• أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى قامت الدولة العثمانية آنذاك - حسب الرواية الأرمنية - بارتكاب مجازر مروعة ضد الأرمن القاطنين أرضهم، فقد تم اعدام مئات المثقفين والرموز منهم في يوم واحد، كما أن الأرمن كانوا وما زالوا يؤرخون لمجازر وتشريد طال قرابة المليون شخص كلهم ماتوا في الصحاري نتيجة الجوع والعطش والضياع بعد أن تمت إبادة قرى الأرمن بالكامل، وذلك كله حسب الرواية الأرمنية التي لا تزال حية ويتم التذكير بها سنويا. وحسبها أن هذا كله كان بسبب اختلاف العرق والدين فقط، والدولة العثمانية وقتها اتهمت بعض الأرمن بخيانتها مع عدوها في الحرب - الاتحاد السوفياتي - وهذا ما دعا إلى تنفيذ حكم الإعدام بمئات الآلاف من رموز الأرمن. التاريخ ما زال يستذكر هذه المذابح التي طالت عرقا كاملا وشعبا بأغلبه، وقتها صدرت فتوى من شيخ الأزهر آنذاك الشيخ سليم البشري بتحريم التعدي على المسيحيين القاطنين هناك أو ايذائهم، لكن كالعادة لا صوت يعلو على صوت الغوغاء! • اليوم يعود تاريخ الأرمن في عفرين ضد الأكراد وفق تناقض دولي غريب جدا وصمت مطبق عن حقوق الأقليات والحفاظ على سلامة وأمن الشعوب. ويأتي هذا التحرك الجديد بذات العلة التاريخية السابقة ألا وهي: محاربة الإرهاب! حتى وإن كانت كل القوى الأقليمية ضد الانفصال أو تقسيم الدول التي تعاني من حروب داخلية، لكن هذا «الضد» لا يعني أبدا إبادة عرق أو شعب بهذه الحجة! • الغريب أن العملية التركية داخل الأراضي السورية وضد جزء من الشعب السوري - وهم الأكراد - تتم بمعرفة وموافقة وتسهيل روسي - أميركي! لوزير الدفاع الأميركي تصريح نشره قبل أيام عدة: «تركيا أبلغت واشنطن قبل الضربات الجوية في سورية ضد الوحدات الكردية التي تدعمها أميركا»! أميركا تدعم هذه الوحدات وفي الوقت نفسه تأذن لتركيا بقصفها!!! • منذ أكثر من ثلاث سنوات والقوات الدولية في العراق وسورية والحكومات المحلية أيضا، تعتبر القوات الكردية عنصرا مهما في الحرب ضد «داعش»، وقد تم الاعتماد عليهم في كثير من هذه المواجهات، بل لوزير الدفاع الأميركي تصريحا نصه «لقد برهن الأكراد على فاعليتهم في محاربة الإرهاب، وكلفهم ذلك آلاف الضحايا وشاهدنا كيف يمزقون تنظيم داعش في سورية»!! والآن بعد أن تمت السيطرة على الوضع في سورية والعراق، يتم السماح بقصف الأكراد من قبل حلفائهم! • اليوم يواجه الأكراد ما واجهه الأرمن ويظل هذا العالم المتناقض متفرجا! • إن كانت هناك حرب معلنة ضد الإرهاب، فإنها تعني بالضرورة أو يجب أن تعني أنها حرب ضد أي تطرف فكري... ضد أي إقصاء... ضد أي تمييز أو تفرقة بسبب العرق أو الدين. هذه كلها بذور الإرهاب... منها نشأت كل هذه الجماعات الإرهابية... تقرير أن نعيش بتسامح واحتواء... أين هذا كله من النظرة ضد الأكراد الآن؟ أين هذا كله من «حرب الإبادة» التي تُشن ضدهم ؟ أليس في ذلك إرهاب أيضا؟ • أليس ما يتم شنه ضد الأكراد هو ذات ما فعلته «داعش» ضدهم أو ضد الأعراق والديانات المخالفة؟ • محاربة الإرهاب تعني محاربة التطرف الفكري من «داعش» كان أو من غيرها! @lawyermodalsbti
مقالات
واضح
في عفرين... هل يعود تاريخ الأرمن!
12:58 م