لم تجدِ صيحات التحذير من العجز ولا من الهدر في «الجلسة الماراثونية» في تمرير مشروع القانون المقدم من الحكومة في شأن تعرفة شرائح الكهرباء والماء كاملاً، ونجحت معارضة النواب المس بجيب المواطن، ووافق المجلس في المداولة الأولى، على استثناء السكن الخاص من «الشرائح» بموافقة 31 عضواً ورفض 17، كما رفض منح الحكومة حق زيادة الرسوم بقرار من حيث المبدأ بسبب عدم دستوريته.ورأى النواب أن «مشروع القانون المقدم من الحكومة، ومع أهميته في التنفيذ، إلا أنه يفتقد الى كثير من المعلومات بخصوص استهلاك السكن الخاص ونسبة المستهلكين في كل شريحة، لذلك نرى الموافقة على ما ورد في تقرير اللجنة المالية بخصوص مشروع القانون في تحديد وحدتي الكهرباء والماء على القطاعات كافة باستثناء السكن الخاص».وأوصى النواب بتركيب العدادات الذكية على الوحدات السكنية والتأكد من نسب الاستهلاك، وإعداد نظام فواتير مفصل شهري وسنوي، ودراسة منع استيراد الأجهزة الكهربائية ذات الاستهلاك الكبير وتقنين دخولها، ودراسة استخدام الطاقة الشمسية للوحدات السكنية.وفي إشارة لافتة، أعلن الرئيس الغانم أن «ما تحقق اليوم (أمس) يعكس وبشكل جلي ما حرص الاخوة أعضاء المجلس عليه من عدم الالتفات للاصوات التي تريد مهاجمة المجلس لمجرد المهاجمة، والتركيز على العمل»، لافتاً إلى أن «هذا المجلس مسؤول ويتخذ قرارات مسؤولة خاصة وأننا نواجه أزمة اقتصادية وتصنيفات لموقع البلاد الائتماني»، معرباً عن اعتقاده بأن «تصويتات اليوم (أمس) ستصنف في صالح البلاد بهذه التصنيفات».وأكد الغانم «لمن كان يراهن بأن الحكومة ستستطيع أن تمرر ما تريد من خلال المجلس، نحن نثبت عكس ذلك بلغة الارقام والانجازات».وأوضح الغانم أن هناك من كان يريد رفع التعرفة على القطاع التجاري والقطاعات الأخرى، والغالبية كانت مع رفع التعرفة على هذه القطاعات وفق ضوابط وبتدرج، ولذلك تمت إضافة عبارة بحد أقصى وأعلى، مبيناً ان هناك تعديلات اخرى على الصياغة ستتم إضافتها من خلال اللجنة المالية البرلمانية ما بين المداولتين الأولى والثانية.ونوه الغانم الى ان «المجلس كان يصر على ان تقدم حزمة متكاملة لمعالجة الاختلالات الاقتصادية، وبالفعل قدمت هذه الحزمة من قبل اعضاء السلطتين، وهناك العديد من الملاحظات حولها وفي ضوئها تمت اعادتها للجنة المالية لإعادة صياغتها، متضمنة كل ما اثير من ملاحظات»، لافتاً الى ان هناك خطوات أخرى لاعلاقة لها بتعرفتي الكهرباء والماء كالتأمين الصحي وغيره من الخطوات التي تحتاج الى العمل الدؤوب.وأعرب الغانم عن اعتقاده بأن «اسوأ شيء بالامكان ان يقوم به الانسان هو نسيان ما هو مهم للبلد والتفكير بأجنداته السياسية وكيفية اقتناص أي فرصة للنيل من خصومهم السياسيين»، مشيراً الى ان «المجلس ترك الآخرين ليملأوا وقتهم بهذه الأمور والمجلس ملأ وقته بالعمل المفيد الذي سينعكس بإذن الله إيجاباً على البلاد والعباد».وتمنى الغانم ان تقدم التقارير المقبلة في شأن الاصلاحات الاقتصادية بشكل افضل، مشيراً الى ان «المجلس سيواصل الضغط على الحكومة لتحمل مسؤولياتها لمواجهة هذه الازمة بقرارات مسؤولة دون الاضرار بالمواطنين»، مشيراً الى انه كان هناك مبررات لاستثناء السكن الخاص «وصحيح ان هناك عدم عدالة فيه لأن من يصرف أكثر يغرف من المال العام أكثر، غير أن هناك العديد من الأمور التي ينبغي القيام بها قبل الإقدام على خطوة الترشيد».