هناك أدوية وأغذية وأعشاب تتسبب في استثارة مجموعة من الأعراض والتأثيرات الجانبية الشائعة التي تصيب بعض الناس دون غيرهم لأسباب بعضها عارض وبعضها الآخر مزمن، كأن يكون ناجما عن نوع من التحسس الدوائي او الغذائي.ورغم أن لكل مادة دوائية أو غذائية مجموعتها الفريدة من الأعراض الجانبية، فإن كل واحدة منها تقريبا قد تتشارك في عدد من الأعراض مع مواد أخرى كثيرة.ولأن من المهم جدا لكثيرين أن يتعرّفوا الأعراض الجانبية المشتركة الأكثر شيوعا بين المواد الدوائية والغذائية، نسرد في التالي استعراضا لمختارات من أبرز تلك الأعراض وكيفية احتواء أو تفادي كل واحد منها، وذلك من باب الحرص على إفادة وتوعية قرائنا.اضطرابات المعدةإذا دهمتك أي شكاوى أو اضطرابات في المعدة بسبب تعاطيك مادة دوائية معينة، فعليك أن تتحقق لمعرفة ما إذا كان يمكنك أن تأخذ تلك المادة مع كمية من الطعام إذا لم تكن تتناول معها طعاما بالفعل. وإذا كنت تتناول معها طعاما، فعليك أن تجرب أن تتعاطاها إما في منتصف أو في نهاية الوجبة وليس في بدايتها أو قبلها بقليل. كما يمكنك أيضا أن تجرب تعاطي تلك المادة الدوائية مع وجبتك المسائية بدلا من وجبتك الصباحية، إذ أن ذلك يمكن أن يصنع فارقا كبيرا في كثير من الأحيان. وإذا استمرت المشكلة، فيستحسن أن تسأل الصيدلاني عن أي تركيبات أخرى للدواء ذاته أو عما إذا كانت هناك نسخة «مغلفة معويا»، أي مكسوة بطبقة خارجية خاصة لا تتحلل لدى وصولها إلى المعدة بل في الأمعاء.وفي حال الشكوى عند تعاطي حبوب دواء تجاويفها الداخلية مملؤة بزيت أو هلام (جل) علاجي، فإن تجميدها في بعض الأحيان وابتلاعها مجمدة يمكن أن يمنعها من الذوبان في معدتك، وهذا قد يساعدك بالتالي على تفادي حدوث اضطراب في معدتك. وأحد الأمثلة على هذا هي الأعراض الجانبية التي تنجم عادة عن تعاطي زيت السمك الغني بـ»أوميغا 3»، والذي يمكن أن يربك معدتك ويجعلك تتجشأ أو يجعلك تشعر بمذاق سمكي غير مستساغ في فمك.الإمساكالإمساك هو واحد من الأعراض الجانبية الشائعة التي تستحق عناية خاصة. وإذا أصابك إمساك بسبب تعاطي أي مواد دوائية أو غذائية، فهناك كثير من الحلول الممكنة للتخلص من تلك المشكلة الهضمية المزعجة. وأول حلول بديهية هي إما أن تتوقف عن تعاطي تلك المادة الدوائية أو الغذائية، أو أن تسأل طبيبك أو الصيدلاني عن أغذية أو تركيبة دوائية بديلة كفيلة بتجنيبك المعاناة من الإمساك.وإذا لم يكن ذلك ممكنا، فهناك حلول كثيرة سهلة ومنطقية أخرى لتخفيف الإمساك، ولكنها نادرا ما تُستخدم. فزيادة معدل استهلاكك اليومي من الماء هو واحد من أبسط العلاجات الممكنة. فكثير من الأدوية يمكنها أن تسبب لك الجفاف ونقص سوائل الجسم، واحتساؤك لمزيد من الماء والسوائل كفيل بالإسهام في حل تلك المشكلة. لكن مرة ثانية، لا تشرب مزيدا من الماء من تلقاء نفسك إذا كان إمساكك ناجما عن تعاطيك عقاقير مدرة للبول. فمثل تلك العقاقير - كما أشرنا آنفا - مصممة بحيث تجفف كميات كبيرة من السوائل الزائدة في جسمك، وبالتالي في إن زيادة مأخوذك من الماء سيبطل الغرض من تعاطيها. والنصيحة هنا هي ألا تشرب سوائل أكثر إلا بعد استشارة طبيبك المعالج.