رداً على تعقيب وزارة الداخلية على ندوة «الراي» التي ناقشت قانون البصمة الوراثية بمشاركة مدير ادارة المختبرات الجنائية سابقاً ومؤسس البصمة الوراثية واستاذ مادة الأدلة والتحقيق الجنائي الدكتور بدر خالد الخليفة والمحامي عادل عبدالهادي قدم الأخيران ردوداً على التوضيحات التي طرحتها الوزراة مجددين فيه التأكيد على وجود سلبيات في هذا القانون، مشيرين إلى ما يمكن أن يثيره من مشاكل لدى زوار الكويت من الشخصيات العامة أو رجال الاعمال أو أصحاب المكانة الاجتماعية في بلدانهم، خاصة وانه ليس هناك استثناء في تطبيق القانون.وفيما رأى الخليفة أن مقارنة وجود قاعدة بيانات لبصمات الأصابع والتي بلغت عشرة ملايين بصمة وما تحققه من فائدة مع قاعدة بيانات البصمة الوراثية هي مقارنة غير موضوعية من الناحية العلمية، أكد المحامي عبدالهادي أنه سيقدم طعنا بالقانون في المحكمة الدستورية.وقال الخليفة موضحا «حديثي خلال مقابلتي في جريدة (الراي) كان من منطلق تخصصي في مجال البصمة الوراثية وكوني مؤسس مركز الاستعراف واستخدمت البصمة الوراثية في موضوع التجنيس والأسرى والقضايا الجنائية، وكنت من أول من طرح فكرة قاعدة البيانات الأمنية ولم أتطرق في حديثي إلى توجيه الاتهام لأشخاص بعينهم، وإنما كان حديثي مهني علمي تناولت فيه السلبيات الموجودة بالقانون الخاص بفرض تكوين قاعدة بيانات للبصمة الوراثية لكل مواطن ومقيم وزائرعلى أرض الكويت، وبدلا من أن تكون البصمة الوراثية وسيلة مشروعة وفعالة لمن يريد إثبات أو نفي نسب بأسلوب قانوني أو تستخدم كوسيلة إستعراف في حالات وفيات كارثية أو أمنية وجدتها تتحول الى خلاف في الرأي يصل الى الحديث عن احتمالية وجود شبهات دستورية وانتهاك خصوصية بعض شرائح المجتمع»وأوجز الخليفة «من منطلق الحرص على المصلحة العامة رؤيته للقضية فيما يلي:1- ليست هناك ضوابط صارمة تمنع قصر استخدام البصمة الوراثية على النظام الفردي، وتجاوز ذلك إلى الروابط الأسرية، ومايتبع ذلك من آثار سلبية على المجتمع.2- يجب ان يكون قصر تجميع العينات على المدانين والمسجونين في قضايا تهدد أمن الوطن والمواطنين، خاصة و أن العمل بقاعدة البيانات قد بدأ منذ العام 2005 وقد كان التوجه وقتها بصفة أساسية نحو السجون كناحية أمنية، وبالتالي لابد من الاستمرار على هذا المنهج لتجنب أي مشاكل قد تحدث من التطبيق الشامل وما يمكن أن تتم اثارته من شبهات دستورية وتضييق على الحريات.3- أؤكد موقفي الثابت في انشاء قاعدة بيانات أمنية تشمل المسجونين خصوصا المدانين في قضايا تهدد الأمن على أن تشمل أيضا رجال الأمن والسلك العسكري لتعرضهم للتهديد لطبيعة عملهم ووضعهم ومسؤولياتهم دون الحاجة لقانون يفرض ذلك.4- اعطاء بعض الأشخاص صلاحية تجاوز المستوى الفردي لابد ان يخضع لضوابط ومعايير اختيارهم وما يحول دون إساءة استخدام هذه الصلاحية.5- تبادل المعلومات الموجودة في قاعدة البيانات مع دول أخرى يجب ان يقتصر على النواحي الأمنية فقط لأنه لا توجد قاعدة بيانات في تلك الدول إلا للمدانين في قضايا خطيرة بل لا تؤخذ عينات من المشتبه بهم وما زالوا قيد التحقيق إلا بموافقتهم.6- مقارنة وجود قاعدة بيانات لبصمات الأصابع بلغت عشرة ملايين بصمة وما تحققه من فائدة مع قاعدة بيانات البصمة الوراثية هي مقارنة غير موضوعية من الناحية العلمية لأن الاستعراف في بصمات الأصابع هو فردي بحت ويخص شخص بعينه فقط من الناحية الأمنية أما في حالة البصمة الوراثية فهو يتسع ليشمل افراد الاسرة كافة وما يمكن ان يثير من مشاكل خاصة من زوار الكويت من الشخصيات العامة او رجال الاعمال او اصحاب المكانة الاجتماعية في بلدانهم،خاصة وانه ليس هناك استثناء في تطبيق القانون.7- الأعباء المالية التي سوف تتحملها الدولة في التطبيق الشامل على الجميع لايحقق فائدة ما في ظل الاتجاه العام لايقاف الهدر في المصروفات الحكومية.