شارفت أم بدر (رحمة عبدالواحد الراشد) على الستين، وبعد 10 سنوات على عملها مغسلة أموات في مقبرة الصليبخات، تؤكد انها غير نادمة أبداً على عملها في هذا المجال الذي خاضته بترشيح من ديوان الخدمة المدنية.وأكدت في حديثها بنبرة الواثق «لو لم يحبني الله لما اختارني في هذا المكان»، مشيرة إلى انها «ستجشع ابنتها لتعمل في المجال نفسه ان أرادت».وعن صعوبة البدايات أجابت «كنت أحلم بمشاهد الجنائز في بداية عملي»، كاشفة عن وجود «سبع كويتيات يعملن كمغسلات وأخريات هنديات ومصريات وباكستانيات وعمانيات وسعوديات».وعن نظرة الأسرة والمجتمع قالت «لمست من أسرتي وأبنائي واخوتي كل الدعم والحماس والتشجيع على هذه المهنة»، لافتة إلى ان «الصورة التي ينقلها الإعلام من خلال الأفلام والمسلسلات تختلف عن الواقع تماماً»، وفي ما يلي مزيد من التفاصيل:• متى بدأت التفكير في العمل في هذه المهنة ؟- بدأت العمل في هذه المهنة منذ عشر سنوات وتحديداً في عام 2006.• هل اتجاهك للعمل في هذه المهنة جاء بالصدفة ؟- نعم عملت كمغسلة بالصدفة دون أي تخطيط أو ترتيب.• كيف تم ذلك ؟- تقدمت لديوان الخدمة المدنية، وعندما جاء الدور عليّ تلقيت خبر توظيفي عن طريق أخي، علماً بأنني كنت قد قدمت على وظائف عدة، ولكن تم قبولي في البلدية (الله سبحانه وتعالى كتب لي نصيبي في هذا المكان).• كيف تلقيت خبر التعيين في هذا المكان ؟- لا أخفي عليك، تفاجأت في البداية، خصوصاً أنني ليست لدى خبرة في هذا المجال، ولا أفقه شيئاً عن آلية التغسيل، وفي الوقت نفسه انتابني شعور بالخوف والتردد في شأن كيفية التعايش مع هذه المهنة التي كانت غير مألوفة بالنسبة لي، ولكن عندما ذهبت الى بلدية خيطان، أخبرت المسؤولين هناك بعدم إلمامي بأي شيء عن التغسيل وانها المرة الاولى بالنسبة لي، فلم يقصروا معي ومدوا لي يد العون والمساعدة وقاموا بتدريبي وتعليمي وكل ما هو مطلوب.• كيف كان شعورك أثناء تجربتك الأولى ؟- في الحقيقة كان شعوراً صعباً جداً في البداية، خصوصاً في أول شهرين فلم يفارقني شعور الخوف ولم تخل أحلامي من مشاهد الجنائز وكان موقفي صعباً وقتها، لكنني كنت أستحضر المقولة الدارجة «لا تخف من الميت وخف من الحي» وهي مقولة أرى أنها صحيحة تماماً، ولكن في النهاية، أقول الحمدلله فهذه الوظيفة نعمة من رب العالمين وفيها أجر عظيم.• حدثينا عن أول جنازة قمت بتغسيلها ؟ وكيف كان شعورك ؟- كنت خائفة في البداية، ولكن صديقتي وزميلتي في البلدية أم خليل (الله يذكرها بالخير)، كانت تشجعني وتنصحني بأن أضع يدي على جثمان الميتة ببطء دون ان اشعر بالخوف، وتقول لي لا تخافي، الميت أشبه بالنائم، والحمدلله الأمور أصبحت تسير بشكل اعتيادي.• هل شعرت انك أقرب إلى الله بعد امتهانك هذه الوظيفة ؟