بعد أكثر من عقد على إقرار الحقوق السياسية للمرأة في 16 مايو 2005، تعود تجربة «المرأة النائبة» إلى التقييم من وجهة نظر نسائية كانت حاضرة في المشهد السياسي والاجتماعي والاعلامي.لكن نظرة المرأة تجاه المرأة السياسية كانت حادة وواضحة ومنتقدة تستشرق المستقبل بكثير من التشاؤم في ظل «المجتمع الذكوري الذي لاتزال فيه المرأة» خاضعة لتأثيرات العادات والتقاليد وسلطة الرجل.«الراي» في ندوتها السياسية، سألت نساء فاعلات في الحراك السياسي والاجتماعي والاعلامي، عما اذا كانت المرأة ستعود لقاعة عبدالله السالم في الانتخابات المقبلة فكانت الاجابة في كثير من الآراء مستبعدة هذه العودة لاسيما اذا كانت«وفق الصوت الواحد».غير أن الدكتورة حنان السعيد ترى أن سيطرة التيار الديني والعادات والتقاليد أثر على تفاعل المرأة سياسيا، مطالبة بتمكين المرأة من خلال تعيينها في المناصب السياسية لتكتسب الثقة والخبرة.واتفقت الناشطة سارة الدريس، على أن المرأة خاضعة لسلطة الرجل وتأثيرات العادات والتقاليد، مشددة على ضرورة «مناطحة الرجال»... فما زال هناك من يعتبر أن مشاركة المرأة في ندوة سياسية «عيب».وعن دور التيارات السياسية في دعم المرأة، ترى الإعلامية إسراء جوهر، أن «التيارات السياسية لم تدعم المرأة»، مبينة أنه «لم يتم تطعيم التيارات بالعنصر النسائي الا بعد اقرار حقوقها السياسية، يعني أنها عملية انتهازية بعدما أصبح لها فعالية وحق التصويت»، و حتى التيارات التي دعمت مرشحات قاموا بذلك بمعية بمرشح آخر رجل، أي أصبحت «ملحق».وهل هناك إمكانية التغيير في المجلس المقبل، تؤكد الناشطة أنوار القحطاني، أن «الأداء المتدني للمجلس الحالي سيكون الدافع الرئيس للمطالبة بالتغيير في الانتخابات المقبلة»،فيما ترى وضحة الشمالي تجربة نجاح 4 سيدات كانت جديدة إلا أنها لم تحمل الخبرة وهو ما حدا بالمجتمع والحكومة في تسليط الأضواء على تجربة المرأة السياسية حتى يظهروا فشلهن.وفي ما يلي تفاصيل الندوة:«الراي»: كيف تقيمن تجربة المرأة السياسية خلال عقد من الزمان؟ و هل فشلت النماذج التي دخلت قبة عبدالله السالم أو الوزارة؟-القحطاني: الخطوة السابقة كانت جريئة من قبل المرأة بدخول ميدان السياسة لكني لا اعتبر التجربة فشلت، المرأة حاولت لكن الظروف السياسية وتعدد الآراء في القضايا الرئيسية لم يساعدها في تجربتها.أما من حظين بفرصة دخول مجلس الأمة خرجن من «مناطق حضر»، ولم تنجح أمرأة في الدائرتين الرابعة والخامسة سوى النائبة السابقة ذكرى الرشيدي، فالمرأة لدينا تتبع زوجها في التصويت وهذا يناقض الشرع... واعتقد أنه سيكون للمرأة دور فعال في المستقبل.جوهر: لدي تحفظ على أن تعتبر المرأة مكون آخر، فهي مواطن مثل المواطن الرجل والمفترض أن لهما نفس الحقوق والواجبات، أما محاولة فصلها وعزلها وتصويرها على أنها مكون مختلف هي البذرة الرئيسة للشقاق.ولا استطيع تقييم تجربة المرأة فهي ناخبة ومرشحة ونائبة، أداؤها البرلماني لا علاقةله بجنسها مثل أداء الرجل البرلماني متفاوت، فالفساد والواسطة لا علاقة له بالجنس سواء الرجل أو المرأة.وضحة الشمالي: رغم أن التجربة السابقة في نجاح 4 سيدات كانت جديدة إلا أنها لم تحمل الخبرة وهو ما حدا بالمجتمع والحكومة في تسليط الأضواء على تجربة المرأة السياسية حتى يظهروا فشلهن... وهذا ماحدث بالفعل، ففي الانتخابات التي تلتها لم تنجح أي امرأة.