كانت تلك رؤيتي كمواطن انطلاقا من حرصي على بلدي الكويت دون المساس بأي من العاملين في وزارة الداخلية فأنا أحد أبنائها وزاملت الكثيرمن القيادات الحالية وساهمت في تدريب الكثير من العاملين في مجال الأدلة الجنائية بحكم تخصصي المهني العلمي فقد حصلت على شهادة الدكتوراه من المملكة المتحدة في البصمة الوراثية.ولايسعني الا الاشادة بجهود العاملين في هذا المجال الذين يعملون لخدمة بلدنا الحبيب الكويت ويبقى الهدف هو المصلحة العامة دون أن يفسد الخلاف في الرأي للود قضية».بدوره جدد المحامي عبدالهادي التأكيد على أنه سيكون له موقف حاسم من قانون البصمة الوراثية وسأطعن بعدم دستوريته، «وأكرّر الآن بأنه قد تم الإعداد لذلك».وأضاف:«تفاجأت من قراءة تصريح وزارة الداخلية بأنه جاء رداً مباشراً على ما ورد في ندوة (الراي) المخصصة لبحث موضوع قانون البصمة الوراثية رقم 78 /2015 والمخالفات التي تشوبه والاعتراضات عليه والتي كنت أنا والدكتور بدر الخليفة الضيوف فيها.وتابع «أشير بأنني لطالما ذكرت في مناسبات عديدة بأن الحكومة الكويتية تخفق في ممارسة مهامها بشكل صحيح وتفتقد قدرة التصرّف بشكل يعود بالنفع على المواطن والمجتمع الكويتي بما يتناسب مع التحضّر والتقدم الذي نشهده في العالم أجمع، وإذ بها من خلال تبنيها لقانون البصمة الوراثية تؤكّد مخاوفنا، وأكثر من ذلك استشعرنا من خلال رد وزارة الداخلية بأنها تجهر بكل فخر بأنها السباقة والأولى في العالم أجمع بتبنيها هذا القانون ضاربة بعرض الحائط مبادئ الدستور وقوانين حقوق الإنسان، ودون الأخذ بالاعتبار بأن صاحب السمو أمير البلاد تُوّج أميراً للإنسانية ومدافعاً عنها».وأضاف: «إن كنا قد عبّرنا سابقاً عن عدم ثقتنا بأداء الحكومة في الأمور والمواضيع الأكثر بساطة، فهل تتوقّع منا أن نطمئن ونثق بمسلكها في أمر بهذه الخطورة والحساسية، فهل تطلب منا أن نأتمنها على بصماتنا الوراثية التي تحتوي بطبيعتها على الخريطة الجينية للإنسان أي على تكوين الفرد من الألف إلى الياء، وهل تعتقد الحكومة ممثلة بوزارة الداخلية أن طمأنتها ستفي بالغرض وستشرّع لها خرق الدستور ومبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان؟!».وعاد عبدالهادي للتأكيد مجددا بأن «الحكومة الكويتية لم تتريّث وتمحّص هذا الموضوع بشكل دقيق، مع ذلك ولنفترض أنها تريّثت كما تدّعي في تصريحها فما زال إقرار قانون البصمة الوراثية بالصيغة الراهنة مخالفاً تماماً للدستور ومبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان».وأفاد «لقد أشارت وزارة الداخلية في تصريحها إلى الدول المتقدمة، فلماذا لا تحذو حذو تلك الدول المتقدمة في موضوع البصمة الوراثية وتستفيد من الخبرات والمراحل التي مرّت بها تلك الدول قبل الكويت، فبمراجعة ومقارنة قوانين دول العالم الخاصة بجمع البصمة الوراثية وكيفية التصرف بها، ومنها قوانين تلك الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا وسواها، يتضح جلياً بأنه لا توجد دولة في العالم فرضت أخذ عينة من الحمض النووي من جميع مواطنيها والمقيمين أو الزائرين لديها بل جميعها حصرت إمكانية أخذ عينة الحمض النووي في إطار توقيف شخص لارتكاب جرم معين أو أقلّه في ظل الاشتباه بارتكابه جرماً أدى إلى توقيفه».