أسطورة قامت على أنقاض الحرب العالمية الثانية، نابضة برائحة الماضي والبطولات، تأسر قلوب كل من يطأ أرضها، سواء في رحلة عمل، أو إجازة قصيرة، وتجعله أكيداً مما سبق وسمعه أو قرأه في الروايات، بأن «المستحيل ليس ألمانياً».قد يقول البعض إن ما سبق وقرأه هو جزء من رواية لا مثيل لها على أرض الواقع، إلا أن الكلام هنا ليس سوى عن مدينة نورمبرغ الألمانية، التي تحدت تدميراً كاملاً أصابها إبان الحرب العالمية الثانية في العام الذي اندلعت فيه شرارتها الأولى عام 1939، لتنفض الغبار عن أنقاضها ودمارها، وتسطع شمسها من جديد، ولتحول أبنيتها إلى معالم تاريخية وحديثة وسياحية، لن يخرج منها أي زائر إلا وهو تحت وطأة الذهول والمفاجآت، كيف لا وهو أمام عالم كامل بين يديه، من شوارع شعبية تضيق بروادها من جميع الجنسيات، وقلعة كانت المقر الرئيسي لقيادة عمليات عسكرية يصدر أوامرها الزعيم الألماني أدولف هتلر، وغرف شكلت المركز الرئيسي لجمع غنائم الحرب والأسرى والمؤونة المطلوبة لجيش الحلفاء، وأصبحت اليوم مزاراً يعد من الأبرز على مستوى العالم.حداثة تأتي ممزوجة بتاريخ يمتد لأكثر من 1000 عام، تجعل من المدينة عنواناً لحسن الضيافة، ولقضاء عطلة لا تنسى، في شوارع توفر مزيجاً بين الماضي والحاضر، يجعلك تعيش حنين الماضي على وقع جمال وتطور الزمن الحالي. الإرادة تصنع إنجازات تفوق التصورات، خلاصة يخرج بها كل من يحظى بشرف زيارة هذه المدينة المذهلة، حيث الانسيابية والسهولة هي عنوان كل شيء، فالطبيعة والأشجار تحيط بك من كل جانب، والبرودة التي تلسع جسدك تكاد تكون استثنائية، والتزامك بالوقت لا مفر منه، وتقدير الإنسان والإشادة بقدراته مهما كانت، طريق يؤدي بك إلى نجاح منقطع النظير أكبر مما ينتظره الجميع منك.الهدوء الكبير الذي تحظى به نورمبرغ، ثاني أكبر مدن بافاريا، التي تقع على بعد ساعتين من مدينة ميونيخ معقل الصناعة الألمانية، تجعلك أسيراً يقع في حبها، ففي كل زاوية منها حكاية تزيد حشريتك للتعرف على دهاليزها، فهنا القلعة التاريخية التي بنيت في القرون الوسطى والتي يصل طول برجها إلى نحو 385 متراً، المحطة السياحية المدرجة على لائحة «اليونيسكو» للآثار التاريخية، تستقطب آلاف السياح يومياً، وتجعل الزائر إليها أمام مشهد رائع مكشوف على مختلف أرجاء المدينة من أعلى نقطة فيها، في حين يحظى متحفها بوجود آلاف قطع الآثار النادرة والغنية بالكلمات التي خطها القادة الذين حكموا المدينة منذ القرون الوسطى وحتى اليوم.ولكي تكمل رحلتك، عليك بزيارة أكبر حديقة حيوانات في بافاريا، حيث التاريخ في أبهى صوره، فهذه المدينة التي أنشئت عام 1912، تضم أكثر من 300 نوع من الأسود الآسيوية والدبب القطبية والحمير البرية، والدلافين، ومازالت صامدة حتى اليوم، تتمتع بمناظر طبيعية، ترسم البسمة على شفاهك بطريقة عفوية، وتجعلك تقول «يا لحظ من يعيش بين أرجاء هذه المدينة»، فهي المكان المثالي حيث السعادة بكامل تفاصيلها، وهي العنوان الأبرز للحصول على الراحة النفسية ونسيان التعب والهرب من ضغط العمل والتمتع بمشاهد ستظل محفورة بذاكرتك إلى الأبد. ولا تنتهي الجولة في المدينة ذات النصف مليون نسمة، من دون زيارة سوق عيد الميلاد، الأكبر من نوعه في القارة الأوروبية، الذي يقام بين شهري ديسمبر ويناير من كل عام، على مساحة 2 كيلومتر تجمع 200 كوخ صغير تبيع مستلزمات العيد، من المأكولات والمشروبات والهدايا والملابس، وتستقطب نحو مليوني زائر بالحد الأدنى على مدى أسبوعين سنوياً من جميع أنحاء العالم.فهنا ببساطة ملتقى جميع الحضارات، ففيها حشود من أناس من جميع الجنسيات، وستسمع أغلب اللغات، وسترى بأم العين، كيف أن الفرحة تسيطر على كل الأعمار، ستخرج بفرحة تعيد إليك الذكريات التي عشتها في سنواتك الأولى، وسترسم الابتسامة بعفوية كلما تذكر اللحظات التي مرت عليك خلال جولتك قصيرة المدة، كبيرة المفعول على جميع المستويات. جهود جبارة يستحق عليها التحية، قام بها فريق عمل المجلس الوطني الألماني للسياحة، خلال جولة لوفد إعلامي ضم «الراي»، والعديد من الصحف العالمية والمدونين الأوروبيين والأميركيين والآسيويين، لتعريفهم على جمال المدينة، واستعراض تاريخها المليء بالإنجازات منذ نشأتها وحتى اليوم.المقصد الأول للعلاجللعلاج في المدينة التاريخية أيضاً قصة أيضاً، ففي مدينة نورمبرغ الطبية، المقصد الأول للمرضى العرب وخصوصاً من دول الخليج حسب أحد المرشدين السياحيين، ستجد علاجاً لجميع أنواع الأمراض والإصابات،على يد أمهر الأطباء في جميع الاختصاصات، وستحظى بالمتابعة على مدار الساعة، سواء كنت قادماً من إحدى المدن الألمانية، أو من خارج الدولة، وستحظى بالإقامة في أحد الأجنحة داخل المدينة الطبية، ولن تخرج منها قبل التأكد بأن شفاءك بات كاملاً أو أكيداً خلال فترة زمنية محددة سلفاً.
- سياحة وسفر
تنبض برائحة الماضي والبطولات
نورمبرغ... شاهدة على أنقاض الحرب العالمية الثانية
10:21 ص