وتوجه وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله بالشكر الى كل من أيّد المقترح الحكومي برفض التعديل، متمنياً أن تجد الحكومة في تصويت آخر أكثر من 17 نائباً يؤيدون مقترحها، فعقب الرئيس مرزوق الغانم بالقول «هذه زغالة يا بو عبدالله».وبالتصويت على المقترح ككل بعد إضافة التعديل باستثناء السكن الخاص وافق المجلس عليه بـ 44 صوتا واعتراض 8.واكد نائب رئيس الوزراء وزير المالية وزيرالنفط بالوكالة أنس الصالح، ان مشروع قانون البديل الاستراتيجي لا يمس العاملين بالقطاع النفطي، سواء بالراتب أو المزايا أو نهاية الخدمة أو المكافآت.وأضاف الصالح في مداخلة له في الجلسة ان القطاع النفطي مهم وكل قطاعات الدولة مهمة ايضاً، مؤكداً عدم استهداف القطاع النفطي «ونحن نستهدف الترشيد».واوضح ان المفاوضات مع نقابات القطاع النفطي لم تنته وما زالت على طاو لة المفاوضات، داعياً إياها الى الاستمرار بالتفاوض.وشدد على ان مشروع البديل الاستراتيجي لن يمس القائمين على اعمالهم الآن، وجاء ليحقق العدالة التي يطمح اليها كل ابناء الشعب الكويتي، مشيراً الى ان النقاش حول البديل الاستراتيجي لا يزال تحت نظر اللجنة البرلمانية المختصة.واكد انه لا يملك كممثل عن الحكومة في المفاوضات مع القطاع النفطي الحديث عن مشروع قانون لم يقر الى الآن، قائلاً «ما املكه هو ان اشرح وجهة نظري لكن لا املك ان اتعهد بتطبيقه من عدمه».وكان الصالح استعرض وثيقة الإجراءات الداعمة لمسار الاصلاح المالي والاقتصادي في البلاد.وقال إن هذه الوثيقة مستوحاة من خطة التنمية التي أقرها مجلس الأمة وجاءت للتعامل على المدى المتوسط في بند الاصلاح المالي والاقتصادي، وتتضمن ستة محاور واجراءات تنفيذية مؤرخة وفق سنوات مالية محددة أقرها مجلس الوزراء أخيراً «حتى تلتزم الحكومة وكل مسؤول وقيادي بالتنفيذ ومن ثم بالمحاسبة في حال التقصير».وأكد الصالح أنه في ظل ما آلت إليه أسعار النفط وبسبب اعتماد الدولة الكلي عليه كمصدر وحيد للدخل «تواجه الدولة تحدياً استثنائياً حيث لم يكن لها أن تؤجل هذا الاستحقاق»، مشيراً إلى قيام إحدى مؤسسات التصنيف الائتماني أول من أمس بخفض تصنيف إحدى دول مجلس التعاون درجة واحدة.وقال وزير المالية إن هدف دراسة لجنة الدعوم الترشيد وليس الجباية، وتحقيق التزامات الدولة تجاه المشاريع الاسكانية وسواها، مشدداً على أن الحكومة لن تذهب في أي أمر غير دستوري، تعقيباً على ما أعلنه رئيس اللجنة المالية النائب فيصل الشايع من أن اللجنة رفضت تفويض الحكومة في شأن الرسوم نظراً لعدم دستوريته.وأشار الصالح الى أن التصنيفات ستتوالى تباعاً، «ولذلك لم يعد ممكنا تأجيل أي خطوة إصلاحية إن كنا نريد استدامة الدولة».وأكد أن الكويت ليست في منأى عن كل الإصلاحات التي تقوم بها دول مجلس التعاون ودول العالم، لافتاً الى أن وزارة المالية تبنت فرضية غير منطقية بإبقاء أسعار النفط عند 25 الى 50 دولاراً لبرميل النفط «لذا فإن العجز سيكون 50 مليار دينار خلال خمس سنوات وفي السنة المالية 2021 - 2022 وفي حال الإصلاح سيكون العجز 36 ملياراً».