يبحث الفنان التشكيلي الكويتي علي حسين الجاسم في أعماله الفنية عن مواضيع ذات علاقة بالبيئة والتراث، كما أنه شغوف لأبعد الحدود بالمباني التراثية، خصوصا تلك التي تمتاز بطرازها الإسلامي الفريد كالمساجد، وكتابه «عمائر الإيمان» عبارة عن سجل تشكيلي لأشهر مساجد العالم الإسلامي، كتبه بقلمه ورسمه بريشته التي طافت مختلف البلدان لانتقاء مساجد محددة... قام برسمها في أسلوب تشكيلي اتسم بالجمال عبر عناصره ومضامينه.يقول الجاسم في تقديمه لكتابه: منذ سنوات وأنا شغوف بعمارة المساجد كتابة ورسما، وذلك لما تتوق إليه نفسي كلما زرت مسجدا من مساجد الله القديمة في أرضه الواسعة، فكم يأسرني شكل المآذن الموحدة لله الشامخة والأقواس الراكعة الجميلة القباب الساجدة الملونة، وكأن البناء كله في صلاة وخشوع لله الواحد القهار، يتلو من آيات الله المزخرفة على جدران المسجد ومحراب الصلاة.وأوضح -في كتابه الذي يضم رسوماته التشكيلية حول المساجد القديمة- عن عمارة المسجد في الإسلام وكيف أن دور العبادة عرفت قديما في سائر الديانات الوثنية والسماوية، فقد كانت المعابد والصوامع والكنائس وغيرها منتشرة على امتداد تاريخ الحضارة البشرية، موضحا دور المسجد في حياة المسلمين، ومكانته الكبيرة في نفوسهم.وأشار المؤلف إلى أن عمارة المسجد هي حسية ومعنوية، وقال:«الإنسان المسلم أقام حضارته من علم وفن وعمارة على أساس الإيمان المطلق بالله عز وجل، فاتسمت عمارته للمساجد بالمثالية والسمو نحو المطلق، في اتجاه قبلة المساجد في العالم نحو نقطة واحدة هي الكعبة الشريفة، ذلك الرمز التاريخي الذي مثل الرمز التوحيدي الذي مثل هوية معمارية واحدة على اختلاف المكان والتاريخ».وبيّن الجاسم أن ذلك كان له الأثر على الخصائص المعمارية للمدينة الإسلامية في شكلها وتصميمها، وذكر المؤلف أن لعمارة المساجد قواعد ثابتة كما بيّنها أهل الفقه أولها بناء المساجد وإعلائها، والثانية تعظيمها وتطهيرها وصونها، والثالثة إخلاص النية لله، والرابعة نشر العقيدة السليمة وتصحيح ما قد يعتريها من خلل، والخامسة التربية على الزهد في الدنيا والتعلق بالمساجد، وآخرها نشر العلم النافع والعمل الصالح. وتحدث المؤلف في كتابه عن عناصر المسجد الرئيسية من خلال الثوابت التي تستمدها معماريتها من المسجد النبوي الشريف، باعتباره حدثا فريدا في تاريخ العمارة الإسلامية، وهذه العناصر هي: جدار القبة، الصحن المكشوف، الأروقة المسقوفة، والمنبر، بالإضافة إلى عناصر المسجد الإضافية وهي: المئذنة، والميضأة، والقبة، والعقود، والأعمدة والشرفات.كما تحدث الجاسم عن زينة المسجد حيث جسد المسجد قمة الفن المعماري الذي ارتبط بشكل حميم برؤية هذا الدين لمعنى الجمال والزينة باعتباره «نقلا بصريا لرؤية العقيدة الإسلامية الكونية».وتطرق المؤلف -كذلك- إلى تطور عمارة المساجد خلال العصور الإسلامية المختلفة، والطرز المعمارية له مثل: العربي البسيط، والأموي والعباسي والمغربي الأندلسي والفاطمي والأيوبي، والمملوكي والسلجوقي والصفوي والهندي المغولي والعثماني.وفي رصده الفني للمساجد رسم الجاسم عددا منها في مختلف بلدان العام لنشاهد عملا متميزا حول المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف ومسجد قبة الصخرة ومسجد قباء ومسجد القبلتين ومسجد جواثا ومسجد شيرمان ومسجد أشبيلية ومسجد شاه جهان ومسجد بالا هاوز ومسجد السلطان قابوس، و مسجد السوق الكبير، وغير ذلك من اللوحات الفنية التي تضمنت الكثير من الأعمال الفنية، تظهر في عناصرها ومدلولاتها جمال العمارة في المساجد، بقبابها وزينتها وأشكالها التي اتسمت بالتنوع والجاذبية عبر عصور إسلامية مختلفة.ويعد كتاب الجاسم شكلا من أشكال التوثيق التشكيلي لمساجد منتشرة في بعض بلدان العالم، وذلك في سياق تشكيلي تضمن إبراز الجوانب الجمالية والفنية في العمارة الإسلامية، تلك التي تحظى بالإبهار والدهشة، والتميز.
محليات - ثقافة
ضوء / الكتاب خطه ورسم لوحاته الفنان الكويتي علي الجاسم
«عمائر الإيمان»... سجل تشكيلي لأهم مساجد العالم الإسلامي
07:29 م