وصحيح أن الأدوية الملينة قد تفيد في التخلص من الإمساك وأعراضه، لكن يستحسن لك أن تتفادى تعاطي تلك الملينات إلا في أضيق الحدود، إذ أن أحد أخطر الأعراض الجانبية التي تنجم عن الملينات بتمثل في استنزاف الأيونات الحرة (الالكترولايتات) من الجسم. ويكمن الحل البديل في تعاطي جرعات تعويضية أو تكميلية من عنصر الماغنيسيوم للتخلص من مشكلة الامساك. فهناك كثير من المواد الدوائية أو الغذائية التي تستنزف عنصر الماغنيسيوم فتكون نتيجة ذلك هي الإصابة بالإمساك، لذا فإنه من الممكن أن يكون الإمساك هو أحد أعراض نقص الماغنيسيوم في جسمك. وبالتالي فإن الماغنيسيوم يكون في معظم تلك الحالات هو العلاج الأمثل لمشكلة الإمساك من جذورها.وفي حال فشل شرب مزيد من الماء و تعاطي عنصر الماغنيسيوم في حل مشكلة الإمساك لديك، فعليك أن تلجأ فورا إلى طبيب مختص كي يفحصك ويقرر ما ينبغي فعله في ذلك الصدد.جفاف الفمأما بالنسبة لأعراض جفاف الفم، فيمكنك أن تعالجها ببساطة بشرب مزيد من السوائل إذا كانت حالتك الصحية تسمح بذلك. لكن حذار أن تشرب مزيدا من السوائل لتخفيف جفاف فمك إذا كنت تتعاطي أدوية مدرة للبول، فتلك الأدوية مصممة بحيث تجففك من السوائل الزائدة. وفي مثل تلك الحالات يكون مضغ علكة هو الخيار الأفضل لتخفيف حدة أعراض جفاف فمك.الحساسية الجلديةإذا أصابك طفح أو تهيج جلدي أو حكة بسبب تعاطيك دواء عن طريق الفم، فالأرجح هو أنه بسبب رد فعل تحسُّسي، وفي تلك الحالة يتعين عليك اتباع اجراءات اسعافية وتخفيفية تحت إشراف طبي.وعند رغبتك في دهن جلدك بمادة دوائية في كريم أو هلام (جل) لكنك تخشى أن تصاب باحمرار أو تهيج جلدي، فيمكنك ببساطة أن تقوم بعمل «اختبار» لتلك المادة على منطقة «قاسية» نسبيا من جلدك (كجلد أسفل ذراعك مثلا) وذلك لترى ما إذا كان جلدك سيتحسس بشكل بسيط. فإذا حصل ذلك التحسس البسيط، فينبغي عليك وقتها أن تتجنب استخدام تلك المادة وأن تستشير طبيبك حول البديل المناسب.الصداعالصداع هو عرض آخر من الأعراض الجانبية الأكثر شيوعا، ويستحق اهتماما خاصا. وعلى غرار الإمساك، قد يكون الامساك ناجما ببساطة عن استنزاف عنصر الماغنيسيوم بواسطة تعاطيك مادة دوائية أو غذائية معينة. وفي هذه الحالة، يكون التوقف عن تعاطي تلك المادة أو تعويض الماغنيسيوم المفقود هو طريقك إلى التخلص من الصداع.وأيضا قد يكون الصداع أحد أعراض نقص سوائل الجسم (الجفاف)، أو ناجما عن تعاطي مادة دوائية أو غذائية فاسدة أو ملوثة، مثل مستحضر أو زيت طبي أصيب بالزنخ مثلا.وإذا لم ينفعك تعاطي جرعات من الماغنيسيوم وشرب مزيد من الماء في التخلص من الصداع، فيمكنك أن تجرب تغيير المادة الغذائية أو أن تتعاطى تركيبة دوائية بديلة. وإذا لم يفلح كل ذلك، فعليك أن تتفادى تلك المادة الدوائية أو الغذائية وتلجأ فورا إلى طبيبك المعالج كي يختار لك بديلا مناسبا لحالتك.القلق والتوتر والأرقإذا لم تكن المسألة ناجمة ببساطة عن كثرة تعاطيك الكافيين ومشتقاته، فإن الأعراض الجانبية المتمثلة في شعورك بالقلق والتوتر والأرق هي جميعها من علامات نقص عنصر الماغنيسيوم، كما يمكن أن يكون سببها أيضا بعض الأدوية التي تتسبب في استنزاف الماغنيسيوم، كالأدوية المضادة لارتجاع أحماض المعدة على سبيل المثال.