«لقد نجح نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد في سبع سنوات من الحرب»، قال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو في جلسة استماع في مجلس الشيوخ، مضيفاً في معرض مقارنته دوري الأسد وايران في سورية - انه «من وجهة نظر أميركا، يبدو لي ان ايران هي الخطر الأكبر، وعلينا التركيز عليها». مقارنة الأسد بايران، والتوصل لاستنتاج بأن الرئيس السوري ناجح في حربه، فيما الوجود الايراني في سورية هو الذي يشكل خطراً على الولايات المتحدة، هو تصريح يصف بفائق الدقة سياسة الرئيس دونالد ترامب الخارجية: مصادقة العالم ومواجهة ايران. في هلسنكي في السادس عشر من يوليو المقبل، سيعقد ترامب لقاء قمة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. ترامب صمم شخصياً صورة القمة لتتماهى مع لقاء الرئيس الراحل رونالد ريغان مع زعيم الاتحاد السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشيوف في ريكيافيك (ايسلندا)، في اكتوبر 1986. غالبية الأميركيين تتذكر اللقاء على ان ريغان عقده مع عدو أميركا السوفياتي، على رغم الاعتراضات الواسعة في الداخل الأميركي، وأعلن يومها انفتاحه على موسكو، فانهار نظامها، وخرجت أميركا منتصرة من الحرب الباردة. في قمته وبوتين في هلسنكي (فنلندا)، سيحاول ترامب تكرار صورة لقاء ريغان - غورباتشيوف. في ريكيافيك، تحادث الأميركيون والسوفيات حول تقليص ترسانتيهما النووية، والتوصل إلى مصالحات للنزاعات حول العالم. في هلسنكي، سيقدم ترامب ما يعتقده عرضاً مغرياً لبوتين: أميركا تسامح روسيا في كل الشؤون العالقة، من احتلال موسكو لشبه جزيرة القرم الاوكرانية، واجزاء من جورجيا، وسيطرتها على سورية وابقائها نظام الأسد، وتجاوزها حقوق الانسان داخل روسيا. اما دليل مسامحة أميركا لبوتين في كل ما ارتكبه فسيتجلى باعادة ترامب روسيا إلى مجموعة الدول الثمانية. وكان ترامب دعا، في آخر لقاء لمجموعة الدول السبعة في كندا في الثامن من الجاري، إلى إعادة روسيا إلى هذه المجموعة، بعدما اخرجتها المجموعة عقاباً على احتلالها القرم، ما يعني ان عودة موسكو من دون الانسحاب من القرم هي بمثابة اعتراف غربي بأن لروسيا الحق في ابتلاع اجزاء من اوكرانيا. في مقابل كل التنازلات التي سيقدمها ترامب لبوتين في هلسنكي، سيطلب ترامب طلباً وحيداً من الرئيس الروسي: المشاركة في محاصرة ايران والمساهمة في هز، وربما القضاء على، نظام الجمهورية الاسلامية في ايران. سيقدم ترامب تنازلات إلى كل الدول المعنية بشرط واحد: الانضمام لحملة الولايات المتحدة ضد ايران. لن تستثني واشنطن الرئيس السوري من عرضها المغري الذي ستقدمه إلى بوتين. سيكون على الأسد، لا التخلي التام عن تحالفه وعلاقته مع ايران، بل تقديم ما في حوزته من معلومات استخباراتية للمساهمة في المواجهة الأممية ضد ايران والميليشيات الموالية لها، وفي طليعتها «حزب الله» اللبناني.مطلع العام 2009، افتتح الرئيس السابق باراك أوباما سياسة «الانخراط مع الأسد». كانت تلك السياسة مبنية على «تغيير في تصرفات» النظام السوري ورئيسه، وربما استخدام العلاقة المستجدة معه للوساطة مع ايران. عرض ترامب اليوم للأسد يختلف عن عرض أوباما، فالرئيس الأميركي الحالي يريد ان ينخرط الأسد تماماً في المعسكر المعادي لايران كثمن بقائه في السلطة في دمشق، لا انصاف حلول ولا وساطات للأسد بين الغرب وايران. اما ان رفض الأسد الانقلاب على إيران و«حزب الله»، فان أميركا - في الغالب بالاشتراك مع روسيا - ستعملان على بدائل له في سورية، في طليعة البدائل العميد سهيل الحسن، الملقب بـ«النمر» ورجل روسيا في الجيش السوري، في وقت تسعى كل من أميركا وروسيا، حسب ما سبق ان أوردت «الراي»، إلى تجنيد قبائل في عموم سورية ولبنان للتحالف معها كبديل للقوى القائمة. السياسة الخارجية لترامب، ان امكن إطلاق اسم عقيدة عليها ، فهي بلا شك عقيدة تتمحور حول مصادقة انظمة العالم من شرقه إلى غربه، من الكوري الشمالي كيم جونغ أون وبوتين إلى الفرنسي ايمانويل ماكرون. اما الحكومة الوحيدة التي يبدو ان ترامب مصمم على مواجهتها، ومصمم على جعل مواجهة دول العالم لها مقياساً لصداقة زعماء العالم لأميركا، هي إيران. هذه المرة، قد يكون على نظام الأسد الاختيار، وهو اختيار اذاعه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في خطاب بقوله ان مقاتليه لن ينسحبوا من سورية إلا بطلب من الأسد. فهل يطلب الأسد ذلك، أم يتخلف عن الطلب ويواجه امكانية استبداله وبقاء نظامه، وهي امكانية يبدو ان حليفته موسكو هي التي تقودها، وتؤيدها فيها بقية عواصم العالم، وفي طليعتها واشنطن.
خارجيات
رفض الأسد الانقلاب على طهران يقابله خيار... «النمر»
عقيدة ترامب... القضاء على نظام إيران
01:49 ص