على مدى سنوات طويلة قدمت مجلة «العربي» للثقافة العربية الكثير من الدعم والمساندة، بفضل ريادتها وتميزها، وتعاقب أدباء ومفكرون وأكاديميون أكفاء على رئاسة تحريرها، فيما ظلت موادها المنتقاة بعناية وحرص مثار إعجاب كل القراء العرب والناطقين بالعربية في مختلف دول العالم.ويكمن سر تميّز «العربي» في أنها كانت منذ بداية نشأتها تحمل هدفا عربيا ثابتا مفاده «أنها مجلة كل العرب»، كما اعتبرها مؤسسوها - وعلى رأسهم حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله حينما كان رئيسا لدائرة المطبوعات والنشر - هدية الكويت للعرب، وبالتالي أخذت المجلة هذه الصفة، تلك التي لا تزال باقية إلى وقتنا هذا، ومن الجميل أن «العربي» رغم مرورها بالكثير من المتغيرات، إلا أنها ظلت محافظة على نكهتا العربية الخالصة، مع ما تتسم به من قدرة فائقة على مجاراة الأحداث والمستجدات، خصوصا على مستوى التقنيات الحديثة كالإنترنت وخلافه.لذا بات من الضروري النظر إلى المجلة ليس من منطلق أنها إصدار يهتم بكافة المجالات الثقافية والفنية والفكرية وغيرها، ولكن من منطلق كونها مجلة رصينة تمثل الوجه الحضاري للكويت، فمن الصعوبة بمكان أن ينعم أي مجتمع بهذه الميزة ثم يتخلى عنها، والحمدلله في الكويت أساتذة ومسؤولون لديهم الوعي الكافي بالأمور التي تخدم الكويت، ومن ثم المحافظة عليها بل تطويرها، والفرح بنجاحاتها القديمة والحديثة.والحق يقال ان المجلة مرت بالكثير من الأزمات التي كادت أن تعصف بها، وكنت أتابع هذه الأمور بتمعن وخوف، فالمسألة تمس الوطن، الذي يحتاج إلى كل ما يرفع من شأنه، ومن ثم تمكنت «العربي»، خلال هذه الأيام ومنذ أن ترأس تحريرها الدكتور عادل العبد الجادر من أن تمتد بقامتها المهيبة مرة أخرى، وتنظر إلى نفسها، بوصفها المجلة الأولى عربيا، التي حافظت على مستواها الأدبي والفني والفكري، ولم تهزها رياح التغيير، تلك الرياح التي أطاحت بمجلات وإصدارات ثقافية أخرى، إلى درجة التعثر عن الصدور ثم التوقف.نعم تمكن العبد الجادر من خلال قناعته بأن المجلة تمثل روح الكويت الثقافية، من أن يضع فيها من هممه وثقافته، واجتهاداته البناءة الكثير... لإعادتها إلى الطريق المرسوم لها منذ زمن، ولتسير بخطى ثابتة في الطريق المنشود، هذا الطريق الذي يحقق للكويت صدارتها وريادتها في العمل الثقافي.فالعبد الجادر من خلال خبرته وثقافته، وميوله الوطنية ونظرته المستقبلية تمكن من أن يعود بمجلة «العربي» إلى سابق عهدها، بل انه استطاع أن يطور في محتواها، وأن يجدد في منظومتها وفي أفكارها، وذلك بمساعدة ومعاونة أسرة تحريرها الذي نكن لهم كل احترام وتقدير. وفي ظل ما يقوم به العبد الجادر من مجهودات مثمرة أدت إلى تطوير محتوى ومضمون مجلة «العربي»، نتمنى من المسؤولين في وزارة الإعلام تنفيذ بعض الأحلام التي نتمناها وأهمها أن تكون مجلة العربي مركزا ثقافيا عربيا في الكويت، من خلال تخصيص مبنى يليق بعراقتها، وتوسيع دائرتها الثقافية لحدود بعيدة، بالإضافة إلى تذليل كل العقبات التي تواجه مسيرتها، سواء كانت مادية أم معنوية، لأن المجلة تمثل الكويت التي قطعت أشواطا كبيرة في تقدمها وتحضرها.* كاتب وأكاديمي في جامعة الكويتalsowaifan@yahoo.com
محليات - ثقافة
إضاءات
مجلة «العربي»... هدية الكويت لكل العرب
10:17 ص