نجح لبنان عبر الزيارة الرئاسية التي بدأتْ من المملكة العربية السعودية الاثنين الماضي وتنتهي في قطر غداً، في معاودة تطبيع علاقاته الخليجية بعد انتكاسةٍ غير مألوفة وغير مسبوقة استمرّت لنحو عام نجمتْ عن جنوح السياسة الخارجية بفعل الفراغ الرئاسي وطغيان التأثير الإيراني بسبب سلوك «حزب الله» ومشاركته العسكرية في سورية وسواها من ساحات المنطقة.وحملتْ الإطلالة الأولى لعهد الرئيس ميشال عون من الرياض والدوحة نتائج مباشرة وسريعة تمثّلتْ في عودة العلاقات إلى طبيعتها المعهودة وسط توجهات خليجية واضحة لرفع الحظر عن السفر إلى لبنان وإطلاق دينامية جديدة لتفعيل الاتفاقات الثنائية، اضافة إلى تبديد «سوء التفاهم» حيال الموقف الرسمي اللبناني من التطوّرات في المنطقة.واللافت في هذا السياق، ان زيارة الرئيس عون والوفد الوزاري الكبير للرياض والدوحة لم تغضب حلفاء ايران في لبنان نظراً لما يشكّله العهد الجديد من حصيلةٍ لتسوية داخلية بضوءٍ أخضر اقليمي جاءت بحليف «حزب الله» إلى رئاسة الجمهورية (العماد عون) وأعادت حليف المملكة العربية السعودية (الرئيس سعد الحريري) إلى الحكومة.وثمة مَن يعتقد في بيروت ان هذا «التوازن الايجابي» في علاقات لبنان الاقليمية والذي يجسّده العماد عون في «نسخته الرئاسية»، يؤهّله للعب أدوار مهمة من المفترض ان يكون أوّل الغيث فيها ما تضمّنته المباحثات اللبنانية - القطرية أمس في شأن ملفٍ بالغ الحساسية ويرتبط بصفقة تبادُل شاملة بين أكثر من طرف في المنطقة.ولم يكن عادياً اشتمال البيان الرسمي الذي وُزع في بيروت عن نتائج مباحثات الرئيس عون وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني على «ان البحث تناول موضوع العسكريين اللبنانيين المخطوفين والمطرانين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم والصحافي (المصور) سمير كساب، حيث تمنى الرئيس عون، ان تواصل قطر جهودها للمساعدة في معرفة مصيرهم، لا سيما وانه كانت لها مساهمة فاعلة في الإفراج عن مخطوفين سابقين، فكان وعد من الأمير بمواصلة الجهود في هذا المجال رغم دقة الموضوع وحساسيته».ومن غير المستبعد ان تكون المباحثات اللبنانية - القطرية في هذا الشأن قد أفضت إلى التفاهم على «قنوات سرية» لمباشرة مفاوضات متعددة الطرف تهدف إلى إنضاج ظروف عملية تبادل واسعة ومعقدة تشمل الآتي:• الافراج عن المواطنين القطريين الـ 25 الذين خُطفوا في العراق في العام 2015 على أيدي مجموعة من كتائب «حزب الله» العراقي يقودها ابو فدك، وكانوا يومها في رحلة صيد.• إطلاق 9 عسكريين لبنانيين مخطوفين لدى «داعش» منذ العام 2014 (مصير ثلاثة منهم مجهول ورابع مريض)، وخصوصاً ان لبنان نجح أخيراً في ايجاد وسيط جدي يحتاج دوره لمساندة قوية.• إفراج «جبهة النصرة» المعروفة بـ «فتح الشام» عن أسرى من عناصر «حزب الله» اللبناني وتسليم جثث تعود لمقاتلين له، لقاء إطلاق الحزب أسرى من عناصر هذه المجموعة وتسليمه جثثاً عائدة لمقاتليها.• مطالبة «فتح الشام» السلطات السورية واللبنانية بالافراج عن موقوفين من صفوفها في سجون البلدين، وفق لوائح اسمية.وكانت «الراي» كشفت في عدد سابق عن جدية هذا التوجه لإبرام صفقة شاملة، ضغط الثلاثي ايران - حزب الله - النظام السوري لربطها بالسماح بخروج مسلّحي المعارضة السورية وعائلاتهم من حلب قبل سريان اتفاق وقف إطلاق النار الذي استعجلتْه روسيا يومها.وتجدر الاشارة إلى انه سبق لقطر ان لعبتْ أدواراً في صفقات تبادُل من هذا النوع، من بينها إفراج «النصرة» عن راهبات معلولا في 9 مارس 2014 وإطلاق «النصرة» ايضاً 16 عسكرياً ورجل أمن لبنانيين في 1 ديسمبر 2015.