مع استمرار مسلسل حصاد «الكيميكال» لأرواح المراهقين والشباب، والتوجه لتغليظ العقوبات على المدمنين والمتعاطين، رأى محامون أن السياسة الجنائية في القضية لن تجدي، بالقياس إلى ما سبق من تجارب في محاربة المخدرات التي لم تنفع معها سياسة العقوبات، داعين إلى تفعيل الجانب التوعوي واستيعاب الشباب بشغل وقت فراغه، قبل أن يستقطبه مجرمو ترويج السموم.واعتبر المحامون، في استطلاع اجرته «الراي» أن أعداد المدمنين في الكويت يتصاعد وغالبيتهم من الشباب؛ ما يحتم التعاون والتكاتف بين مؤسسات الدولة والأسر باعتبار أن تلك الآفة في قمة الخطورة ومواجهتها يتطلب تكاتف الجهود للقضاء عليها. ورأوا أن «الفترات العمرية التي يتعاطى خلالها الفرد مخدر الكيميكال تبدأ من فترة المراهقة لغاية السن الخامسة والعشرين»، مشيرين إلى أن «تجميل أسماء هذه المخدرات بوصفها سبايس أو الكيميكال يؤثر على مدى تقبلها من قبل الشباب خاصة، وأنهم من فئة عمرية تميل الى تجربة كل شيء».وفيما أكدوا أن «الفقر ليس سبباً للتعاطي، بل إن اغلب المدمنين من ميسوري الحال»، شددوا على ضرورة عمل برنامج توعوي يوضح أضرار هذه الآفه وكيفية وقاية الأبناء منها ولا سيما انها تنشط بشكل لافت في المدارس وطلاب المعاهد والجامعات.المحامي أحمد ذعار المطيري يرى أن «أسباب تفشي ظاهر تعاطي السبايس والكيميكال يعود إلى قلة الوعي وعدم قيام مؤسسات الدولة بدورها المطلوب منها في احتواء الشباب بالاضافة إلى غياب الدور الاسري والتربوي وقلة الوازع الديني بلاشك كان سببين رئيسيين في زيادة عدد المتعاطين».وحول التأخر في تصنيف مادة «السبايس» كمخدر وإبقائها خارج التجريم القانوني لفترة طويلة، ما فتح الباب أمام انتشارها بين أوساط الشباب، قال المطيري ان «التأخير في تصنيفها كمواد مجرمة قانوناً لايعد سبباً مبرراً وكافياً للقول بأن سبب انتشارها عائد الى قصور تشريعي فالمجتمعات الراقية تدين لاخلاقها وقيمها وليست بحاجة لقوانين لكي ترتقي»، مشيرا إلى أن «أعداد المدمنين في الكويت يتصاعد وغالبيتهم من الشباب وهو ما يحتم التعاون والتكاتف بين اجهزة الدولة والاسرة باعتبار ان الافة خطيرة ومواجهتها يتطلب التكاتف للقضاء عليه».وعن انتشار المتعاطين للكيميكال من فئة الشباب المتعلمين والمستقرين اجتماعيا، بعكس بقية المخدرات التي يتعاطاها من يعانون من مشاكل أسرية أو ماليه، أوضح المطيري أن «الفقر ليس سبباً للتعاطي بل إن اغلب المدمنين ميسورين الحال لكن بسبب الادمان ساءت اوضاعهم المادية لكون اثار المخدرات ليست قاصر على صحة وعقل الفرد بل متعدية فهي يتضرر منها المدمن اولاً وافراد اسرته والمجتمع بأسره، لكون الفرد يتحول من معول بناء الى معول هدم دون ان يشعر».وذكر أن «تغليظ العقوبات أمر غير مناسب لمثل هذه الحالات، فالسياسة الجنائية الحديثة تتطلب الاصلاح والتأهيل واعادة بناء الفرد المذنب اما مسألة تغليظ العقوبات دون معالجة الاسباب اراها هروب من تقصير الدولة والمجتمع وتبرير ذلك بكيفية الردع وتعنيف المدمن».من جانبه، أشار المحامي بدر نايف المطيرات، إلى أن «أسباب تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات الكيميائية السبايس والكيميكال يعود إلى ثمن هذه المخدرات الكيميائية حيث أسعارها في متناول الجميع بخلاف المخدرات الاخرى كالهيروين مثلا»، لافتا إلى أن «توجه الشباب إلى الادمان له اسباب عديدة اهمها قلة الوازع الديني وعدم مراقبة الابوين لتصرفات ابنائهم».