لم تطمس الضوضاء السياسية - الانتخابية في لبنان حقيقةً تزداد سطوعاً، وهي ان ثمة مَن يقف «على سلاحه» لحراسة اللعبة السياسية و«حربها» في صناديق الاقتراع، في الوقت الذي تشتدّ لعبة الموت على مرمى العين في سورية وتشتعل صناديق الرصاص في غير مكان في المنطقة.صحيحٌ ان الاستقرار في لبنان خطٌ أحمر بقرار دولي - إقليمي كبير، لكن الأصحّ ايضاً ان الجيش اللبناني ومعه القوى الأمنية الأخرى أثبتوا جدارةً ما فوق عادية في حماية الأمن الوطني، على الحدود وفي الداخل، رغم الاحتضار الخطير للدولة التي فقدتْ رأسها منذ عامين وتلاشتْ مؤسساتها الواحدة تلو الأخرى.من الحرب في مواجهة الإرهاب وعليه، الى حراسة القرار 1701 على الحدود مع اسرائيل، ومن صوْن الاستقرار الداخلي الى حماية حق الانتخاب، ومن الحرب الاستباقية ضد التطرّف العابر للحدود، الى الانتشار بين الزواريب لإطفاء الصواعق الفتنوية... كلّها مهمات على عاتق الجيش والقوى الأمنية التي تسجّل وعلى نحو يومي إنجازات لا يستهان بها.في لبنان، الوطن المسكون بالتنوّع والتعدّد والمُصاب بـ «السياسة» من رأسه حتى أخمص قدميه، العسكر لا يشبه «العسكريتاريا»، فهذا العسكر من هذا المجتمع بـ «حُلوه ومُرّه». ولكن رغم أثقال الانقسامات ومظاهر التناحر، بقي الجيش ومعه القوى الأمنية، عصياً معافى وحصيناً، ربما لأنه ليس جيش نظام او طائفة او غالبية أو أقلية.وبعيداً عن الأسماء والألقاب والنجوم، يعرض مصدر عسكري كبير في «جلسة ودّية» شاركت فيها «الراي» خريطة الأخطار والتحديات التي تواجه لبنان وحجم الإنجازات التي تحققها المؤسسة العسكرية بالتكافل والتضامن مع القوى الأمنية اللبنانية الأخرى، وبالتعاون أيضاً مع الأجهزة الصديقة.يفاخر المصدر العسكري بأن تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) الذي احتلّ مدناً ومحافظات وأقاليم في بعض الدول، لم يستطع احتلال شارع واحد في لبنان، بعدما نجح الجيش، عبر قراره الحاسم، في وأد محاولات، جرت قبل ان تبصر النور، وفي تعقّب اي تحرّكات، وفي إلقاء القبض على رؤوس مدبّرة وخلايا صارت بيد القضاء.لم يقلّل العسكري الرفيع من ديمومة الخطر المتمثل بـ «داعش وأخواته»، فالمفاجئ في هؤلاء حركتهم السريعة في التنقّل العابر للحدود، وهم مجموعة أشرار وعصابات كابتاغون، قادَتُهم شُذّاذ آفاق وأصحاب مصالح مافيوية وتجّار مخدرات ويديرون بعض مَن تمّ غسْل أدمغتهم الى درجة يريدون معها تفجير أنفسهم كيفما كان وأينما كان.لا بيئة حاضنة لهؤلاء في لبنان، يقول المصدر العسكري الذي كشف عن ان حالات الفرار من الجيش اللبناني الذي يضمّ عشرات الآلاف اقتصرت على جندييْن، واحد قُتل لاحقاً في سورية وآخر في الشمال، ملاحِظاً ان اي بناية سكنية تشبه في اختلاط قاطنيها لبنان برمّته، وتالياً فإن هذا التنوّع هو نقيض التطرف.وفي تقدير المصدر العسكري عيْنه، ان النزوح السوري تحوّل الى ما يشبه واحد من صمامات الأمان في حفظ الاستقرار في لبنان، نتيجة العناية الدولية التي نحظى بها، فالعالم يأتي الينا للمساعدة رغبةً منه في تجنيب لبنان أيّ مشكلات، من شأنها تهجير النازحين الى شواطئ المجتمع الدولي، مع تأكيد موقف لبنان بكل فئاته وقواه على رفض اي توطين لأيّ نازح في أراضيه.ويُطَمْئن المصدر العسكري الرفيع الذي يَعرف ما لا يعرفه الآخرون بحكم موقعه، الى ان النزوح السوري لا يهدّد مصير لبنان، يؤثر سلباً على النواحي الاقتصادية والأمنية والبيئية لكنه لا ينطوي على تهديد كياني او ما شابه، وخصوصاً ان واقع النزوح على ضخامته يبقى تحت السيطرة.الأكثر مثاراً للقلق في رأي المصدر العسكري، ربما يهبّ من مخيم عين الحلوة الفلسطيني (القريب من صيدا) نتيجة وجود مجموعة لـ «داعش» تعمل في اتجاهين: ترغيب عبر السعي لتطويع المزيد، وترهيب على طريقة اغتيال أحد أهمّ ضباط «فتح» فتحي زيدان قبل شهر.ورغم هذا القلق، فإن الجيش، وبحسب المصدر العسكري، في كامل جهوزيته لمواجهة أيّ حالات تفلّت... التنسيق قائم مع الجهات الفلسطينية المسؤولة عن المخيّم، التدابير مشدَّدة على مداخله، والإرادة حاضرة لمنع تَمدُّد ايّ خطر داخل «عين الحلوة» او خارجه.هذا النوع من التحديات لم يحرف أنظار الجيش عن مهمات ذات طبيعة استراتيجية يلخّصها المصدر العسكري حالياً بالآتي:- السيطرة التكتيكية للجيش على الحدود الشرقية والشمالية المتاخمة لسورية لإبعاد خطر ايّ اختراق من «داعش» في اتجاه لبنان، وهو سجّل نجاحات مشهود لها من خلال العمليات الاستباقية والرصد والمتابعة وما شابه.- البقاء على الجهوزية في جنوب لبنان ومواصلة العمل على ترسيم الخط الأزرق والسهر على احترام القرار 1701 بالتعاون مع قوات «اليونيفيل» المعزَّزة. واذا كانت التجارب دلّت على ان إسرائيل لن تتورّع عن ممارسة عدوانيتها، لكن من المستبعد وفق التوازنات الحالية قيام العدو بأي حرب في اللحظة الراهنة.- العمل على استكمال تجهيز الجيش الذي تَضاعفت مهماته مع التحديات الناجمة عن الإرهاب والخطر الإسرائيلي، وثمة بارقة أملٍ في إمكان إعادة تحريك الهبة السعودية المخصصة لتسليح الجيش اللبناني.
خارجيات
مصدرعسكري كبير: «داعش» تحكّم بأقاليم في المنطقة ولم ينجح باختطاف شارع واحد عندنا
لبنان يسيطر «تكتيكياً» على الحدود مع سورية ويستبعد حرباً إسرائيلية... راهناً
08:25 م