يُقال في عالم الطب إن معرفة المريض بطبيعة مرضه هي نصف العلاج، ولذلك فإن التوعية بالمرض – أي مرض – هي بداية الطريق الصحيح نحو التخلص منه أو تجنّبه والابتعاد عنه من باب الوقاية، لأن الحياة تستحق أن نعيشها مُعافين أصحاء البدن.وخلال الفترة الأخيرة الماضية، وبحكم طبيعة عملي في منطقة الصباح الصحية وكذلك في عيادتي الخاصة، لاحظت أن هناك أعدداً متزايدة من المرضى الذين يعانون من أعراض حساسية عدم تحمُّل مادة اللاكتوز، وهي المادة التي تعرف أيضاً بـ «سكر الحليب». كما شهدت الآونة الأخيرة اكتشاف أن أكثر من 70 في المئة‏ من الكويتيين المراجعين لدى قسم الجهاز الهضمي بمنطقة الصباح الصحية التخصصية يعانون من درجات متفاوتة من حساسية اللاكتوز، وهو ذلك المرض الذي أصبحت الكويت تتفرد خليجياً بإجراء إحصائية مبدئية حوله.و يكمن السبب الأساسي وراء حساسية عدم تحمُّل اللاكتوز في انخفاض مستوى إنزيم اللاكتيز في الأمعاء الدقيقة، كما يُعزى سبب نشوء هذا المرض إلى وجود خلل أو طفرة في الجينات الوراثية.وعلمياً فإن عدم تحمُّل اللاكتوز هو حالة مرضية تنتج عن عدم قدرة الجسم على هضم سكر اللاكتوز الذي يوجد في الحليب ويوجد بكمية أقل في منتجات ومشتقات الألبان، وذلك بسبب غياب أو نقص فعالية إنزيم اللاكتاز منذ الولادة. فعندما يتحرك سكر اللاكتوز في الأمعاء الغليظة من غير أن يُهضم، فإنه يخلق شعوراً بعدم الارتياح بسبب انتفاخ وآلام وغازات في البطن.ومن خلال نتائج دراسات عدة أجريت على عدد كبير من المرضى، اكتشف باحثون أن هناك عوامل تثير حساسية عدم تحمُّل اللاكتوز. فبالإضافة إلى عامل الوراثة، هناك عوامل أخرى من بينها تقدم العمر وأمراض مزمنة معينة تصيب الجهاز الهضمي.وإذا ما تحدثنا عن الأعراض التي تصيب الشخص المتحسس وتدل دلالة واضحة على أنه لا يتحمُّل اللاكتوز، فإن من أبرزها التقيؤ والغثيان والإسهال والانتفاخ مع تراكم غازات في البطن مصحوبة بألم ومغص.والذي نستطيع التشديد عليه في هذا الإطار هو ضرورة حرص المريض على اتباع تعليمات الطبيب المعالج للتخفيف والتعايش مع حالة عدم تحمُّل اللاكتوز، بما في ذلك ضرورة فحص قائمة مكونات الأغذية الجاهزة للتأكد من عدم احتوائها على سكر اللاكتوز. كما ننصح بالاستعاضة عن الحليب بالعصائر الطبيعية، علاوة على تجنب الأغذية المحتوية على مشتقات الحليب كالزبد علاوة على المرغرين والمواد الحافظة وغير ذلك.ولا يتبقى إلا أن نشير إلى أن تغيير بعض العادات الغذائية والأنماط الحياتية يمكن أن يكون من أهم طرق الوقاية ضد أعراض حساسية اللاكتوز، إذ سيشعر المريض بتحسن كبير بمجرد اتباع تعليمات طبيبه والابتعاد عن النواهي جنباً إلى جنب مع المواظبة على العلاج الموصوف له.* استشارية ورئيسة وحدة الجهاز الهضمي والكبد في منطقة الصباح الصحية التخصصية