لم يتبق سوى يوم عمل واحد أمام الجهات الراغبة في الشراء عبر خدمات البيوع المستقبلية والآجل إضافة إلى الأوبشن، في سوق الأوراق المالية، لتبدأ بعدها واعتباراً من اول سبتمبر فترة السماح التي حدّدتها هيئة أسواق المال لتجديد العقود الخاصة بهذه الخدمات ولمرة واحدة فقط، وخلال جدول زمني لا يتجاوز العام.وجاء قرار إيقاف تلك الخدمات موجعاً لشريحة ليست بقليلة من المتعاملين، دون وجود بديل مناسب لهم، إذ كانت تستحوذ خدمة البيوع مثلا على أحجام كبيرة من القيمة السوقية المتداولة، إذ فاقت 6 مليارات دينار في عام 2008 و5.5 مليار في 2007، قبل أن تتراجع لتصل الى 287 مليون دينار في العام 2014 ثم نحو ربع مليار دينار خلال 2015.ويأتي إيقاف سوق المشتقات (بيوع مستقبلية، أوبشن، آجل) بعد سنوات طويلة كانت فيها بمثابة لاعب رئيسي في التعاملات اليومية على الأسهم المُدرجة، خصوصاً لصالح الأفراد وبعض المحافظ والشركات صغيرة الحجم.وتاريخياً، مضى على العمل بالبيوع المستقبلية في البورصة حتى الآن 13عاماً، إذ أُطلقت الخدمة في أغسطس 2003، وجاء بعدها الأوبشن في مارس 2005 عن طريق صندوق «فرصة» المُدار من قبل شركة المركز المالي لتقدم سوق الخيارات للمرة الاولى في الكويت.وكان مجلس المفوضين قرر منتصف الشهر الجاري إيقاف تلك الخدمات لإفساح المجال أمام مشتقات أكبر وأشمل لخدمة السوق والأوساط الاستثمارية وخلق قنوات جديدة للتدفقات المالية ورفع معدل السيولة في السوق كما هو مُخطط له.ولكن هل ستراعي هيئة أسواق المال ما ينتظر السوق من عمليات تسييل عشوائية لمئات العقود المبرمة ما بين صُناع تلك الخدمات والمتداولين في البورصة؟وفقاً للتعديل الذي طرأ على قرار «الهيئة» بإيقاف تداول المشتقات المالية في البورصة، توافرت أمام المتداولين في السوق فرصة أخيرة، إذ يسري وقف التعامل على عقود المشتقات المالية بدءاً من 1 سبتمبر 2016 (وبناءً عليه يجوز التعامل بإبرام عقود جديدة أو تجديد العقود القائمة أو تمديدها اعتباراً من 2016/08/15 وحتى 2016/08/31).وبالنسبة لعقود المشتقات المالية القائمة اعتباراً من 1 سبتمبر 2016، فيجوز تمديدها أو تجديدها لمدة واحدة فقط مماثلة لمدة العقد أو أقل، وبحد أقصى 31 أكتوبر 2017، حيث يتضح أن هناك عقوداً تصل مُدتها لسنة كاملة، والتي تتضمن أسهماً تشغيلية لها خصوصيتها وعوامل قوة، على غرار بنوك قيادية أو شركات ذات أداء متزن.مخاوفويتخوف المراقبون من حدوث صراع على كميات ضخمة من أسهم الآجل والبيوع التي تمثل حصصاً كبيرة بيد محافظ محسوبة على مجموعات ورجال أعمال، إذ سيتجه البعض نحو الضغط على أسهم من خلال زيادة كميات العرض عليها لتتراجع، وبالتالي لا يجد حاملها سوى البيع والتسييل للخروج بأقل خسارة، فيما سيواجه بعض حملة الأسهم تعثراً في تمويل استملاكها بالكامل تفادياً لتكبد خسارة جسيمة.من جانب آخر، لن تأخذ محافظ استثمارية تستهدف اهدافاً استثمارية زمام المبادرة بشراء كميات كبيرة على اسهم بها مساحة من الآجل والبيوع المستقبلية تحسباً من التسييل المفاجئ عليها! ما سيدفع في اتجاه تجميد بعض السلع عند مستوياتها الحالية، علماً أن شريحة من كميات كبيرة من الآجل والبيع تتمركز في أسهم تشغيلية منها استثمارية وخدمية اضافة بنوك.تقول مصادر قريبة من صُناع خدمة البيوع المستقبلية «كنا نتوقع إلغاء الخدمة ولكن ليس بهذه السرعة أو بهذه الطريقة، ما البديل عنها خلال فترة تجهيز سوق المشتقات الشامل، وهل الأوساط الاستثمارية مهيأة لذلك السوق؟».وبعد تلك التساؤلات أكدت المصادر أن محافظ البيوع المستقبلية مثلاً لن تخوض مخاطرة جديدة من أجل تمويل شراء عقود لصالح عملاء، إلا أن الاسهم التشغيلية المستقرة سيكون لها خصوصية في هذا الشأن.وكانت هيئة أسواق المال تفاعلت قبل أيام مع شكاوى عُرضت عليها في شأن قرار إلغاء البيوع والأوبشن والآجل، وذلك لعدم توافر قنوات لتسييل كميات تعود الى أصحاب تلك العقود التي تقدر كمياتها بعشرات ملايين الأسهم، إذ تفهمت الجهات المسؤولة الأمر واتاحت المجال لعام مقبل للبيع أو التجديد لفترة واحدة وبحد أقصى أكتوبر 2017.ويأتي قرار هيئة اسواق المال بإغلاق سوق المشتقات لتجاوز المرحلة الانتقالية، ومن ثم الدخول في فترة جديدة يترقبها السوق منذ بدء الحديث عن ملف الخصخصة، إلا أن محل هذه الخدمات سيظل شاغراً إلى حين اتضاح الصورة كاملة في شأن المشتقات الجديدة.ولا يخفى أن البيوع والآجل كانت بمثابة عامل دعم لعشرات الأسهم، إذ تم تحويلها في أحيان كثيرة إلى ما هو أشبه بصانع سوق لإحداث توازن في حركة تلك السلع خلال فترات الرواج.وحول الأسباب التي دعت إلى إلغاء البيوع والأوبشن والآجل أفادت مصادر رقابية أن بعضها يتمثل في عدم توافقها مع معايير منظمة «الايسكو»، إضافة إلى البحث عن نظام تسوية وتقاص جديد توافق مع أفضل الممارسات العالمية المطبقة عالمياً.