لم تعد ظاهرة الحمل السفاح في الكويت مخفية، أو يتعامل معها في نطاقها الضيق، والحديث الهامس عن القضية أصبح مسموعا، في ظل أرقام وأخبار تؤكد أن الظاهرة أصبحت جديرة بتسليط الضوء عليها، وإعطائها حقها من الأهمية، ولاسيما أنها مسألة تمس أمن البلاد المجتمعي، وتنعكس سلبا على الجانب الأخلاقي.وإذا كانت مسألة العلاقات المحرمة خارج نطاق الزوجية، مألوفة في مجتمعات كثيرة بعيدة عنا، فإن انتقال تلك القضية مع القادمين إلى الكويت، يشكل التحدي الأبرز الذي يجب أن تعد له العدة لمواجهته، ولاسيما أنه يتنافى مع قيم المجتمع والدين، ويدق جرس الإنذار لحماية أبناء الكويت من خطره الداهم، أو حتى محاولات توريطهم في مثل هذه القضايا.ولعل أبرز قضية ظهرت في هذا الجانب، هو جهة الاختصاص في التعامل مع الأطفال الذين يولدون نتيجة تلك العلاقة المحرمة، التي حدد القانون في الكويت أنها دور الرعاية الاجتماعية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، فيما دخلت بعض السفارات على الخط، كما صرح سفير الفيلبين، في رعاية أولئك الأطفال مما أثار جدلا واسعا، حول قانونية رعاية أي سفارة لأطفال السفاح، إذا لم يعرف الوالد، حتى لو كانت الأم من رعايا بلدها.محامون أكدوا لـ«الراي» أن الحمل السفاح ظاهرة هدامة بدأت في الانتشار بسبب نقص الوازع الديني وتنوع الثقافات والجنسيات العاملة في الدولة، مشيرين إلى أن «بعض الخادمات والوافدات اللائي يرغبن في إيقاع البعض ممن تضعف أنفسهم في هذا الفخ، للحصول على مزايا أو ابتزاز هؤلاء الشباب استغلالاً للحظات ضعفهم الغريزي».وشدد المحامون على أن «استقبال بعض السفارات لأطفال السفاح غير جائز قانوناً، كون الجريمة حصلت داخل الكويت، والقانون الواجب تطبيقه هنا قانون الجزاء الكويتي»، مؤكدين «ضرورة إيداع هؤلاء الأطفال في دور الرعاية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، وذلك كتوصيف صحيح حيث إن هؤلاء الأطفال لا يدخلون في عداد العمالة الوافدة ولا روافدها».وعن إبعاد «الحوامل» من قبل بعض الكفلاء تجنبا للمساءلة القانونية، رأى المحامون ضرورة ألا تسمح الجهات المختصة بسفر الحوامل قبل التأكد من عدم نسبة هذا الحمل الى مواطنين كويتيين، وفق إجراءات منظمة دقيقة، حتى لا تتحمل الحكومة أوزار بعض مواطنيها واخطائهم في لحظات غياب عقولهم وحلول غريزتهم وسيطرتها عليهم بدلاً منها.المحامي بدر الحسيني، اعتبر أن «الحمل السفاح أصبح ظاهره هدامة بدأت في الانتشار بسبب نقص الوازع الديني وتنوع الثقافات والجنسيات العاملة داخل الدولة»، لافتا إلى أن «وجود من لا تحرم ديانته أو يجرم قانون دولته الاتصال بامرأة أجنبية عنه، عنصر مهم في تفشي هذه الظاهره التي لا وجود لاحصائيات حقيقية ترصدها محلياً او عربياً».وأضاف الحسيني «يعتبر الحمل سفاحاً عندما تتصل المرأة بالرجل سراً في غياب رابطة الزواج الشرعية والقانونية، وقد جرم قانون الجزاء الكويتي قيام مثل هذه العلاقات المحرمه شرعاً وافرد لها عقوبه لا تتجاوز السبع سنوات»، مبينا أنه «تبقى المشكلة الكبرى في إثبات نسب الطفل المولود سفاحاً، كون قانون الأحوال الشخصية في المادة 173 أورد في شأن إثبات نسب مجهول الهوية شرطاً مهماً، وهو ألا يقر الرجل أن المولود أتى من زنا، وبهذا يكون الطفل هو من يدفع ثمن تلك العلاقة المحرمة».وعن قانونية استقبال السفارات لأطفال السفاح واحتضانهم، قال الحسيني إن «استقبال بعض السفارات لهؤلاء الاطفال غير جائز قانوناً، كون الجريمة حصلت داخل الكويت والقانون الواجب تطبيقه هنا قانون الجزاء الكويتي، وبالتالي يجب إيداع هؤلاء الاطفال في دور الرعاية داخل الدولة، والاهتمام بهم كونهم ضحايا لتلك الجريمة وخاصة ان مصير هذا الطفل تعلق في عدم اقرار الجاني (أبوه) بأنه اتى من الزنا».وأشار الحسيني إلى أن «هناك العديد من الحالات تخشى عقوبة السجن والفضيحة فتنتهي هذه المسألة بالزواج اثناء التحقيقات بالواقعة او قبلها»، مردفا «مع انتشار هذه الجريمة وزيادة عدد العمالة الوافدة والتي بينا ان من بينهم من لا يجرم ولا يحرم هذا الفعل، يتوجب معه نشر الوعي والتحذير بخطورة هذا الجرم وما يترتب عليه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات المرئية والمسموعة».