من جهته، قال وزير الكهرباء والماء المهندس أحمد الجسار إن «الهدر والاسراف في استهلاك الكهرباء والماء دعيا إلى تغيير تعرفتهما»، مشيراً الى أن الدراسات الحكومية تظهر أن ما يقارب الـ 30 في المئة من الاستهلاك هو «هدر».وأوضح الجسار أن التعرفة الحالية بقيمة فلسين للكيلوواط معمول بها منذ عام 1966، لافتاً إلى أنها «تستوجب التغيير نظراً للتغيرات الاقتصادية».وذكر أن «النمو السنوي المتزايد لاستهلاك الوقود يعد من الأسباب التي دعت كذلك إلى تغيير تعرفة الكهرباء والماء»، فضلاً عن زيادة عدد المستهلكين مقارنة بما كان عليه الوضع في عام 1966.وتوقع أن تصل تكاليف الصرف على الكهرباء والماء في عام 2035 «ما يقارب الثمانية مليارات دينار وذلك على سعر برميل النفط 50 دولاراً».وذكر أنه «تم خلال العام الماضي حرق 340 ألف برميل نفط خام لتوليد الطاقة»، موضحاً أن «هذا الرقم سيرتفع تدريجياً اذا استمر الوضع الحالي بعدم اتخاذ اجراء رفع الكلفة وترشيد الاستهلاك للطاقة، حيث سنحرق يومياً في سنة 2035 ما يقارب مليون برميل نفط».وأوضح الجسار أنه «إذا ما استمرت التعرفة الحالية خلال الـ 19 سنة المقبلة سنحتاج الى صرف تكاليف بقيمة 89 مليار دينار»، مبيناً «أن المقترح الحكومي في شأن تعرفة الكهرباء والماء سيوفر خلال الفترة نفسها ما يزيد على 37 ملياراً والدعم السنوي للكهرباء والماء سيكون 48 مليار دينار».وأفاد بأن «السكن الخاص يستهلك 40 في المئة من استهلاك انتاج الكهرباء و43 في المئة من استهلاك المياه، في حين يستهلك القطاع الاستثماري 20 في المئة من انتاج الكهرباء».وبيّن أن القطاع التجاري يستهلك 5 في المئة من استهلاك الكهرباء و6 في المئة من استهلاك المياه، موضحاً أن القطاع الحكومي يستهلك 18 في المئة من استهلاك الكهرباء والقطاع الصناعي 6 في المئة من الكهرباء.وأضاف أن السكن الخاص هو أكبر شريحة مستهلكة للكهرباء، لافتاً إلى أنه تمت دراسة معدل استهلاك المواطنين للكهرباء حسب الشرائح فتبين «أن من يستهلك 1 كيلوواط الى 3 آلاف كيلوواط شهرياً نسبتهم 11.2 في المئة، وأن من يستهلك من 3001 كيلوواط الى 6000 كيلوواط نسبتهم 17.6 في المئة شهرياً، ومن يستهلك 6001 كيلوواط الى 9000 كيلوواط نسبتهم 20.8 في المئة».وذكر أن نسبة استهلاك السكن الخاص للمياه شهرياً وفقا للشرائح هي «من 1 غالون الى 10 آلاف غالون ونسبتهم 15 في المئة و10001غالون الى 20 ألف غالون نسبتهم 42 في المئة».وأعلن وزير التجارة والصناعة الدكتور يوسف العلي ان قرار تجميد الأسعار جاء بعد قيام الوزارة باعداد مسح كامل لكل اسعار السلع والخدمات في السوق المحلي منذ بداية العام الحالي لتبقى الأسعار «عند هذا السقف ولايجوز لأحد ان يرفع الاسعار الا بموافقة الوزارة وهو اجراء موقت».وأوضح ان مصروفات الكهرباء والماء والبنزين بالنسبة للاعمال التجارية «مكون بسيط ولن يؤثر على ارتفاع الاسعار».وأكد العلي حرص الوزارة من خلال اصدار قرار تجميد الأسعار على عدم استغلال البعض للجو العام في شأن رفع اسعار الكهرباء والماء، وان «أي زيادة دون اذن الوزارة سنعتبرها زيادة مصطنعة وسنحيلها الى النيابة التجارية».وأشار الى تشكيل الوزارة لجنة خاصة لتفعيل دور الأجهزة الرقابية على أسعار السلع، اذ ستجتمع مرتين اسبوعياً، فضلاً عن وجود ثمانية مراكز تابعة للوزارة منتشرة في البلاد لمراقبة أسعار السوق..