وأردف «عندما تكون دول العالم، ومنها الأكثر تقدما،ً قد لجأت إلى هذا المنحى الضيق والحصري بشأن جمع البصمة الوراثية فذلك المنحى لم يأت من عدم وذلك الحصر ليس دون سبب، لكن لا... كان على الحكومة الكويتية أن تكون السباقة، فإذا بها تسعى إلى فرض جمع البصمة الوراثية من جميع مواطنيها، والمقيمين لديها، والأكثر من ذلك زائريها».ولفت عبدالهادي، إلى أن الحكومة «طمأنت المواطنين والمقيمين، فماذا عن سكان العالم أجمع، فأي منهم قد يودّ زيارة الكويت فيصبح عندها زائراً ويفرض عليه بالتالي الخضوع لهذا القانون وهل درست الحكومة الكويتية تأثير مثل هذا القانون على مكانة الكويت دولياً أم هل تسعى الحكومة إلى المزيد من الانغلاق؟».وتباع «منذ اللحظة الأولى التي علمت بها بنية إصدار هكذا قانون بالشكل الذي تمت الموافقة عليه، عقدت العزم على الطعن عليه لأسباب قانونية جوهرية سبق أن لمحت بها دون تفصيل في تصريحي الأول العام 2015 كما وفي الندوة المذكورة، وزادني عزماً على تقديم هذا الطعن الكم الهائل من الطلبات التي وردتني من مواطنين ومقيمين بشأن التصدي لمثل هذا القانون، فموقفي هذا يشاركني به الكثيرون، وأنا اليوم أكثر إصراراً من قبل بعد ما صدر عن وزارة الداخلية عن قانون البصمة الوراثية».وخلص إلى القول «في الختام ورداً على طمأنة الداخلية للشعب، أود بدوري أن أطمئن الحكومة بأنني سأطعن بعدم دستورية قانون البصمة الوراثية المخجل صدوره في القرن الواحد والعشرين، أما ردودي المباشرة على جميع المغالطات التي وردت في تصريح وزارة الداخلية، فسوف أضمّنها في الطعن المرتقب، فموعدنا الأخير سيكون أمام المحكمة الدستورية، ما لم تعدل الحكومة».وأضاف:«إنني وبصفتي محامياً وناشطاً في حقوق الإنسان، أؤكد للمواطنين والمقيمين والزائرين بأن هذا القانون مخالف للمبادئ الإنسانية والدستورية والاتفاقيات والمواثيق والقوانين المحلية والدولية وعلى رأس ذلك مخالفته الصارخة للشريعة الإسلامية، لذا إن ردّ الداخلية على ندوتنا جاء مخيّباً للظن ومخالفاً للموضوعية ومضرّاً بسلامة الأمور، وجاء كالعادة سريعاً دون تروٍّ».وتابع«وأود أن أضيف ملاحظة أوجّهها للقائمين الكرام على هذا القانون وتطبيقه وهي بأن أي ضمانات أو عقوبات تم وضعها لتفادي حالات تسرّب المعلومات لا تكفي ولا تعوّض ضرر تسرّب أو خرق سرية البيانات سواء عن قصد أو عن غير قصد حيث لا يمكن تدارك نتائج أو عواقب ذلك ما لم يكن القصد من وراء ذلك القانون من قبل المؤيدين لتنفيذه نبش القبور وكشف المستور وتدمير الجسور بين أبناء الشعب الواحد وبعثرة الأُسَر والتي نحن بأمس الحاجة لترابطها وحمايتها والذي وجب سمو رئيس مجلس الوزراء بصفته مسؤولاً كذلك عن النشء وعلى الحفاظ على مكتسبات الأمة وأهمها وأوجبها الحفاظ على الخصوصية وعدم التعرّض لوحدة وكرامة الأُسَر.وأعلن عبدالهادي استعداده«لأي مناظرة مع أي مسؤول أو خبير في الدولة سواء من السلطة التنفيذية أو التشريعية لعرض الردود على أي تساؤل قد يُطرَح وتقديم الأسانيد وذلك قبل هدر الأموال وتبدّل الأحوال، إن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ولله الأمر من قبل ومن بعد وهو غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون».
محليات - مجلس الأمة
ردود الفعل تتواصل على ندوة «الراي» التي ناقشت قانون «البصمة» الجديد
الخليفة وعبدالهادي لـ«الداخلية»: هل ستأخذون البصمات الوراثية لزوار الكويت المرموقين؟
03:46 م