وأشار المطيرات إلى أن «التاخر في ادراج الكيميكال كمخدر ادى الى الحاجة الماسة لمعالجة الشباب الذين ادمنوا على هذه المخدرات الكيميائية»، مبينا أن «ذلك يستدعي التدخل التشريعي لمعالجة كل من يتعاطى هذه المخدرات بايداعهم في مستشفيات لتلقي العلاج من هذا المرض الفتاك وليس الزج بهم في السجون، على ان يكونوا تحت الرقابة القضائية، وبذلك سوف يتم استئصاله من المجتمع».بدوره، قال المحامي إبراهيم البطحاني، على أن أحد اهم أسباب انتشار ماده الكيميكال هو عدم تحذير الشباب منها، لافتا إلى أنه «في البدايه كانت تقدم على أساس أنها نوع من التبغ، وكانت غير مجرمة قانونا بل انها لاتظهر عند فحص المتعاطي وهذا مما ساعد من انتشار هذه المواد المخدرة بقوه وهو ما أدى إلا أن أصبحت أبشع القضايا في الكويت بسبب انتشار تعاطي الكيميكال بين الشباب».وحول الحاجة إلى حزم أمني ليواكب «لا مبالاة» تجار السموم بالأرواح، أوضح البطحاني، أن «الامر يحتاج إلى توعيه وحزم أمني لأن انتشار تعاطي هذه المواد المخدرة اصبحت تعرض رجال الأمن إلى الكثيرمن الخطر، لذلك لابد من تنشيط الدور الإعلامي عن طريق وزارة الداخلية لتوعية المجتمع»، مشددا على ضرورة عمل برنامج توعوي يوضح أضرار هذه الآفه وكيفية المحافظه على الأبناء منها وتكون بشكل نشط في المدارس وطلاب المعاهد والجامعات بالاضافة إلى انشاء مصحات على مستوى عالٍ لعلاج المدمنين الذين يعتبرون ضحايا قبل أن يكونوا متهمين بتعاطي هذه المواد السامة.من جانبه، يرى المحامي صالح المكيمي أن «انتشار مخدر الكيميكال يعود لعدم وجود توعية فعالة بشكل اساسي وبالتالي يقوم الوسط الشبابي على تداولها دون معرفة مسبقة على ماهو مقدم عليه خصوصا ان الاعلام كذلك له دور في تصوير الادمان على انه شي بسيط وطبيعي وبالاضافة الى رخص ثمنها ما يجعلها بمتناول الجميع».وعن متوسط أعمار متعاطي الكيميكال والسبايس، قال المكيمي، أن«متوسط الاعمار بين 14 إلى 22 سنة فهم مراهقون بشكل عام»، لافتا إلى أنه«قد يكون هنالك اشخاص لديهم توجه للادمان من ذاتهم، ولا ننسى الدور الكبير الذي يلعبه الاعلام الاجنبي او المحلي في تصوير الادمان احيانا على انه متعة، وبالتأكيد نحن نتحدث عن فئة عمرية تحب تجربة كل شيء».ويرفض المكيمي تغليظ عقوبة التعاطي لتصل إلى الاعدام والمؤبد، مبينا أن المتعاطي مريض يجب علاجه وليس مجرما ليتم عقابه، مردفا أنه يجب عقاب المروجين انفسهم وعقوبة الاتجار تصل للاعدام مع ذلك لا تزال تتداول لذلك نحتاج تعاونا بين مؤسسات الدولة بحيث تتكاتف وزارة التربية والداخلية والصحة ليجدوا حلا مشتركا كفيلا بالقضاء عليها.بدوره، اعتبر المحامي فهد ماهر الشطي، أن«غياب الدور التوعوي لمؤسسات الدولة الإعلامية و فقر المناهج بالمواد المتعلقة بتبيان آثار و أضرار المخدرات الكيميائية أحد أهم أسباب انتشاره، وكذلك تجميل أسماء هذه المخدرات بوصفها سبايس أو الكيميكال يؤثر بمدى تقبل الشباب لها بالاضافة إلى تراخي الحساب الاجتماعي يعد سبباً مهماً في انتشارها، مبينا أن«غياب هذه المواد عن جدول المواد المخدرة و التأخر في تجريمها كان أحد أهم الأسباب لانتشارها والجعل منها ظاهرة متفشية وذلك لغياب أي رادع قانوني و أي خوف من حيازتها أو تعاطيها».