حينما دعاني وجهك لآخر لقاءٍلم يكن القلب- وقتها- على يقين تامٍ بالموتوكنتُ أرى أن ابتسامتكَلا ترتّب... لموتٍ مسبقأو لحياةٍ لاحقةأو لغيابٍ يباغتُ اللحظةأو لحفاوةٍ غير مسبوقةتظهر في عينين ناظرتينإلى أبعد من هذا الصمتقابلتكَ يا يحيى... وأنتَ تخوض وحدكامتحان الطيبة التي تُرهق المشاعروتخوض تجربة الغربة التي تنموعشبا جافاحول عمرك الطازجوتخوض تجربة البقاء على أرضٍ يابسةمن دون أن تمتلك الأسلحةأو تتكئ على حائطيصدّ عنكَ عوامل الزمنقابلتكَ... بينما لم يكن في يقينكَغير الكلماتتغضبُ بهاوتفرحُ... قُرب مخارجها المفتونة بالبهاءوتحزن... على تراتيل أوتارهاوتلهج بالحمد- رغم السأم- على عتباتهاولكنّي لم أر فيك النظرةالتي تتلفت ريبة عند كل قفزة... وأخرىولم أر فيك النفس المنشغلة بأحداثهاوالقلب المتلمّس عشقه للحقدرأيتك يا يحيى... صورة تشبه تماماًالقديسين في صلواتهموالأولياء في زهدهموالطيبين حينما تنصرف الحياةبعيداً عن واقعهموالمتفائلين بكل شيءحتى وهم يفرّون بأبدانهممن ملاعب الساعينإلى تسلق أيّ قامة واقفةرأيتك يا يحيى... وأنت ترتّب أيامابنك يوسفعند كل إطلالة حلموتركض على إثْر خطواتهإلى... بساتين تريدها أن تكون عامرة بالسلامرأيتكَ وأنتَ تفتح كتابكَفتقرأ فيه ما لا ليس لي به علمغير أنني- بعد ذلك- فهمته جيداًوأنا أنظر إلى وجوه المعزينوعلى أطراف أصابعيالتي لامست يدكَوعلى لساني الذي كان يخاطبكَوالحفاوة التي بعثتها إليكَوسلامي... الذي أراه خالدا في كل ابتسامةٍأحسُ أنها لا تزال طازجة على شفتيكَ.
محليات - ثقافة
رثاء / يا يحيى... أنّى لكَ هذا البهاء؟!
10:42 م