السعيد: هي لم تفشل فلم تكن هناك بيئة حتى تنجح، وهل الرجل نجح ؟، لماذا التركيز على تجارب المرأة خاصة وأن تجربتها تعتبر وليدة مقارنة بتجربة الرجل، بخلاف تحبيط وانتقاد المجتمع من بداية اقرار حقوقهن، حتى اذا أسيء للمرأة لا يمكنها الرد من باب الضوابط الاجتماعية والعائلية و«لا تطولين لسانك وتناطيح الرجال»الدريس مقاطعة: لا، لابد من «مناطحة الرجال»، و أرى أنه لابد أن ترفع المرأة من مستوى خطابها السياسي، والقضايا التي تتبناها لتفرض نفسها.أما تجارب المرأة النيابية وإن فشلت تبقى تجارب فردية لا يمكن أن نعممها على جميع النساء خاصة وأن غالبية تلك التجارب لديها اصطفاف كامل خلف السلطة، قليل منهن خرجن مع المعارضة... خرجت معارضة وما ان وصلت إلى المجلس حتى انقلبت على عقبيها... مستوى الخطاب السياسي متدنٍ وحتى الآن الجلسات النسوية تحولت إلى «شاي الضحى».«الراي»: هل يعني ذلك أنها ما زالت تخضع لتأثيرات الأخ والزوج؟الدريس: نعم ما زالت خاضعة لتأثيرات العادات والتقاليد وسلطة الرجل، وليس فقط الرجل من يعتقد أن السياسة معترك ذكوري فهناك شريحة كبيرة من النساء يعتقدن ذلك أيضا، و يروننا إننا «مسترجلات» ونزاحم الذكور... فالمرأة الناشطة في المجال السياسي تهاجم من أبواب منها العائلة والشرف والشكل والعمر.«الراي»:هل كانت هناك عقبات من المجتمع أثرت على تفاعل المرأة مع الشأن السياسي؟الدريس: تقييمي لآخر 5 سنوات أن الوضع تغير نوعا ما خاصة مع وجود تجارب فردية من النساء إلا أنها غيرت كثيرا، ففي السابق كنت أحضر الفعاليات مع عدد قليل من النساء أما الآن فالوضع اختلف... فهناك بنات يخرجن دون علم اهاليهن لحضور الفعاليات، وهذا أمر جيد رغم أن البعض يعتبره عصياناً للأسرة.أقيمت أخيراً فعالية خصص فيها مكان للنساء لكنني لم أجلس في هذا المكان، وهو يشكل موقفا بالنسبة لي فهو يحيّد المرأة في مكانها وبالتالي يحيدها في رأيها، جلست بين الرجال وطلبت من المنظمين ألا يضعوا مكانا مخصصا للنساء، فما زال هناك من يحد من مشاركة المرأة ويعتبرها «عيب» مع انها حاضرة ندوة سياسية، و إن كان في ديوان، فمادام اقيمت ندوة سياسية فهو يعتبر مكانا عاما للجميع.السعيد: للأسف اليوم، اذا المرأة فكرت في أن ترشح نفسها فإن نصف عائلتها يقاطعونها والنصف الآخر لا يشاركون «و يسوون نفسهم ما يدرون»، لكن اذا الرجل تقدم للترشح فعائلته بأكلمها تقف معه وجيرانه وقبيلته... أما في الجانب النسائي عندما ترشحنا قالوا لنا نحن نشفق عليكن من خوض هذه التجربة، لكن الرجل يلقى التشجيع.«الراي»:اذا اللوم على المرأة نفسها والمجتمع؟السعيد: بل على الحكومة، فلابد من تمكين سياسي للمرأة حتى تفرض وجودها وذلك يتم من خلال تعيينهن في مناصب سياسية في المستويات كافة من القضاء والشرطة وغيره.ولو عملت استبياناً في الكويت حول حقوق المرأة تجد أن 70 في المئة من المجتمع يطالب بإسقاط هذا القانون سواء كانوا رجالا أو نساء.«الراي»:لماذا؟الدريس: ربما لأنه أتى بقرار سياسي وليس نتاج ضغط شعبي.