وعن أسباب توجه الشباب نحو الادمان، قال الشطي إن«الشباب في الكويت يفتقر للترفيه بشكل كبير، فنجد أن الشباب في الغالب لايملك مكاناً يقضي به ساعات فراغه مما يجعله عرضةً لتجربة كل ماهو مثير للتسلية على حسب وصف الناس»، مردفا أنه«في السابق كانت مراكز الشباب في المناطق تجذب أغلب الشباب لممارسة الرياضة أما اليوم فقد أصبحت موحشه ومهترئة لا تصلح لاستقبال الشباب، وكذلك انخفاض سعر هذه المواد حيث ان الحصول على بعض أنواعها قد لا يكلف إلا مصروف يومين أو ثلاثة لأي طفل، مما يجعل الحصول عليه سهلا وغير معقد أبداً»، مشيرا إلى أن«هذا النوع من المخدرات ينتشر عند الأطفال من سن الرابعة عشرة وحتى متصف العشرينيات في الغالب».وذكر أنه«في الغالب هذا النوع من المخدرات هو بوابة لباقي أنواع المخدرات الأكثر تأثيراً وخطراً لذلك نجد أن نسبة المقبلين عليه أكثر بكثير من بقية المواد المخدرة، فقد يكون الفضول الذي يكتسي الشخص هو السبب الأول لتعاطي هذه المخدرات بحجة أنها تجربة ولن يتم الاستمرار بها».ودعا الشطي إلى ضرورة تكثيف المطاردة الأمنية لتجار المخدرات مع مراعاة سلامة الإجراءات الجزائية، وتطبيق مواد القانون الجنائي على المتهمين بقضايا الإتجار بالمواد المخدرة، بالاضافة إلى تفعيل دور الدولة فيما يتعلق بالتوعية بطريقة حديثه تؤثر على الشباب و الابتعاد عن النمط التقليدي الذي لم يعد ذا جدوى.بدوره، يرى المحامي طلال المياح أن«هنالك عوامل رئيسية في انتشار مواد الكيميكال فعدم إدراجها لفترة طويلة جعل العديد يلجأ لتجربتها وتعاطيها خصوصاً بفترات المراهقة والتي يعرف فيها بأن الشخص بهذه المرحلة العمرية يحبذ أن يجرب ويستطلع كل شيء جديد مالم يجد رقابة عائلية عليه تحذره من هذه المواد الخطرة».وأكد المياح أهمية التوعية من مخاطر تعاطي المواد المخدرة، مبينا أن«هذه مسؤولية مجتمعية تقع على الجميع بدءًا من وزارة التربية ووزارة الداخلية ووزارة الصحة والتي يجب أن تتعاون في هذا الشأن وتواكب التطورات التي طرأت على الساحة وأن تدخل على فئة الشباب من المداخل الحديثة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لتصل الرسالة جيداً، وخصوصاً أن جمعيات النفع العام ومنها جمعية المحامين اهتمت بهذا الجانب وعقدت العديد من ورش العمل والندوات التحذيرية من آفة المخدرات».وعن الحاجة إلى تعديل قانون المخدرات بحيث تغلظ العقوبة لتصل للاعدام والمؤبد، قال المياح، ان«قانون مكافحة المخدرات أورد مواد مغلظة للمتاجرة بالمواد المخدرة والتي تصل عقوبتها للإعدام وعقوبة المؤبد للإتجار بالمؤثرات العقلية والتي تندرج تحتها الكيميكال وهي عقوبات مغلظة»، مبينا أنه«فيما يخص التعاطي فمن باب أولى أن يتم إنشاء مستشفيات متخصصة لتعالج المتعاطين بالطرق الحديثة لأنه من وجهة نظري أن المتعاطي مريض ويحتاج للعلاج ودخوله للسجن لن يعالج المشكلة وسيخرج لنا من السجن شخصا فاسدا لم يتم معالجته لأن السجون تعج بالمواد المخدرة وهذه المسؤولية تقع على عاتق وزارة الداخلية»، داعيا إلى أن «يكون هنالك تعاون رسمي بين الجهات المختصة لتشديد الرقابة على كل مايدخل الكويت بحيث يتم تخصيص مركز يفحص أي مواد يشتبه فيها ويحظر دخولها إدارياً لحين تجريمها قانونياً بدلاً من دخولها بهذه الطريقة وانتشارها بين الشباب».