وباستطاعتك تخفيف أو التخلص من هذه المشاكل والأعراض الجانبية الشائعة بأن تطلب من طبيبك أن يصف لك مكملا غذائيا يحتوي ماغنيسيوم. وفي حال اضطرارك إلى تعاطي دواء معروف عنه أنه يسبب الأرق أو القلق، فاحرص دائما على أن تتناوله في الصباح بدلا من المساء. وإذا لم يساعدك الماغنيسيوم على التخلص من تلك الأعراض، فارجع الى طبيبك ليصف لك بديلا مناسبا.الأعراض التحسُّسيةإذا أصابك أي رد فعل تحسُّسي بسبب تعاطي مادة دوائية أو غذائية، فمن المرجح أنه لن يكون آمنا لك أن تتعاطى تلك المادة بعد ذلك. وإذا كان رد الفعل التحسسي خفيفا، فبوسعك أن تجرب تركيبة أخرى قد لا تثير لديك الاستجابة التحسسية ذاتها، إذ أن الحال يكون أحيانا أن التحسُّس ليس من المادة الدوائية أو الغذائية ككل، ولكن بسب أحد مكونات أو عناصر تركيبتها. وأحد الأمثلة على ذلك هو عندما يصاب شخص برد فعل تحسُّسي معتدل كأحد الأعراض الجانبية لفيتامين D، فإن الأرجح في معظم الأحيان هو أن التركيبة الزيتية المعبأ فيها فيتامين D تكون قد أصيبت بالزنخ. وفي معظم تلك الحالات يكمن حل مشكلة الإمساك ببساطة في تعاطي تركيبة دوائية أخرى لا تحتوي ذلك الزيت.ضيق التنفسإذا أصابك رد فعل تحسُّسي حاد يشتمل على ضيق في التنفس، فهذا يسمي «صدمة تحسسية» أو «رد فعل تحسُّسي صادم».وفي أغلب الحالات، تستدعي مثل هذه الاستجابة التحسسية الحادة نقل المريض سريعا الى غرفة الطوارئ، ومن الممكن لها أن تكون مخيفة جدا، بل وحتى مميتة. فإذا أصابتك هذه الاستجابة التحسسية ولو لمرة واحدة إزاء أي مادة دوائية أو غذائية، فعليك أن تتفادى تلك المادة إلى الأبد. وإذا خشيت احتمال أن تتعاطى تلك المادة مرة أخرى عن طريق الخطأ في أي وقت مستقبلا، فيستحسن لك أن تستشير طبيبك حول أن تشتري وتحمل معك دائما محقنة طبية خاصة ذاتية الاستخدام يتم بواسطتها حقن دواء معين يمكنه أن يسهم سريعا في تخفيف حدة أعراض تلك «الصدمة التحسسية» إذا اصابتك لأي سبب.الإجهادالشعور بالإجهاد هو أحد الأعراض الجانبية الشائعة التي قد تكون ناتجة عن تعاطي عقاقير دوائية على وجه الخصوص. والواقع أن أسباب ذلك الأمر بالذات هي أكثر من أن تتفاداها أو أن تفعل شيئا إزاءها، إذ أن جميع العقاقير تقريبا تتسبب بدرجات معينة في استنزاف المغذيات أو السوائل من جسمك.لكن أحد الحلول الممكنة يتمثل في أن تطلب من طبيبك أن يصف لك مع أدويتك نوعا من المكملات الفيتامينية المتعددة ذات الجودة الفائقة، وذلك من أجل أن يتمكن جسمك سريعا من تعويض المغذيات التي يتسبب فقدانها في شعورك بالإجهاد العام.وأيضا، قد يكون السبب الكامن وراء شعورك بالإجهاد هو حدوث انخفاض كبير نسبيا في ضغط دمك أو في نسبة سكر الدم بسبب غذائي أو دوائي، وهما الأمران اللذان ينبغي أن تستشير طبيك حول كيفية معالجتهما وإعادتهما إلى مستوييهما الطبيعيين.
- طب
أدويتك وأغذيتك... كيف تتفادى أعراضهما الجانبية الأكثر شيوعاً؟
09:42 م