السعيد: لدينا التيار الديني قوي، ورغم انه متشعب ما بين سلف وأخوان إلا أنهم متفقين ضد قانون الحقوق السياسية للمرأة، وبالاضافة إلى أنه لدينا تيار «العادات والتقاليد» الذي يعتبر أن المجتمع لديه ما يميزه وغير مقبول ترشح المرأة أو أن تمثل البلاد في الخارج وغيره.وديموقراطيتنا تعتبر عرجاء لأن من يخرج منها رجال عكس ديموقراطيات العالم التي تتميز بالتنوع مابين الرجل والمرأة والأسود والأقليات حتى تتحق الديموقراطية الكاملة بمشاركة كل فئات المجتمع.«الراي»:بعد 11 عام من إقرار حقوق المرأة، هل تعتقدين أنها أصبحت مؤهلة سياسيا؟الدريس: بالنسبة لي كمشاركة في الحراك الشعبي، اعتقد أنها تجارب فردية من القطاع النسوي العريض وغير مؤهلات وهذا لا يلغي حقها في الوصول إلى مجلس الأمة.«الراي»:كيف يمكن أن نغير نظرة المجتمع للمرأة بأنها قادرة على تحمل مسؤولياتها السياسية؟الدريس: المرأة عليها أن تبادر وتكسر هذه القيود... فأنا من أسرة محافظة وتعرضت لضغوطات اجتماعية، لكن المرأة لابد أن تثبت كفاءتها.وفي احدى المسيرات قامت أسرتي بإغلاق الطريق على سيارتي ولكني خرجت مع أصدقاء... الكلفة التي دفعناها لا تذكر مقارنة مع شعوب تموت في الشوارع لكنها تعتبر تضحية في الوضع الحالي.الراي»: و ما التضحيات التي يمكن أن تدفعها المرأة المهتمة بالشأن السياسي؟الدريس: أبسطها وأكثر باب تخشاه النساء هو العنوسة، كما يردد «من سيتزوج امرأة سياسية؟»، وحتى الرجل لا يساعد المرأة في اثبات نفسها ولا يختلف عن المرأة التي تهاجم نظيرتها.«الراي»: أين دور المرأة في الحراك الشعبي؟ هل غيبت من قبل الرجل أم لم يكن لها تفاعل مؤثر؟الدريس: اعتقد هناك تعمد من قبل قادة الحراك الشعبي، فهم لا يثقون بالشباب عموما خاصة وأنه يمكن أن تنازعه في مكانته.وغالبية من ينادي في الندوات بـ «أخوات الرجال» هو غير موقع على قانون حقوق المرأة السياسية، وفي ليلة وضحاها أصبحت أخت الرجال بعد أن كان صوتها «أعور».«الراي»: و هل اهتمت التيارات السياسية بقضايا المرأة و ايصال النساء داخل تلك التيارات لمناصب قيادية؟جوهر: التيارات لم تدعم المرأة، فالدعم الحقيقي يكون مع بداية تأسيس أي تيار سياسي حيث من الضروري وجود الكادر النسائي.أما على أرض الواقع، فلم يتم تطعيم التيارات بالعنصر النسائي الا بعد اقرار حقوقها السياسية، يعني أنها عملية انتهازية بعدما أصبحت لها فعالية وحق التصويت، و حتى التيارات التي دعمت مرشحات قاموا بذلك بمعية بمرشح آخر رجل، أي أصبحت «ملحق».الدريس: الغالبية في المجتمع ترى أن المرأة أخذت حقها وزيادة... ولا نلقي اللوم على التيارات السياسية فقط بل المرأة نفسها لم تبادر لإثبات نفسها.«الراي»: ألا تعتقدين أنها «غيرة» من الرجل بأن المرأة ستتصدر المشهد عوضاً عنه؟جوهر: المفترض أن معيار الكفاءة هو الفيصل ولا علاقة له بالجنس، و اذا كان هناك رجل ناجح أكثر من الآخر، فهل يستدعي ذلك أن يغار... الكفاءة هي المقياس بتبوؤ أي شخص للمنصبففي الانتخابات ليس بالضرورة أن تصوت المرأة للمرأة بل المفترض أن تصوت للمرشح الأنسب بغض النظر عن جنسه.«الراي»: كيف يمكن أن تتطور المرأة لتتمكن سياسيا،هل نجح دعمها من خلال الملتقيات النسائية؟جوهر: غالبية التجمعات النسائية تحاول أن تعزل المرأة وجعلها المسؤول الوحيد للدفاع عن حقوقها فهذه محاولات العزل والتقوقع هي سبب الفجوة بينها وبين المجتمع الآخر.