تستحقّ «14 آذار» في ذكراها الـ 12 إكليل زهر على «ضريحها»... فما حدث في 14 مارس 2005 في بيروت كان «لحظةً نادرة» سرعان ما اغتيلت بنيران الهجوم المضاد وبالنيران... الصديقة، فبدتْ كأنها ثورة عابرة لم يكن لها مثيل في تاريخ لبنان الحديث ولن يكون لها مثيل في المستقبل الذي سيصبح تاريخاً... هي أشبه بـ «وقت مستقطع» بين نوعيْن من الحروب، واحدٌ تلاشى بقوة الحناجر المدنية التي نزلت الى الساحة من دون أمر عمليات او تكليف شرعي، وآخر أطلّ بهجوم معاكس وبقوة الخناجر التي أراقت دماً وويلات.لم تكن انتفاضة 14 مارس اللبنانية التي هتف فيها نحو مليون ونصف مليون مواطن بـ «صوت واحد» من أجل الحرية والعدالة والاستقلال مجرّد انفجارٍ شعبي رداً على اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري بأكثر من طنّ من المتفجرات، بل شكّلت انتفاضة مدنية عفوية وعميقة ضد إرث الحرب الأهلية ومتاريسها وما عاناه لبنان من احتلالات ووصايات وعملياتِ استرهانٍ للدولة وتهميشها، فنزل الجميع الى الساحة بلا حدودٍ فاصلة طائفية أو طبقية أو اجتماعية أو ثقافية أو مناطقية.وفي اللحظة التي عاد الناس الى بيوتاتهم، بدأ العد العكسي لأفول الثورة الناقصة التي صمدت لأعوام بوهج التأييد الشعبي قبل أن تصاب باليأس وهي التي ترنّحت بين ناريْن... حرب اغتيالات بـ «دمٍ بارد» من خصومِ ما عُرف بـ «الحركة الاستقلالية» وحرب تنازلات بلا كوابح وردّة إلى المربّعات الطائفية التي كانت أشدّ وبالاً في تبديد آمال الناس وأحلامهم.ورغم محاولات الاستثمار السياسي عبر ضخّ بعض الحياة في «14 آذار» في ذكراها الـ 12 اليوم، فمن الواضح أن هذه الظاهرة السياسية - الاجتماعية التي عبَرت، صارت مجرد ذكرى بلا حرَكة ولا روح، ولا هيكل، ولم يبقَ منها سوى شخصيات «تغرّد» بمرارة خارج سرب اللحظة السياسية الراهنة، وذكريات جميلة وأضرحة شهداء وصور عن حشد في الساحات... لن يتكرّر.