ملف أسبوعيمن إعداد: عبدالعليم الحجارمع بدء موسم العودة إلى المدارس في الكويت وفي بقية دول الخليج، من المهم وقائياً التذكير والتوعية بـ «طابور» المخاطر الصحية والأمراض التي «تصطف» كالأشباح بين التلاميذ ثم تنتقل بالعدوى بينهم، وبالأخص في مرحلتي الروضة والابتدائية وبدرجة أقل في المرحلة المتوسطة من التعليم الأساسي، وهي الأمراض التي تجد في تزاحم التلاميذ في غرف الدراسة تربة خصبة ومرتعاً للانتشار السريع على مدار العام الدراسي.يتفق اختصاصيو الصحة المدرسية على كون المدرسة بيئة توفر حاضنة للأمراض المعدية، كما أن الإصابات يمكن أن تنتقل فيها بسهولة من خلال اندماج وتكدس التلاميذ في غرف الدراسة ونتيجة طبيعية بسبب وجود الأطفال في مجموعات كبيرة يتعرضون بسببها إلى مسببات الأمراض بما في ذلك الجراثيم وغيرها من ناقلات العدوى. كما يتفق أولئك الاختصاصيين على أن تدريب التلاميذ الصغار ومن يعتنون بهم على بعض ممارسات الوقاية يمكن أن يكون أهم الأدوات التي تسهم في الحد من احتمالات الإصابة بتلك الأمراض.ومن بين أشكال العدوى المدرسية، تبرز الأمراض الجلدية وأمراض الأنف والأذن والحنجرة، والتهابات الجهاز التنفسي العلوي، والتهابات العيون، وجميعها تنشأ وتنتقل بمسببات إما فيروسية أو فطرية أو بكتيرية أو طفيلية.وفي كل الأحوال فإن التشخيص المبكر والمتابعة المستمرة لحالة الطفل يجنبانه كثيراً من المشكلات والمضاعفات الصحية التي تنجم عادة عن مثل تلك الأمراض المعدية.وإذ شهدت الكويت قبل ايام قليلة بدء الدراسة في رياض أطفالها ومدارسها الابتدائية وتتأهب الآن لتشهد قريبا جدا أول طابور صباح في العام الدراسي الجديد في مدارسها الثانوية والمتوسطة العامة منها والخاصة، ندق من خلال هذا التقرير ما يمكن اعتباره «جرس إنذار» للتنبيه إلى أنواع الأمراض التي تنتقل بالعدوى بين ابنائنا التلاميذ.الالتهابات والآفات الجلديةالجدري المائي هو من أكثر الأمراض الجلدية انتشاراً بين تلاميذ المدارس خلال الأسابيع الأولى بالأخص، وتتنوع أعراض الجدري المائي لتشمل ظهور بقع حمراء تتطور إلى حوصلات منتفخة ثم إلى بثور سوداء. وبطبيعة الحال تختلف حدة الإصابة من طفل إلى آخر حسب قوة العدوى وما إذا كان قد سبق له أن حصل على التطعيمات المضادة لها.وبشكل عام يستحسن منع التلميذ المصاب بمرض جلدي معد من أن يتلامس مع زملائه كي لا ينقل الاصابة اليهم، كما يوصى بأن يتفادى حك أو لمس القروح قدر الإمكان إلى أن تلتئم. وقد يساعد وضع ضماد غير قابل للالتصاق على المنطقة المصابة بالعدوى على منع انتشارها الى الآخرين بالعدوى عن طريق التلامس، لذا يوصى بأن يستخدم الطفل المصاب مناشف منفصلة خاصة به حتى يشفى من اصابته التي قد تستدعي تعاطي مضادات حيوية.وهناك أيضا أمراض جلدية طفيلية قد تصيب التلاميذ الصغار بالأخص، ومن أبرزها الجرب وتفشي القمل في فروة الرأس. وفي مثل هذه الحالات، يجب عزل الطفل المصاب عن زملائه لمدة تتراوح بين أسبوع وثلاثة أسابيع حتى يشفى. كما تظهر الإصابات بمرض «التينيا» بين الاطفال، وهو يبدأ في فروة الرأس ثم ينتقل إلى الجلد في أنحاء متفرقة من الجسم، ويحتاج التينيا عادة إلى علاج بمضادات حيوية موضعية أو عامة وشامبوهات خاصة مع عزل المصاب لبعض الوقت. وفي بعض الحالات يستخدم التبريد بالأزوت السائل للعلاج.ووقائيا، فإن الاهتمام بالفحص الدوري لجلد تلاميذ المدارس، وعدم السماح لهم بإطالة الشعر والأظافر أكثر مما ينبغي، هي أمور يكون لها دور فعال وحيوي في كبح انتقال أشكال العدوى الفطرية والجرثومية والطفيلية.التهابات العيونالتهاب الملتحمة هو من ابرز أمراض العيون التي تنتقل بالعدوى بين تلاميذ المدارس، وهو ينجم عادة عن الاصابة إما بفيروس وإما بجرثومة بكتيرية، كما قد ينشأ عن مسببات الحساسية، ويظهر في شكل التهاب وانتفاخ في ملتحمة العين، ومن أهم أعراض التهاب الملتحمة الانزعاج من أي مصدر للضوء واحمرار العين وتدميعها، وانتفاخ الجفن، وشعور بحكة مؤلمة في العين، مع إفرازات صفراء ضاربة الى الاخضرار، وقد يصاحب كل هذا حكة في داخل الأنف وألم في الحنجرة.