ملف أسبوعي من إعداد: عبدالعليم الحجار

مما لا شك فيه أن فريضة الصيام لا تدعو إلى أن يركن الصائم إلى الخمول والتكاسل في عمله بذريعة الجوع والعطش والإجهاد، بل هي تقتضي مزيدا من النشاط وروح الانضباط والإخلاص في النية وفي العمل. بل إن إتقان العمل خلال رمضان يرقى بالصيام إلى درجة أعلى في درجات قبول تلك الفريضة عند الله.  وانطلاقا من هذه الحقيقة التي عليها إجماع كامل بين فقهاء الدين الإسلامي، نقدم في التالي طائفة من النصائح التي من شأن اتباعها أن يُسهم في زيادة مستوى وجودة إنتاجية الموظف والعامل المسلم خلال الصيام... أو على الأقل الحفاظ عليهما:

أولا: العادات العامة• بشكل عام، احرص على تقليص كل أشكال إهدار وقتك وطاقتك وجهدك خلال أيام وليالي شهر رمضان، بما في ذلك تقليص متابعة وسائل التواصل الاجتماعي ورسائل الإيميل الشخصي والاتصالات التلفونية غير الضرورية.• يبقى كثير من المسلمين مستيقظين طوال الليل خشية أن يفوتهم تناول وجبة السحور. ولأنه يتعين عليهم أيضا أن يبقوا مستيقظين بعد السحور كي يؤدوا صلاة الفجر، فإن ذلك يعني أنهم لا يكون أمامهم سوى ساعات قليلة للنوم قبل الذهاب إلى العمل. ويكون لذلك الأمر انعكاسات سلبية على أداء وانتاجية الصائم في العمل. لذا، من الأفضل أن ينظم الصائم وقته بحيث ينام بضع ساعات حتى موعد السحور ثم يتستيقظ ليتسحر ويصلي الفجر ثم ينام سويعات أخرى ليستيقظ بعدها نشيطا وقادرا على أداء العمل بكفاءة.وعموما، احرص على أن تنام ما اجماليه 6 ساعات على الأقل قبل الذهاب إلى العمل. فمن العادات السلبية المؤثرة على الانتاجية أن تسهر طوال الليل ثم تنام لمدة 3 ساعات فقط قبل الذهاب إلى العمل (بعد صلاة الفجر) ثم تعود تنام من جديد بعد عودتك من العمل. • حاول قدر المستطاع أن تُرجئ الزيارات ودعوات الإفطار العائلية الرمضانية إلى نهاية الأسبوع. ولكن إذا اضطررت إليها في منتصف الأسبوع، فأحسن التحضير والتخطيط لها بحيث لا تستنزف وقتك وجهدك بما ينعكس سلبيا على نشاطك وأدائك في العمل في اليوم التالي.ثانيا: عادات تتعلق بالعمل• أهم وأنشط ساعات عملك في رمضان هي الساعات الأولى في الصباح، وذلك لأنك تكون فيها عند أعلى مستويات طاقتك البدنية والذهنية. لذا، احرص على التركيز خلال تلك الساعات قبل أن تبدأ المشاعر المنهكة في التسلل اليك، بما في ذلك الشعور بالجوع أو العطش أو الرغبة في التدخين أو في تعاطي مشروبات تحوي الكافيين كالقهوة والشاي.• صحيح أن لتلاوة القرآن أجر وفضل عظيمين في أي وقت، ولا سيما في شهر رمضان. لكن اعلم أنه ليس من أخلاقيات الإسلام عموما وفريضة الصيام خصوصا أن تقتطع من ساعات العمل لتؤدي سُنة تلاوة جزء من القرآن الكريم. ووفقا لما أجمع عليه كبار فقهاء الدين الإسلامي، فإن وقت العمل مدفوع الأجر، واقتطاع جزء منه لأي شيء آخر (باستثناء الاقتطاعات المحدودة لأداء الصلاة وما شابه ذلك) يُعد أمرا محرماً وأكلا لحقوق رب العمل، ناهيك عن أنه قد يعطي انطباعا سلبيا مفاده أن فرائض وشعائر الإسلام تجعل المسلم يهدر وقت ومصلحة العمل الذي يتقاضى عليه أجرا.• حاول أن تتفادى الاختناقات المرورية خلال ذهابك إلى العمل وعودتك منه، فتلك الاختناقات تستنزف الطاقة البدنية والذهنية. • واظب دائما في نهاية كل يوم من أيام العمل على تدوين كل المهام المطلوبة منك في اليوم التالي وفكر في تلك المهام وفي كيفية انجازها. فهذا من شأنه أن يجعلك مستعدا ذهنيا ونفسياً لليوم التالي.

إنجازات عُظمى ... حقّقَها صائمون

إذا كان هناك من يرى أن صيام رمضان يبرر الخمول، فعليه أن يصحح أفكاره. فمنذ بزوغ الإسلام، لم يكن الصيام ذريعة للتكاسل وعدم بذل الجهد. وأوضح دليل على ذلك هو أن الحروب تتطلب بذل جهود شاقة، ومع ذلك فإن عددا غير قليل من الفتوحات والمعارك الاسلامية الكبرى تم في شهر رمضان.وفي التالي، نستشهد على ذلك  بعدد من أبرز الانجازات الحربية التي حققها جنود مسلمون بينما كانوا صائمين:• غزوة بدر الكبرى: كانت أولى وأهم المعارك المهمة في التاريخ الإسلامي (17 شهر رمضان، في سنة 2 هـ).• فتح مكة: كان حدثا عسكريا فارقا في تاريخ الإسلام (20 رمضان، سنة 8 هـ).• فتح الأندلس: في 15 رمضان 138هــ، عبَرَ عبد الرحمن الداخل البحر الأبيض بجيشه إلى الأندلس ليؤسس هناك دولة إسلامية فائقة القوة والازدهار.• موقعة حطين: في 26 رمضان 583 هـ، كانت موقعة حطين بقيادة الناصر صلاح الدين الأيوبي، والتي حررت مدينة القدس.• موقعة عين جالوت: في 25 رمضان 658 هـ، قاد سلطان مصر سيف الدين قطز جيشا مسلما لمنازلة جيش المغول في موقعة عين جالوت التي انتصر فيها المسلمون انتصاراً ساحقاً، وأدت إلى القضاء على المد المغولي.• معركة عمورية: بتاريخ 6 رمضان من العام 223 هـ، حاصر جيش من المسلمين مدينة عمورية تلبية لاستغاثة «وا معتصماه» التي أطلقتها امرأة مسلمة. ودخل الجيش المدينة منتصرا على الجيش البيزنطي في 17 رمضان.• حرب أكتوبر (العاشر من رمضان): بتاريخ 10 رمضان (6 أكتوبر 1973)، انطلقت حرب على إسرائيل من الجبهتين المصرية والسورية، وشاركت فيها قوات من دول عربية عدة، وعبر الجيش المصري قناة السويس محطماً خط بارليف المنيع.