أن تقف الأسرة الثقافية، على طرقات مختلفة، وتخطو خطوات لا تقارب فيها أو اتفاق، وأن تستلهم من الحوار المنفرد الذي يعزف على وتر واحد من دون استحضار الوتر الآخر... ليحكي بعضهم على سجيته، ويقرر على هواه، ويندفع في اتخاذ رؤيته من خلال ما تعكسه مرآته الخاصة، التي لا يظهر فيها غير وجهه.معناه... أننا نمرّن هواجسنا على الولوج بشدة في دوائر مغلقة، لن يكون فيها الشأن الثقافي والأدبي، بحاجة إلى أن يكون ملهما لكافة الشؤون الأخرى السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والنفسية، فإننا في هذه الحال ضربنا أشد الأمثلة ألما في تغييب الكلمة والرؤية الثقافية في معالجة الأمور التي تظهر بغتة.... وقناعتي في أن الثقافة ليست خبرا يعتمد في عناصره على الخلاف والانشقاق، ولكنها متعة في الكتابة، وتشييد لبناء المجتمع الفكري والعلمي والمعرفي... جعلتني لا أقبل- بأي حال من الأحوال- أن تتنافس المحنة الخبرية على المنحة الإنسانية، وأن يشتدّ عسر التفاهم على يسر التلاقي، وتتباعد الرؤى التي تجمع في امتدادها الأحلام والتطلعات، على حساب التقارب الذي من المفترض أن تمنحه الكلمة لأصحابها الرافعين مشاعلها.أقول ما قلت... وفي يقيني أن رابطة الأدباء الكويتيين تمر بمأزق لا يمكن الخروج منه إلا من خلال تدخل أدباء الكويت الكبار المشهود لهم بالحكمة، من أجل استلهام روح الأدب في حل الخلافات، وعدم تركها كي تتصاعد إلى خارج دائرة رابطة الأدباء، ما يعطي انطباعا مقلقا في أن الثقافة- أيضا- لها مواقفها العدائية، المبنية على حسابات شخصية، وليست كما ننظر إليها على أساس انها الإبداع الذي يأخذ من الكلمة صوره، والحلم الذي يبدو نقيا، والكشوفات المتطلعة إلى سطوع الحقيقة.وأرى- كما يرى كثيرون- أن رابطة الأدباء هي الملهمة لمختلف مؤسسات النفع العام، والنموذج الذي يتلو تلوه كل من يستشرف في الكلمة سبيلا للخلاص من وطأة الحياة بكل تعقيداتها ومتاهاتها المضللة... لا قرار فيها لمجلس إدارة من دون موافقة الأعضاء الذين تزهد أنفسهم في الترشح أو حتى الترشيح، هي المكان الذي يتعين ألا يكون مطمعا لمنصب، أو مقصدا لتحقيق مآرب شخصية، هي كل ما لا يمكن أن تكونه أي مؤسسة أخرى... في رابطة الأدباء يجب أن تكون الحلول جاهزة لأي خلاف مبني على مسألة شخصية سواء في داخل مجلس الإدارة أو خارجها، يجب أن تسيطر المحبة والتسامح على الأصوات التي تعلو أو تنخفض... لا مكان للصدع إلا ورأبه جاهز على طاولة الحوار الجاد المقنع.فليس في استطاعتنا التخلي عن الكلمة وتأجيل أفكارنا، وتخطي تطلعاتنا... كي نتفرغ طائعين، لخلافات ضيقة يمكن لها أن تحل بكلمات قليل تقال في جلسة حوارية يسودها الود والمحبة.وليس من أولويات المثقفين التناغم مع جدل ضارب في العمق، ونسيان الرسالة التي يجب أن تأديتها بكفاءة... بكلمة يُراد قولها وقصيدة نتطلع لقراءتها، ورواية يتعين أن نمضي قدما في أحداثها، وفكرة تحتاج أن نكشف عن فلسفتها، وتراث ينتظر أن ننفض عنه غبار النسان، وحقيقة يريد الناس مشاهدتها في كتاباتهم وإبداعاتهم.يجب ألا ننسى ذلك ونخوض معارك سواء كانت هادئة أو هادرة، ومن أجل لا شيء... إنها دوائر مغلقة إن دخلها المثقفون فلن يكون هناك قائمة للحياة، لأن الثقافة- رغم انحصار دورها- إلا أنها ما زالت هي الرهان الأهم في منظومة الحياة التي نئن تحت عجلاتها المسرعة الطاحنة.
محليات - ثقافة
مواجهة
«الأدباء»... والعزف على وتر واحد!
08:37 م