طهران، واشنطن - وكالات - بعد نحو 3 سنوات من «النعيم» السياسي والاقتصادي الذي وفّره لإيران الاتفاق النووي الذي أبرمته مع الدول الكبرى في يوليو 2015، عادت إيران اعتباراً من اليوم إلى «دوامة العقوبات»، وسط مخاوف من تداعيات كبرى على الاستقرار في ظل ترجيحات بتدهور اقتصادي أكبر واحتجاجات شعبية أكثر حدة وانتشاراً.وأشارت مصادر غربية إلى أن الإيرانيين متخوفون من انهيار الاقتصاد، المتراجع أصلاً بسبب سوء الإدارة والفساد المستشري، لافتة إلى أن عدداً كبيراً من السكان غادر البلاد، فيما اختار الفقراء النزول إلى الشوارع والاحتجاج والتعبير عن مخاوفهم.وقبل ساعات من إعادة واشنطن فرض الدفعة الأولى من العقوبات على طهران (تدخل حيز التنفيذ الساعة السابعة صباح الثلاثاء بتوقيت الكويت) عقب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو الماضي الانسحاب من الاتفاق النووي، قال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، حسب ما نقلت عنه وكالة أنباء الطلبة الإيرانية «اسنا» شبه الرسمية، «بالتأكيد سيتسبب التنمر والضغوطات السياسية الأميركية ببعض الاضطرابات لكن الحقيقة أن أميركا معزولة في عالم اليوم»، في إشارة إلى استمرار الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي في تطبيقه، وهي روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا. وبعد أشهر من التصعيد الكلامي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي استعداده للقاء القادة الإيرانيين من دون شروط مسبقة، وسط تقارير عن إمكانية عقد لقاء بينه وبين الرئيس حسن روحاني، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة الشهر المقبل في نيويورك.لكن ظريف أشار إلى صعوبة تصور إجراء مفاوضات مع ترامب بعدما تخلى الأخير عن الاتفاق النووي الذي قضت إيران وقوى العالم «ساعات هي الأطول في تاريخ أي مفاوضات» للتوصل إليه. وأضاف في تصريحاته أمس «هل تعتقدون أن هذا الشخص (ترامب) هو شخص جيد ومناسب ليتم التفاوض معه. أم أن ما يفعله هو مجرد الاستعراض؟». ورأى أن «العالم بأسره» غير متفق مع السياسات الأميركية حيال إيران، موجهاً انتقادات إلى السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل.من جهته، اعتبر وزير الاستخبارات الاسرائيلية إسرائيل كاتس أن العقوبات «ستُجبر الإيرانيين على الاختيار بين تلبية مطالب الولايات المتحدة... أو المخاطرة بتقويض النظام وسقوطه. الخيار الأول جيد والثاني ممتاز».وفي بيان مشترك وقع عليه أمس وزراء خارجية كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني «نأسف لإعادة فرض العقوبات الأميركية... نحن مصممون على حماية المؤسسات الاقتصادية الأوروبية الناشطة في أعمال مشروعة مع إيران... لهذا السبب تدخل آلية التعطيل الأوروبية حيز التنفيذ في 7 أغسطس (اليوم)».وكان الاتحاد الأوروبي أقر قانون التعطيل سنة 1996 للالتفاف على العقوبات الاميركية المفروضة على كوبا وليبيا وإيران، ويسمح بحماية الشركات الاوروبية من العقوبات التي يتخذها بلد ثالث. لكن هذا التشريع لم يستخدم أبداً وأقره وزراء الخارجية الاوروبيون في 16 يوليو الماضي.وهذا القانون يحظر على المؤسسات الأوروبية الامتثال للعقوبات الاميركية تحت طائلة التعرض لعقوبات يحددها كل بلد عضو.لكن العملة الإيرانية تأثرت بالتوترات حتى قبل دخول العقوبات حيز التنفيذ، إذ فقدت أكثر من نصف قيمتها منذ إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق.وشهدت البلاد تظاهرات متفرقة وإضرابات خلال الأيام الماضية في عدد من المناطق احتجاجاً على النقص في المياه وارتفاع الأسعار واتساع رقعة الغضب من النظام السياسي. وجعلت القيود المشددة على التغطية الإعلامية التحقق من الأنباء عن الاحتجاجات الواردة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أمراً مستحيلاً. لكن الصحافيين أكدوا انتشار عناصر منع الشغب ليل أول من أمس وتم نشر حاملة جنود مدرعة واحدة على الأقل في منطقة كرج الواقعة غرب طهران، حيث سجلت النسبة الأكبر من الاحتجاجات فيما أشاروا إلى انقطاع خدمة الانترنت في المنطقة.وليل أول من أمس، تعهد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بأن الولايات المتحدة «ستفرض تطبيق العقوبات»، مشيراً إلى أن الضغط يهدف إلى «مواجهة أنشطة ايران المؤذية». وأضاف: «يتعلق الأمر فقط بعدم رضا الإيرانيين عن حكومتهم. والرئيس واضح للغاية أننا نريد أن يكون للإيرانيين صوت قوي في اختيار قيادتهم». ومن المتوقع أن يُعاد فرض العقوبات على مرحلتين: الأولى تبدأ اليوم والثانية في 5 نوفمبر المقبل. وتستهدف الحزمة الأولى قدرة إيران على شراء الدولارات وصناعات رئيسية تشمل السيارات والسجاد. لكن يتوقع أن تكون المرحلة الثانية التي سيتم خلالها حجب مبيعات الخام الإيرانية هي الأشد تأثيراً، رغم أن دولاً عدة بينها الصين والهند وتركيا أشارت إلى أنها غير مستعدة للتوقف بشكل كامل عن شراء النفط الإيراني. ويرى مسؤولون أميركيون أن ضغوطات ترامب أثمرت عن بعض النتائج، إذ يشيرون إلى توقف قوات البحرية الإيرانية المفاجئ عن مضايقة السفن الحربية الأميركية في الخليج هذا العام. ويقول مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، وهو مركز أبحاث في واشنطن ضغط من أجل إعادة التفاوض على الاتفاق النووي الإيراني، إنه عندما تشعر إيران «بصلابة الجانب الأميركي تتراجع لكن عندما ترى أميركا ضعيفة تندفع. في الوقت الحالي، هم يدركون صلابة» واشنطن.
طهران: لا يحق لأحد غيرنا الحديث عن أمن الخليج ومضيق هرمز
طهران - وكالات - قال كبير الناطقين باسم القوات المسلحة الإيرانية العميد أبوالفضل شكارجي، أمس، إنه «لا يحق لأحد الحديث عن أمن الخليج ومضيق هرمز سوى إيران، لأنّها هي وحدها الكفيلة بأمنهما»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية «إرنا».واعتبر شكارجي أن إيران «وحدها كافلة لأمن مضيق هرمز، وقوة وكفاءتها الإقليمية لا يمكن فصلهما عن أمن المضيق»، مشيراً إلى أن «كل ما تفعله إيران في الخليج يخدم أمن هذه المياه».وعما يتردد عن تدخّل «الحرس الثوري» في الشؤون السياسية بالبلاد، اعتبر شكارجي هذه الأقوال «شائعات»، مضيفاً ان «ما يقوم به الحرس هو تنفيذ مهامه المحالة إليه قانونياً، باعتباره ركيزة من ركائز قوة الجمهورية الإسلامية الإيرانية يُفهِم العدو والحاقدين على إيران بمواقف البلد الصارمة ويُفهمهم مدى قوتنا»، حسب تعبيره.