ليس بالضرورة ان تطالب المرأة وحدها بحقها فهذا حق لكل مواطن أن يطالب به من مبدأ المساواة وليس على أساس تمييز الجنس«الراي»: هل تعتقدين أن المرأة ستصل للمجلس في الدورة المقبلة؟السعيد: اذا استمررنا بالعقلية نفسها وسيطرة التيارات الدينية والتقليدية على المجتمع فلن تصل.الدريس: لا، واذا وصلت ستكون بعدد قليل بعد أن تحوز المراتب الدنيا بين الفائزين.جوهر: ربما، فالتوقعات وفق الصوت الواحد ليست ثابتة... و رغم ذلك فالرهان بالسابق كان بعدم امكانية نجاح المرأة في الانتخابات وقد خالفت التوقعات، فكان أصعب اختبار لها ممكنا خاصة وأن الطموح ليس بالوصول فقط بل بتمثيل أفضل.القحطاني: نأمل ذلك، إلا اذا تدخل المال السياسي.«الراي»: وهل سقوط المرأة في الانتخابات بحاجة لمال سياسي؟القحطاني: المال السياسي عدو المرأة ويعيقها من الوصول للمجلس.السعيد: حتى ينجح المرشح في الانتخابات بحاجة للمال وهو ما لم يتوافر لدى المرأة.الدريس: لا اعتقد، فالمرأة يمكن أن تسقط في الانتخابات بفتوى دينية.«الراي»: هل عزز «الصوت الواحد» من حظوظ المرأة لتمثيل أكبر داخل قبة عبدالله السالم؟الدريس: الصوت الواحد غير عادل على الجميع، و فرصة المرأة تكاد تكون معدومة وفق الصوت الواحد، ففي السابق كانت أربعة أصوات ربما تحصل المرأة على صوت منهم لكن الآن مستحيل.والأمر يشمل حتى النواب السابقين من الذكور حيث أصبحت حظوظهم معدومة مثل النائب الطبطبائي.السعيد: في حال استمررنا بالعقلية نفسها فإن فرصة المرأة لن تختلف سواء من خلال الصوت الواحد أو الاربعة أصوات.القحطاني: الصوت الواحد سيخدم المرأة... فهو أبرز النماذج الجيدة والسيئة على حد سواء وتدني أداء مجلس الأمة رفع منسوب الوعي نحو التغيير.«الراي»: وهل «الكوتا» هي الحل لتمكين المرأة سياسيا؟الدريس: «الكوتا» أحد الحلول لتمكين المرأة في العمل السياسي، لكنني ضد التمييز، فهذا الميدان والجميع يفرض نفسه لكن في المقابل لابد أن يستوعب المجتمع وجود المرأة السياسي.«الراي»: ما رأيكن بأداء المجلس والحكومة؟القحطاني: الأداء المتدني للمجلس الحالي سيكون الدافع الرئيس للمطالبة بالتغيير في الانتخابات المقبلة، واعتقد أن نحو 80 في المئة من نواب المجلس الحالي لا يستحقون الوصول لقاعة عبدالله السالم.أما حكوميا فقد أغلقت أبوابها أمام المواطن وتركت المفتاح بيد النائب ليفتحه وينجز معاملاته، فهي ذلت المواطن باجباره على اللجوء للنائب لانجاز معاملاته.جوهر: اداؤهما تحصيل حاصل لتراكمات السنوات الماضية، فلا يمكننا عزل السوء الحالي عما مضى منذ تأصيل الديموقراطية في الكويت، أي تصحيح سياسي لابد أن يسبقه ثقافة وتصحيح فكري.الدريس: هذا المجلس سلطوي لم يقف مع الشعب، وقد أصدر قوانين مقيدة للحريات مثل الاعلام الالكتروني، أما في الجانب الحكومي فالنهج واحد حتى وإن تغيرت الأسماء.السعيد: اذا وجد المواطن الصالح الذي يقوم بعمله ولا يسرق ولا يرتشي، فسنجد النائب الصالح والحكومة الصالحة، ولابد أن نبدأ بالتغيير من أنفسنا ليكون الأثر على المجتمع بأكمله.
محليات - مجلس الأمة
ندوة «الراي» تسأل بعد عقد من الزمان على حقوق المرأة السياسية ... هل ستعود لمقاعد النواب؟
«المرأة النائبة» من وجهة نظر نسائية ... لن تعود في زمن التيارات الدينية و«العيب» والخوف من العنوسة
06:04 م