يرتسم حاليا عبر الإعلام الإلكتروني «مثلث احتيالي» خطير يمكن تشبيهه بـ «مثلث برمودا»، إذ صنع راسموه ضلعه الأول من اسم الكويت والكويتيين، وضلعه الثاني من سُمعة ومصداقية شبكة «سي ان ان» الاخبارية الأميركية ذائعة الصيت، أما ضلعه الثالث فيتألف من علماء ورجال أعمال مشاهير عالميا بمن فيهم عالم الفيزياء البريطاني الشهير ستيفن هوكينغ ومواطنه الملياردير ورجل الأعمل البارز ريشارد برانسون وآخرون.وكشفت متابعة استقصائية أجرتها «الراي»عن أن الأمر يتعلق بحملة احتيالية ممنهجة تهدف إلى استدراج ضحايا إلى فخ مغرٍ تم اعداده بعناية، وذلك من خلال إيهامهم بأنه قد أصبح باستطاعتهم أن يجنوا «جبالا من المال» في غضون فترة قصيرة من خلال طريقة «سهلة ومريحة» عبر الانترنت، وذلك بأن يتداولوا ويضاربوا في عقود الخيارات والعقود الآجلة المضمونة والآمنة... وهم جالسون في منازلهم!!فتحت عنوان عريض وصورة كبيرة، يُبشّر أحد تقارير ذلك «المثلث» بأن عالم الفيزياء البريطاني الفذ ستيفن هوكينغ قد كشف أخيرا وللمرة الأولى عن سر سيسمح لأي شخص بأن يعمل من منزله ويجني أموالا ضخمة بسرعة، بحيث يصبح باستطاعته أن يستغني عن وظيفته نهائيا في غضون 30 يوماً فقط !!وأسفل ذلك العنوان الرئيسي الكبير يقبع عنوان توضيحي أو بالأحرى تضليلي يقول نصا: «مواطنون كويتيون يستفيدون من هذا السر الآن كي يجنوا ما يعادل 350 دولاراً يوميا في المتوسط ويتركون وظائفهم». وواضح أن الهدف من وراء هذا العنوان هو إيهام المتلقي بأنه طالما أن مواطني دولة نفطية كالكويت مشهورة بالثراء يفعلون هذا، فلا شك في أنه أمر حقيقي ومجزٍ فعلا.ولإضفاء عباءة المصداقية الإعلامية على «الفخ»، فما أن تفتح صفحة الرابط المؤدي إلى تقارير الموقع الاحتيالي حتى ينسدل أمامك في أعلى الشاشة شريط ينتحل صفة موقع «سي ان ان» الانترنتي، وتحديدا قسمه الذي يعنى بشؤون المال ويحمل اسم «CNN Money».وفي ضوء اكتمال الأضلاع الثلاثة متمثلة في سمعة الكويت والكويتيين وبريق أسماء عالم مثل هوكينز ومصداقية شبكة اخبارية مثل «سي ان ان»، يشرع «المثلث-الفخ» في نسج خيوط الاستدراج حيث ينقلون عن هوكينغ تصريحات (وهمية) يضعون على لسانه من خلالها تأكيده أن كويتيين كثيرين تخلوا عن وظائفهم منذ أن اكتشف سر جني ثروات طائلة بسهولة شديدة من المنزل وأن حكومات دول العالم يمكن أن تسعى إلى قتله عندما تكتشف أنه باح بذلك السر للناس.ثم يمضي «المثلث-الفخ» محاولا تدعيم تصريحات هوكينغ بجرعة «مغرية» تبدو مقنعة للوهلة الأولى، إذ يعرض صورة لرجل شاب مرتديا ملابس خليجية وإلى جانبه امرأة وعلى حجريهما طفلان والجميع مبتسمون في سعادة واضحة، زاعما أن ذلك الرجل الذي في الصورة هو مواطن كويتي من الأحمدي يدعى محمد خليفة وأنه ترك وظيفته الحكومية وبدأ يعمل من منزله وفقا للنظام الآمن الجديد الذي اكتشف هوكينغ سره.وينقل الموقع على لسان ذلك الكويتي المزعوم تصريحات «تشجيعية» يؤكد فيها انه لم يصدق الأمر في البداية لكنه سرعان ما اكتشف أنه صحيح بعد أن جربه بنفسه وأصبح يجني أموالا سهلة تنهال عليه من خلال شيكات يتلقاها أسبوعيا ويودعها في حسابه البنكي، وأن الأموال كثيرة ومستمرة إلى درجة أنه قرر أن يترك وظيفته الحكومية ويكتفي بذلك العمل السهل الجديد من منزله.وإلى جانب هذا، يستعرض التقرير صورة شيك بقيمة 5255 جنيهاً استرلينياً تقريباً، زاعما أنه أحد الشيكات التي سبق لذلك المواطن الكويتي أن تلقاها بفضل ذلك العمل.ومن بين التصريحات المنقولة على لسان الكويتي المزعوم: «لقد أصبحت أجني مبالغ مالية ضخمة من وراء العمل من منزلي... وأنا أتلقى أجري في صباح كل يوم ثلاثاء... أصبحت الآن أجني نحو 9 آلاف دولار شهرياً. بامكاني أن أتلقى المال كإيداعات مباشرة في حسابي البنكي، لكنهم يتيحون أيضا خيارات الشيكات أو التحويلات عبر نظام باي بال أيضا».والسؤال المنطقي الذي يتبادر إلى الذهن الآن هو: «اين يكمن الفخ في داخل هذا المثلث؟»الإجابة بسيطة ومتوقعة، ألا وهي أن منظمي تلك الحملة الاحتيالية عبر الانترنت يختتمون كل تقرير ينشرونه بدعوة القراء كي يسارعوا إلى تسجيل بياناتهم ليستفيدوا من تلك «الفرصة الذهبية»، وهي البيانات التي من بينها تفاصيل حساباتهم المصرفية التي ينبغي أن تكون نشطة وفيها أرصدة لأنه من المفترض أنهم سيتداولون في عقود الخيارات من خلالها وسيتم تحويل «الأرباح الضخمة» اليها أسبوعيا مثلما يحصل مع ذلك الكويتي المزعوم.