من جانبه، اتفق المحامي خالد الزوير، مع الحسيني على أنه «يمكن اعتبار الحمل السفاح ظاهرة في الكويت، الا ان ذلك ليس بصورة مطلقة بالمقارنة للدول الاخرى، خاصة الغربية منها، ولكن بحسب مجمتعنا الشرقي والاسلامي يمكن اعتبارها ظاهرة، وذلك ناتج عن تعدد الثقفات والجنسيات داخل دولة الكويت».وعن جريمة حمل السفاح، أوضح الزوير، أنه «لا توجد جريمة في قانون العقوبات باسم حمل سفاح ولكن توجد جريمة مواقعة بالرضا للانثى التي يتجاوز عمرها 15 عاما، وعقوبتها خمسة عشر عاما سجنا طبقا لنص المادة 188من قانون الجزاء، وتوجد جريمة مواقعة انثى بغير رضاها وعقوبتها الحبس المؤبد طبقا لنص الماده 186من قانون الجزاءـ ونصت المادة 189على عقوبة من واقع انثى محرما منه بغير اكراه او تهديد او حيلة»وحول قانونية استقبال السفارات للاطفال، رأى الزوير، أن «هذا يعد شأنا داخليا لكل دولة في الحفاظ على رعاياها، خاصة إذا كانت والدة الطفل معروفة الجنسية لذا تعد السفارة هي الملاذ الامن للامهات وهذا امر ليس به ثمة مخالفة للقانون»، لافتا إلى أنه «للتأكد من ابوي الطفل فيمكن ذلك عن طريق تحليل DNA ورفع دعوى نسب وندب لجنة طبية لبيان واثبات ذلك».ودعا الزوير إلى ضرورة توعية الابناء بأن الخادم ليس عبدا يباع ويشترى ويتم انتهاك أعراض الخادمات، ولكن تلك المهنه لها احترامها وسبيل وطريق شريف لكسب الرزق ومن هنا يجب توعيه النشءعلى تلك المبادئ.بدوره، رأى المحامي خالد الهاجري، أن «قضية أطفال السفاح في الكويت نتيجة أخطاء فردية، حيث ككل مجتمع توجد فيه هذه الحالات، فضلاً عن ذلك فإن بعض الخادمات والوافدات اللائي يرغبن في إيقاع البعض ممن تضعف أنفسهم في هذا الفخ سواء للحصول على مزايا أو ابتزاز هؤلاء الشباب استغلالاً للحظات ضعفهم الغريزي».وتطرق الهاجري، إلى قضية «السفاح»، مشيرا إلى أن «الحمل سفاحاً حسبما أورده نص القانون الجزاء الكويتي يكون نتيجة اتصال غير شرعي بين رجل وامرأة ينتج عنه حمل تلك المرأة الأجنبية التي لا ترتبط بمن عاشرها بعقد زواج شرعي، وهنا يجب التفرقة ما بين عقد الزواج الشرعي والرسمي حيث يجوز أن يكون عقد الزواج شرعياً، ولكن لا تتوافر له صفة الرسمية، بينما أن العقد الرسمي الذي يتم على يد موظف مختص هو المأذون الشرعي أو القاضي الشرعي ويوثق بسجلات الدولة الرسمية».وعن قانونية استقبال السفارات لأطفال السفاح واحتضانهم، قال الهاجري إنه،«ليس للسفارات أو القنصليات قانوناً استقبال أطفال السفاح أو احتضانهم وانما وفقاً لقانون الجنسية يجب أن تتكفل بهؤلاء الأطفال دور الايواء والرعاية بالبلد الذي وقع على أرضها انجاب الطفل»وذكر أنه «لا يحق أن تخول مراكز إيواء العمالة الوافدة برعاية أو استقبال أطفال السفاح وانما دور الرعاية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية وذلك كتوصيف صحيح حيث إن هذه الأطفال لا تدخل في عداد العمالة الوافدة ولا روافدها».وحول قيام بعض الكفلاء بإبعاد «الحوامل» إلى بلداهن، رأى الهاجري أن «الكثير من الحالات يتم ابعاد بعض الحوامل الى بلدانهن عن طريق كفلائهن»، مبينا أنه «يجب ألا تسمح به الجهات المختصة حتى لا يتم اللجوء الى إجراءات غير دقيقة ببلدانهن، ثم يحاولن نسبة أبنائهن بالحق وبالباطل الى مواطنين كويتيين. ويجب على السلطات الكويتية في هذه الحالات قبل الابعاد التأكد من عدم نسبة هذا الحمل الى مواطنين كويتيين، وفق إجراءات منظمة دقيقة تتمتع بقدر عال من الشفافية في اتخاذها، حتى لا تتحمل الحكومة أوزار بعض مواطنيها واخطائهم في لحظات غياب عقولهم وحلول غريزتهم المسيطرة عليهم بدلاً منها».
محليات
الظاهرة تشكل تهديداً اجتماعياً كبيراًَ... وعلامات استفهام عن كيفية تحصين الشباب من تربص المتصيّدات
«أطفال السفاح»... تنازع الاختصاص بين سفارات الأمهات ودور الرعاية
10:07 م