تعد تجربة الفنان التشكيلي العالمي سامي محمد - التصويرية والنحتية - من التجارب التي تستحق المتابعة والبحث في مضامينها ورؤاها، بفضل ما تتضمنه من تجديد لافت في مسألة الاسلوب والتكنيك، والقدرة على استلهام الرمز من كمنظور متخيل، قادر على التنوع والخضور.هكذا جاء معرض سامي محمد الأخير الذي أقيم في غاليري «بيكار آرت» في السالمية، وحرص فيه على أن تظل رؤيته للخيال متوهجة بالحرية والحركة، ومحلقة في فضاءات عميقة من الصدق والإخلاص للعمل الفني التشكيلي... من خلال ما قدمه من أعمال قديمة أو جديدة.وفي هذه الأنساق الجمالية، اشتبكت أفكار محمد مع مواضيع إنسانية ذات صلة بالواقع والخيال معا، من اجل إضفاء الجمال على لوحاته التشكيلية، بكل ما تحمله من تناغم حسي بين الألوان وعناصر الأعمال، فيما بدت التجليات اللونية معبرة- خير تعبير- عن تداعيات حياتية موغلة في الجمال.وبدت اللوحات التي تضمنها المعرض - والذي أخذ عنوانا لافتا «وجوه مختلفة» - متناسقة مع ما يريد الفنان توصيله إلى ذهن المتلقي، وفق تصورات رؤيوية مفعمة بالحيوية والحركة، ومن ثم فقد تماهت الألوان في أنساقها المتنوعة، وعبر ممرات حسية متوائمة مع المتخيل والواقعي.ففي مائيات الفنان... يمكن ملاحظة التعابير الجمالية، تلك التي تبحث في ملامح الوجوه عن متغيرات وأحوال وتطلعات، تبرز جوانب خفية في حياة الإنسان، لذا فقد تباينت استدارة الوجوه، وألوان العيون، والانكسارات والأفراح التي بدت متنقلة من وجه لآخر، في تطلع ذهني جذاب.وفي الأعمال التي أخذت عنوان «خلف الجدار»، سنجد المعاناة والتطلع إلى الفرار من وطأة الواقع إلى مساحة الفراغ، بكل ما يحمله من انفراجة، وتوافق ذهني براق، وقابل للتفكير في أكثر من اتجاه.وتبدى الحس الإنساني متألقا في عمل «مصاب خلف الحاجز»، بفضل ما يعتمل فيه من توافق واستلهام للألم، وابراز جوانب إنسانية، بدت فيها اللحظة مهيبة، وذات مدلولات فنية متشابكة مع بعضها البعض.ووجه «بعد الغروب» اتسم بالبعد الرمزي الذي يستنطق الخروج من خلال ملامح وجه امرأة تصرخ، وكأنها ترفض غروب العمر أو غروب الحب أو حتى غروب الجمال، بينما اللحظة صامتة تبحث عن محرك لها.ولوحة «احتجاج على المعاناة»، ترصد الكثير من المشاعر المتداخلة، تلك التي يبدوا فيها الفعل الرمزي حاضرا وبقوة، ومن ثم تماهت الرؤى وفق تصورات موزعة في اتجاهات مختلفة، ومتناغمة مع الفكرة التي يريد طرحها الفنان على المتلقي.وترفض لوحة «لا للبغض» السلبية والشر والكذب والنفاق، في نسق حسي تتوافر في ألوانه الصفراء، الكثير من المعطيات الإنسانية، تلك التي تتسم بأحوال متحركة في أكثر من اتجاه، دون التركيز على معان محددة، تلك التي يبدو فيها التأثير متناغما مع الرمزية.ورسم الفنان «بورتريهات» له، في أشكال عديدة، غير أنها أخذت في جلها الطابع الحزين، الذي يزين الوجه، تعبيرا عما يعتمل في مشاعر الفنان من أحاسيس متداخلة، ترتكز- فيما ترتكز- على الحزن، وهذه الوجوه أخذت أنماطا فنية متداخلة، وتحتاج إلى شحذ الذهن من أجل الوقوف عند معانيها وأفكارها.وتقول السيرة الذاتية للفنان سامي محمد أنه ولد في منطقة شرق في الكويت العام 1943، ودرس النحت في كلية الفنون الجميلة العام 1970 وحصل على دبلوم تقديري من «كان سير مير» في فرنسا العام 1970. وهو عضو مؤسّس للجمعية الكويتية للفنون التشكيلية - 1967، وحصل على العديد من الجوائز المحلية والعالمية، وكُلّف من قبل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بتصميم جائزة الدولة التشجيعية العام 1993 وتصميم وتنفيذ جائزة الدولة التقديرية مع ميدالية العام 2000.وحاز جائزة الدولة التشجيعية لعام 1999 من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، كما حاز جائزة مالية وتقديرية في بينالي طهران الدولي في 2001، ونفّذ مشروعاً ميدانياً عن المرأة الكويتية في 2001.وأوفد في بعثة دراسية الى الولايات المتحدة عام 1973، وحصل على جائزة الشراع الذهبي من المعرض الرابع للفنانين التشكيليين العرب اعوام 1975 - 1977 كما حصل على الجائزة الأولى في معرض الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية أعوام 1974 - 1976 - 1977 وحصل على جائزة الشراع الذهبي من معرض الدول العربية عام 1981، وعلى الميدالية الذهبية من معرض الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية الثاني عشر عام 1981 وحاز الجائزة الأولى في بينالي القاهرة الدولي الأول في 1984، إلى جانب حصوله على الجائزة الأولى للنصب التجميلي لساحة الصفاة عام 1985، والسعفة الذهبية من بينالي مجلس التعاون الخليجي الأول في الرياض عام 1989.واطلق اسمه على تجمع لفنانين تشكيليين شباب عام 2007 «مجموعة سامي محمد للفنون التشكيلية الكويتية»، وانتخب رئيسا لمجلس إدارتها ثم رئيسا فخريا لها.
محليات - ثقافة
خلال معرض أقامه غاليري «بيكار آرت»
سامي محمد... يبحث عن الإنسان في «وجوه مختلفة»
08:22 م