تستحقّ الدورة الحالية لـ«المنتدى الاقتصادي العربي» المنعقدة في بيروت على مدى يومين (أمس واليوم) أن تكون دورة مرزوق الغانم بامتياز، وهي كذلك، ليس لأنه ضيف شرفٍ انتقلَ «من وطنه إلى وطنه وبدا لبنانياً بقدر ما هو كويتي»، أو لأنه أول رئيس برلمان عربي يشارك في المنتدى ودوراته السنوية على مدى ربع قرن، بل لأن الإصغاء لكلمته في الاقتصاد والسياسة والأخلاق كان «مدوّياً» في الإنصات لما قاله عن الكويت وفلسفة حكيمها سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد «والدنا قبل أن يكون قائدنا، وكبيرنا قبل أن يكون أميرنا»، ولما قاله عن لبنان، النصف الآخر لتوأم اسمه الكويت ولبنان، حين أكد جدلية راسخة تقوم على «أن لبنان ضرورة عربية ودولية، وأن استقراره وأمنه ونموه مسؤولية عربية ودولية أيضاً». (التفاصيل ص 2)ولم يكن أدلّ من عاصفة التصفيق في ملاقاة كلام الرئيس الغانم، سوى «إقرار عفوي» من راعي المنتدى رئيس «الحكومتين» المستقيلة والعتيدة سعد الحريري، حين خرج عن النص وهو يتوجّه بالشكر لدولة الرئيس الغانم قائلاً: «لا أظن أن أحداً تحدّث عن محبة الكويت للبنان والعلاقة بين الدولتين والشعبين كما تحدثت أنت، وأنا دائماً أقول يا ليت اللبنانيين يحبون لبنان كما يحب الكويتيون لبنان، وكذلك الحال بالنسبة إلى كل الخليج»، مثمناً عالياً دور «سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في دعمه الدائم للبنان في كل المراحل التي واجهنا فيها حروباً، وهو كان في طليعة مَن وقفوا معنا»، شاكراً مشاركة الغانم ووجوده «الغالي جداً».وطبعتْ كلمة رئيس مجلس الأمة جلسة الافتتاح، وهو الذي استهلّها بتأكيد «ان التحولات الثلاثة التي تستهدفها رؤية الإصلاح الاقتصادي في الكويت تتعلق بالانتقال من اقتصاد ريعي يحكمه القطاع العام إلى اقتصاد تنافسي يحركه القطاع الخاص، ومن قاعدة انتاجية ضيقة تعتمد على ثروة ناضبة إلى التوسع في قاعدة انتاجية عريضة تساهم فيها الأنشطة المالية والتجارية واللوجستية بنسبة عالية من الناتج المحلي الإجمالي، والتحول الثالث من قوة عاملة تشكل العمالة الوافدة النسبة الأكبر من هيكلها إلى عمالة وطنية تشكل العمود الفقري لهذا الهيكل».وأضاف: «الإصلاح الاقتصادي والمالي ثلاثي الأبعاد. هذا يستلهم فكر حضرة صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه الذي هو والدنا قبل أن يكون قائدنا، وكبيرنا قبل أن يكون أميرنا، والذي يطمح إلى أن يجعل الكويت مركزاً تجارياً ومالياً إقليمياً ودولياً».وتناول الغانم آفاق الاصلاح المالي والاقتصادي في العالم العربي قائلاً: «إن الإصلاح أشبه بالعمل الجراحي مؤلم موجع ولكن لا غنى عنه. فالتغيير أول شروط الاستمرار، والتغيير مستحيل مع تمسك كل فريق بخندقه ومكاسبه، والتغيير مستحيل مع بقاء كل مسؤول في منصبه. ولعل أقرب مثال عملي حديث على هذا النهج هو عملية إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي التي تتمّ برعاية مباشرة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وبمتابعة حثيثة من ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان». واذ أكد «ان الاصلاح بحاجة إلى نفَس طويل من الحكومات ومن الشعوب على حد سواء»، أسف لـ «أن بعض حكوماتنا لا تصارح شعوبها بالحقائق عن أوجاع الإصلاح وآلامه وعن فترة التحول وتداعياتها. كما أن هذه الحكومات لا تبيّن لشعوبها التكلفة المالية والاقتصادية والاجتماعية لتأجيل الإصلاح أو التردد بشأنه، وهذا ما يفسر سبب النفَس الشعبي القصير في الصبر على مقتضيات الإصلاح وآلامه».
محليات
أشاد برؤية السعودية الإصلاحية التي يقودها خادم الحرمين والأمير محمد بن سلمان
الغانم: الإصلاح مؤلم... لكن لا غنى عنه
03:41 ص