- بالطبع نعم، شعرت بالتقرب إلى الله والخشية والخشوع والرهبة، فنحن نرى صاحب الجنازة وقد كان بالأمس بين الأحياء ويمشي على الأرض واليوم في عداد الأموات.• كيف تقبلت أسرتك العمل في هذه المهنة ؟- بصراحة لمست من أسرتي وأبنائي وإخواني كل الدعم والحماس والتشجيع على العمل في هذه الوظيفة لكسب الثواب والآجر وزيادة التقرب إلى الله.• اذا أتيحت الفرصة لإحدى بناتك للعمل في الوظيفة ذاتها، هل تسمحين لها بذلك ؟- بالتأكيد نعم سأسمح لها بذلك دون أي تردد، ولكن لابد ان تكون مقتنعة تماماً بهذه الوظيفة ولديها الرغبة في العمل بها، لأن هناك الكثير من النساء يرغبن بالعمل في هذه الوظيفة في البداية ولكن سرعان ما يغيرن رأيهن بمجرد رؤية الجنازة.• ما تقييمك لفرصة نجاح المرأة في هذه الوظيفة ؟- هذه الوظيفة سهلة وبإمكان أي امرأة ان تنجح فيها، ولكن هذا يعتمد على مدى الإرادة والعزيمة والراحة النفسية، وهناك نساء نجحن وواصلن مسيرتهن بها وأخريات عجزن ولم يستطعن المواصلة.• هل أنت المغسلة الكويتية الوحيدة ؟- لا، هناك العديد من الكويتيات العاملات في مهنة التغسيل قرابة سبع كويتيات، وهناك مغسلات من جنسيات أخرى كـ (الهندية والمصرية والباكستانية والعمانية والسعودية).• ما شروط قبول المغسلة ؟- ان تكون على خلق، وإنسانة محتشمة، ومتدينة ولديها إلمام في أمور الشرع والمواظبة على الصلاة قبل كل شيء.• كم عدد المساعدات لك في الجنازة التي تقومين بتغسيلها ؟هذا الأمر متغير، أحياناً اثنتان أو ثلاث مساعدات، ولكن يوجد 11 مغسلة في «الشيفت» الكامل.• هل تقومين بمواساة أهل الميت ومحاولة تصبيرهم ؟- لابد ان نصبرهم ونذكرهم بأن الموت حق وكأس لابد للجميع ان يتجرعه.• كم عدد ساعات دوامك ؟- نداوم يوماً كاملاً لمدة 24 ساعة، ثم نأخذ عطلة يومين، وطبيعة عملنا تقتضي غلق الهاتف.• ماذا عن المردود المادي... هل هو مجز ؟- الحمدلله نعمة وفضل من رب العالمين.• كيف تقيمين نظرة المجتمع للمغسلة ؟- الغالبية من الناس تتقبل عملنا، و دائماً ما يدعموننا لقناعتهم بقيمة هذا العمل وأجره وثوابه، وهناك أناس لا يرون ذلك.• ما تأثير وسائل الإعلام على صورة عمل المغسلة ؟- للأسف، الصورة التي ينقلها الإعلام من خلال الأفلام والمسلسلات تختلف عن الواقع تماماً، والمطلوب تحسين صورة المغسل أو المغسلة ونقلها على حقيقيتها، فهي مهنة شريفة ونظيفة، والقائمون عليها يخافون الله، ولا يفشون أسرار الجنائز ويقدرون حرمة المتوفى.• هل المغسلة قاسية القلب ؟- بالعكس، قلب المغسل أو المغسلة رؤوف جداً مع الحالات التي يراها ويتأثر بمشاعر أهل الميت.• هل أنت راضية عن مهنتك وسعيدة بها ؟نعم، الحمدلله والفضل لرب العالمين، لو لم يحبني الله لما اختارني لهذا المكان، فهو مكان للموعظة والرحمة والغفران وتقرب لرب العالمين.
محليات
مغسلة الأموات الكويتية أم بدر تروي تفاصيل العمل على أبواب الآخرة: لا تخف من الميت وخف من الحي
07:30 م