وجهات نظر

جدية الدولة في المعالجة

ودعا المحامي أحمد المطيري أجهزة الدولة لأن تكون جادة في مكافحة الافة، بدءا من محاربتها داخل السجن المركزي الذي تنتشر فيه حسب اقرار وزارة الداخلية للجنة الظواهر السلبية ان غالبية من يدخلون السجن يصبحون مدمنين، علماً بان سبب دخولهم للسجن لم يكن لارتكابهم قضايا مخدرات، وان نسبتهم تفوق 60 في المئة، بالاضافة لانشاء مركز علاجي متخصص وعلى مستوى عال لعلاج المدمنين بالاضافة للدور التوعوي المهم جداً،فبؤرة الادمان بازدياد والمتضرر منها المجتمع بأسره وليس المدمن فقط.

فراغ وتفكك

ذكر المحامي ابراهيم البطحاني، أن «من أسباب توجه الشباب نحو الادمان هو الفراغ الكبير وكذلك التفكك الاسري خصوصا انتشار الطلاق بشكل مخيف أدى الى انتشار الادمان في ظل عدم وجود رقابه بالمنزل»، مشيرا إلى أن أعمار المتعاطين تتراوح بين 14 و25 عاما بشكل كبير وبشكل أخف للمراحل العمرية الأكبر.

تأخر التجريم فاقم الظاهرة

رأى المحامي صالح المكيمي، أنه «قد يكون التأخير بتجريمها ساهم بانتشارها، بالاضافة إلى غياب دور الاسرة ومؤسسات الدولة من وزارتي التربية والصحة»، مؤكدا الحاجة إلى التوعية الجيدة التي تترك اثرا وليست مجرد شعارات فقط،وذلك من خلال محاضرات في المدارس واموال تصرف في الاعلام، وكذلك الحزم الأمني مطلوب لمنع السموم من الدخول الى داخل الدولة.

حلّان... جذري ومرادف

في رأيه عن الحاجة إلى حزم أمني ليواكب «لا مبالاة» تجار السموم بالأرواح، أوضح المحامي فهد الشطي، أن«الدور الأمني يقوم على تنظيف البلاد من هذه المواد المخدرة، فنحن نرى وزارة الداخلية تقبض على السماسرة بشكل دوري ولكنها في الحقيقة فإن التاجر يستطيع استبدال سمساره في أي وقت»، مبينا أن«الحل الجذري يكمن بالحزم الأمني، أما الحل الاجتماعي فيأتي مرادفاً للحل الأمني حيث إن التوعية الاجتماعية ستكون أكثر تأثيراً و صدقاً في فترة غياب المخدر عن أيادي الشباب».

أعمار المتعاطين ورفاق السوء

أكد المحامي طلال المياح أن«الفترات العمرية التي يتعاطى خلالها الفرد والتي نلاحظها بحكم عملنا تبدأ من فترة المراهقة لغاية الخامسة والعشرين تقريباً وهذه المرحلة تمر بتكوين الصداقات ومن المؤثرات التي تسبب التعاطي هم أصدقاء السوء وعدم رقابة العائلة على أبنائهم ومعرفة زملائهم»، لافتا إلى أن«من يتعاطى المؤثر العقلي الكيمكال دائما مايكون قد تعاطى العديد من المؤثرات العقلية الأخرى إلا أن عدم دخول الكيمكال لفترة طويلة في دائرة التجريم جعل البعض يتمادى في تعاطيها».