة شديدة من الكلاب، أو الحشرات، والأفاعي، وقيادة السيارات، والمرتفعات، والأنفاق، والجسور، والعواصف، وركوب الطائرات علاوة على أمور أخرى كثيرة.وفي معظم الحالات، تبدأ الفوبيا المحددة في سن المراهقة. وهي تظهر فجأةً وتستمر لفترة أطول من فترة استمرارها إذا بدأت في سن الطفولة. فعندما يصاب طفل بفوبيا المحددة – فوبيا الأنفاق على سبيل المثال – فإنها تزول تدريجيا إلى أن تختفي عند سن البلوغ. إما غذا بدأت في سن البلوغ، فإنها قد تستمر مدى الحياة. لكن مازال من غير الواضح حتى الآن لماذا تستمر الفوبيا المحددة لدى بعض الأشخاص بينما تختفي تدريجيا لدى آخرين.ومن أمثلة الفوبيا المحددة:• أكلوفوبيا: رهاب الظلام• أكروفوبيا: رهاب الأماكن العالية• كلوستروفوبيا: رهاب الأماكن المغلقة والضيقة.• أيلوروفوبيا: رهاب القطط (والنمور والأسود... إلخ).• أفيوفوبيا: رهاب ركوب الطائرات وما شابهها (كالمناطيد).• هيموفوبيا: رهاب منظر الدم، ويمكن أن تتسبب في اصابة المريض بالإغماء.• نيكروفوبيا: الرهبة الشديدة من فكرة الموت أو أي شيء له صلة بالموت• إنتوموفوبيا: الهلع من الحشرات.ثانيا: الفوبيا الاجتماعية

تسبب أنواع هذه الفئة للمريض بها قلقاً شديداً عند انخراطه في مواقف اجتماعية أو تتطلب مواجهة جمهور. ويمكن توصيف هذه الفوبيا بأنها رهبة مفرطة وخوف شديد من التعرض للإحراج أو الارتباك عند التعامل وجها لوجه مع الآخرين وخصوصا إذا كان المريض لا تربطه بهم تعارف مسبق.ويرجح اختصاصيو الطب النفسي أن أنواع هذه الفئة من الفوبيا تنبع من أو ترتبط بمشاعر الدونية وبتدني الثقة بالذات إلى درجة أنها قد تدفع المصاب بها إلى الإحجام عن الذهاب إلى المدرسة، وتفادي تكوين علاقات صداقة، والانعزالية التي قد تصل إلى حد البقاء دون عمل.وعادة، تظهر أعراض الفوبيا الاجتماعية في مواقف تتطلب مواجهة الآخرين، مثل إلقاء كلمة أمام جمهور، أو تقديم أداء معين أمام حشد أو مجموعة من الناس، أو حتى مشاركة الطعام مع مجموعة من المدعوين في حفل.ومن أمثلة فئة الفوبيا الاجتماعية نذكر ما يلي:• فيلوفوبيا: الخوف الشديد من الوقوع في علاقة حب أو غرام.• بوينفوبيا: الرهبة من تلقي عقاب علني.• سكولينوفوبيا: الخوف من المدرسة أو من أي أجواء دراسية.مسببات... وراثية وبيئيةحتى الآن مازال مسببات الفوبيا غير واضحة بدرجة كافية، لكن المرجح هو أن عوامل وراثية تسهم في الإصابة بها, وقد لوحظ أن الأطفال الذين لديهم أقارب مصابون باضطراب القلق يكونون معرضين أكثر من غيرهم لاحتمال الإصابة بشكل من أشكال الفوبيا.ومن الممكن أن تلعب عوامل بيئية مكتسبة دورا في الإصابة بالفوبيا، وخصوصا إذا كانت عوامل مثيرة للهلع كالمشارفة على الموت غرقا أو حرقا على سبيل المثال. وقد تنشأ لدى الشخص فوبيا مكتسبة بيئيا بعد خوضه تجربة مفزعة كانحشاره تحت أنقاض مبنى بعد سقوطه، أو تعرضه لمطاردة من جانب حيوانات مفترسة، أو تعرضه للدغات حشرات.وهناك احتمال كبير بأن يصاب الشخص بالفوبيا بعد تعرضه لإصابة دماغية حادة ناجمة عن ارتطام أو صدمة. كما أثبتت دراسات بحثية أن الإدمان والاكتئاب يسهمان في ظهور بعض أشكال الفوبيا لدى المصابين بهما.«فوبوفوبيا»... وغرائب أخرىإلى جانب غرابة الفوبيا عموماً، فإن من أغربها وأطرفها ذلك النوع الذي يُعرف باسم «فوبوفوبيا»، أي «فوبيا الإصابة بالفوبيا»، حيث يعاني المصاب به من قلق وخوف مستمرين من أن يُصاب بأحد أشكال الفوبيا! وبتعبير آخر، يكون الشخص واقعاً تحت هاجس الرهبة المرضية من أن يصاب برهبة مرضية!في التالي نسرد مزيدا من أغرب وأطرف أشكال الرهاب أو عصاب الخوف:• كروموفوبيا: رهاب الألوان (الخوف من لون معين أو أكثر)• أبلوتوفوبيا: رهاب الاغتسال، أو الخوف من الاستحمام.• أكاروفوبيا: رهاب حك الجلد.• ترايبوفوبيا: رهاب الثقوب الصغيرة. • أماثوفوبيا: رهاب التراب.• أنثوفوبيا: رهاب الزهور.• أريثموفوبيا: رهاب الحساب والأرقام.• أتيكوفوبيا: رهاب الإخفاق أو الفشل.• أوروفوبيا: رهاب الذهب.• أوتوميزوفوبيا: رهاب القذارة (وسواس النظافة).• بيبليوفوبيا: رهاب الكتب.• كارنوفوبيا: رهاب اللحم (المصاب به يصبح نباتيا عادة).• كيونوفوبيا: رهاب الثلج.• كروميتوفوبيا: رهاب النقود.• كليماكوفوبيا: رهاب السلالم.• كلينوفوبيا: رهاب السرير (الفراش).• دندروفوبيا: رهاب الأشجار.• إيزوبتروفوبيا: رهاب المرايا. • غيلوتوفوبيا: رهاب التعرض للسخرية.• هيليوفوبيا: رهاب الشمس.• ميكانوفوبيا: رهاب الآلات.• ميتاثيزيوفوبيا: التخوف المرضي من فكرة التغيير.• نيوفوبيا: التوجس الشديد من أي شيء جديد.• بلوتوفوبيا: رهاب الثراء (الخوف من الثروة والأثرياء).• سايوفوبيا: رهاب الظلال (الخوف من ظلال الأشياء).• غيموفوبيا: الخوف من الارتباط بعلاقة زواج.• فالاكروفوبيا: الهلع المستمر من مجرد فكرة الإصابة بالصلع.