تتناول الشاعرة والفنانة التشكيلية الكويتية رزان أحمد العودة- في أعمالها الفنية- الحياة في سياق تجريدي متواصل بأكبر قدر من التكثيف والإيحاء مع الرمز، وذلك وفق رؤى تتحرك في أكثر من اتجاه، في ما تظل مضامين أعمالها التشكيلية محلقة في فضاءات رحبة من التميز، مع مناوشتها لعناصر الحياة من أجل الحصول على حزمة من المدلولات، تلك التي تتسم بالغموض الذي يحتاج إلى ذهن متقد لقراءة أسراره، والوقوف عند معانيه، تلك التي تدور في دوائر حياتية، كثيرة التأمل والتفكير في واقعنا الذي نحن بصدده، كما أن لغتها الفنية تتحاور في كل أحوالها مع الشعر بصفته المحرك الأساسي في تنقلات عناصر الأعمال وفق منظومة فنية متنوعة.والعودة مهندسة مدنية شغفت بالتشكيل، وأنتجت أعمالا تنتمي إلى الأسلوب التجريدي، الذي يتقاطع مع الرمزية مع قليل من الانطباعية والسوريالية، وذلك في خلطة فنية، أعطت لأعمال الفنانة- رغم حداثة سنها- أسلوبا خاصا بها، يمكننا أن نكتشفه بسهولة ويسر بين مجاميع تشكيلية معروضة في قاعة واحدة. وحينما نتجول في أعمال العودة التشكيلية- لتقديم قراءة فنية لأعمالها التي شاركت بها في مختلف المعارض- سنجد أن ثمة مضامين حسية تطمح الفنانة إلى طرحها على المتلقي، تلك المتعلقة بالغوص في عوالم إنسانية جذابة، تتسم بالتحولات والتغيرات، التي قد تطرأ على الواقع.ومن ثم فإن العودة تلجأ إلى تحريك جوانب إنسانية وتقنية في أعمالها، من أجل تأكيد جوانب إيجابية أخرى تتمثل في الحرية والتسامح والجمال، كما أن الفنانة تلجأ في أعمالها إلى بث شحن رمزية منتقاة من أجل إبراز المحتوى الفلسفي الذي تطمح إلى أن يكون ركيزة أساسية في مُنتجها التشكيلي.وفي أنساق أخرى سيجد المتلقي في أعمال العودة هندسة المعاني، تلك التي تأتي بأكبر قدر من الألوان المتدرجة في مستويات مختلفة، لكشف اللامرئي، وتضمين الفكرة بصراعات حسية متغيرة حسب الحالة الفنية لكل عمل على حدة، وهي صراعات بين الرمز والوضوح.وحينما ننظر إلى البناء الفني لأعمال العودة التشكيلية سنجده متواصلا مع فكرة تسجيل التفاصيل، وذلك على سبيل توصيل الفكرة من خلال المدركات الحسية، وبلغة تشكيلية حيوية.وتتجاوب أعمال العودة مع الرؤى الهندسية من خلال الاعتناء بمسألة الحيز والفراغ، والتماهي في استخدام الألوان بتدرجاتها المختلفة، والثبات والتغيير، وغير ذلك من الرؤى التي اكتسبت مهاراتها من خلال تخصصها في الهندسة المدنية.والعودة تلقت دراستها حتى الثانوية في المدارس الأميركية والإنكليزية في الكويت، وتخرجت في كلية الهندسة- جامعة الكويت، وهي تشغل الآن وظيفة مهندسة مدنية في إدارة المشاريع في الإدارة العامة للطيران المدني، وشاركت في معارض عديدة منها مشاركتها في معرض جامعة الكويت للفنون التشكيلية، ومعرض بيت لوذان، ومعرض أقيم في رابطة الأدباء الكويتيين، كما أن لها اهتمامات بالتصميم الداخلي وديكورات المنازل.وتكتب العودة الشعر باللغة الإنكليزية ولها في هذا السياق ديوان عنوانه المترجم «العالم الذي بداخلك»، تضمن نصوصا أدبية ذات طابع إنساني متحاور مع الواقع والخيال معا... ولقد نشرت ترجمات لبعض نصوصها الشعرية في الجرائد.وللعودة اهتمامات أخرى من خلال مشاركاتها لعمل السينوغرافيا لثلاثة أعمال مسرحية متنوعة «مونودراما» للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وهي من تأليف وإخراج الكاتبة الدكتورة هيفاء السنعوسي وعناوينها «ويسقط العرش» و«يا زمان الوصل بالأندلس»، و«ضباب لا يحجب الرؤية»... تلك الأعمال التي حققت جماهيرية عالية، وحظيت بالتكريم من قبل المجلس الوطني.كما أن العودة مديرة المشروع الخيري الإنساني «قلوب ومهمات» الذي اتخذ من مدينة تطوان المغربية مقرا له، ويقوم بأعمال إنسانية وخيرية متنوعة.