وفي العادة، تنتقل العدوى من الأيدي إلى العين في حال كانت الأيدي ملوثة بمسبب المرض. ويمكن لليد أن تصبح ملوثة في حال ملامستها دموع أو إفرازات شخص مصاب، وذلك عن طريق المصافحة أو ملامسة أسطح ملوثة بالعدوى، وتكون مدة حضانة الفيروس المسبب للالتهاب من يوم واحد إلى عشرة أيام.وعلى جانب الوقاية، ينصح الاختصاصيون أولياء الأمر واختصاصيي الرعاية الصحية باتباع السلوكيات الصحية السليمة من أجل حماية التلاميذ من العدوى، بما في ذلك المواظبة على غسل اليدين بالصابون والمياه الفاترة، وعدم مشاركة المناشف والأدوات الشخصية والأغطية والأدوات المدرسية وغيرها مع الآخرين، وتفادي لمس أو فرك العينين، وغسل اليدين جيدا بعد الاختلاط مع أي مصاب أو لمس أي شيء من أشيائه.والإجراء الصحيح هو إبقاء الطفل المصاب بالتهاب الملتحمة في المنزل حتى شفائه تماما، وذلك لوقاية بقية زملائه التلاميذ من العدوى المحتملة. ولا يقل أهمية عن ذلك الدور الذي يمكن أن تلعبه إدارة المدرسة من خلال توعية التلاميذ حول النظافة الشخصية وبخاصة نظافة اليدين، وتفادي لمس العيون.ورغم أن المضادات الحيوية بأنواعها تفيد في مكافحة مثل تلك الالتهابات، فإن لها آثار سلبية على الجهاز المناعي للطفل، لذا ينصح بعدم اعطائها للطفل المصاب إلا بوصفة من طبيب.وللوقاية من تلك الالتهابات، هناك النصائح عدة يقدمها أطباء مختصون، وفي مقدمها التغذية السليمة المتكاملة حيث إنها تحفز جهاز المناعة وتحسن من قدرة الجسم على محاربة الأمراض، بما في ذلك التأكد من عدم نقص الفيتامينات لدى الطفل، وبخاصة فيتامين D. وإلى جانب التغذية المتكاملة، ينبغي الحرص على أن ينال الطفل قسطاً كافياً من النوم ليلا، إذ إن ذلك ضروري للنمو والمناعة القوية.التهابات الأذنالتهابات الأذن من بين الأمراض التي تنتشر بكثرة بين تلاميذ المدارس الصغار تحديدا، وينجم عنها ضعف السمع وعدم توازن الجسم، وهذا بدره يكون له تأثير سلبي على تحصيل الطفل دراسيا، كما قد يتسبب عند اهماله لفترات طويلة في التأثير سلباً على التطـور اللغوي لديه.وهناك ثلاثة أنواع لضعف السمع لدى الطفل، حسب مكان الإصابة بالأذن. النوع الأول هو ضعف السمع التوصيلي، وهو يصيب الأذن الخارجية أو الوسطى، ومن أسبابه الشائعة انسداد الأذن بالشمع، أو نشوء ارتشاح مائي خلف طبلة الأذن، أو وجود التهابات صديدية في الأذن الوسطى. والنوع الثاني هو ضعف السمع الحسي-العصبي، وهو ينتج عادة عن مشكلة تصيب الأذن الداخلية والعصب السمعي، ويقتضي تأهيل المصاب في هذه الحالة بتزويده بسماعة طبية، أما النوع الثالث فهو ضعف السمع المزدوج، ويعد مزيجاً من النوعين السابقين.ومن بين أعـراض التهابات الأذن لدى الطفل عدم القدرة على السماع بصورة جيدة، وألم وافرازات من الأذن، وارتفاع درجة حرارة جسم الطفل، والشعور بالدوار، والتعب والضعف العام، وسيلان من الأنف أحياناً، واحتقان الجيوب الأنفية، والقيء والغثيان والإسهال في بعض الأحيان، وسماع طنين في الأذن، وقد يتفاقم الأمر إلى تصلب وألم في الرقبة.وينبغي عرض التلميذ المصاب على طبيب مختص كي يشخص طبيعة الالتهاب ويصف له العلاج المناسب. وفي بعض الحالات، قد يضطر الطبيب إلى أن يتدخل جراحياً لسحب بعض السوائل المحتجزة خلف غشاء طبلة الأذن لتخفيف الضغط عنه.التهابات الجهاز التنفسيوهناك أيضا مشكلة انتقال التهابات الـجهاز التنفسي العلوي بين التلاميذ. ومن بين أبرز مسببات انتشار تلك الإصابات العدوى الفيروسية والبكتيرية والفطرية، ولاسيما عندما يكون الجهاز المناعي لدى الطفل ضعيفا.وتعتمد طريقة معالجة التهابات الجهاز التنفسي العلوي على نوعية الإصابة، فالحالات الناجمة عن عدوى بكتيرية توصف لها مضادات حيوية، بينما هناك حالات أخرى يكتفي فيها الطبيب بوصف عقاقير مسكنة للآلام أو علاجات تخفف الاحتقان، أو مضادات للحساسية (مضادات الهستامين).