كنت أظن، وأنا في أوج الحماس للتحضير للحملة التوعوية الأولى تحت شعار «نعم للحياة... لا لسرطان القولون» - والتي دُشنت في 2014 بعد أن أكدت إحصاءات عدة ارتفاع نسبة الإصابة بذلك المرض الخطير - كنت أظن أن معظم الناس لديهم ولو فكرة بسيطة عن ماهية المرض، خصوصاً أنه يُعد السرطان الأول والأكثر شيوعاً بين الرجال، والثاني بعد سرطان الثدي لدى النساء.لكني فؤجئت بأن نسبة 90% من الذين التقت بهم حملتنا التوعوية لا يعرفون شيئاً عن سرطان القولون. ومما زاد دهشتي ذلك الشاب ذا الـ 35 ربيعاً والذي أكدت الفحوصات إصابته بالمرض، وذلك بسبب النظام الغذائي السيئ والاعتماد على الوجبات السريعة في معظم الأوقات بالإضافة إلى قلة ممارسة الرياضة وعدم الحركة، وهو الأمر الذي ينبهنا إلى أن هذا المرض بات لا يستثني عمراً.وعلى الرغم من الانتشار الكثيف لوسائل التكنولوجيا الحديثة وسهولة الحصول على معلومات ولو أولية عن أي مرض بالإضافة إلى الجهود الجبارة التي تقوم بها وزارة الصحة لتوعية المواطنين بمثل هذه الأمراض التي تشكل خطورة كبيرة على الفرد وبالتالي على المجتمع، إلا أن الذهول الذي انتابني خلال الحملة الأولى - التي أقيمت في مجمع الأفنيوز وراجعها نحو 10آلاف من المواطنين - دفعني إلى بذل جهود أكبر ونشاط أوسع في تلك الحملة التوعوية كي يصل صداها إلى أكبر عدد ممكن من المواطنين. وكانت المعلومة الأولى التي حرصت على نشرها وحث الناس عليها هي أن الكشف المبكر عن هذا السرطان يضمن تحقيق نتيجة سريعة وهي الشفاء التام.وخلال الحملة التوعوية الثانية التي راجعها نحو 30 ألف شخص، وجدت كذلك أن نحو 85% من المواطنين لا يعرفون أيضاً شيئاً عن هذا القاتل الصامت، والذي يمكن أن تكون النجاة منه أمرا بسيطاً إذا ما تم اكتشافه في مراحله الأولى.وفي اعتقادي، وأنا أحضّر للحملة الثالثة التي ستنطلق قريباً – بمشيئة الله تعالى – أن التوعية بمثل هذه الأمراض الخطيرة أصبحت الآن واجباً وطنياً ليست فقط على الأطباء والمختصين وإنما على كل شخص يمتلك معلومة توعوية صحيحة تفيد في إنقاذ مريض من بين أنياب هذا المرض القاتل.وبينما أعرف تماماً أن وزارة الصحة تقوم بجهود مضنية في سبيل القضاء على هذا المرض الذي يهدد بحسب الإحصاءات قطاعاً ليس يسيراً من الكويتيين، إلا أن الأمر يحتاج إلى تضافر العديد من جهود القطاع الحكومي ومؤسسات المجتمع المدني، انطلاقاً من مسؤولية الجميع تجاه هذا الوطن العزيز للمحافظة على الصحة العامة.وخلاصة القول، هي إن سرطان القولون لا يستثني عمراً، والتوعية به هي واجب وطني في عنق كل من يعرف معلومة صحيحة. وبما أن الكشف المبكر هو طوق النجاة من ذلك المرض، فإننا نحتاج إلى تضافر جميع الجهود للقضاء عليه. وكي يتحقق هذا فإن برامج وزارة الصحة تحتاج إلى إعادة هيكلة حتى تستطيع أن تصل إلى كل الناس، خصوصاً المواطن العادي، وألا تعتمد فقط على الجناح الإعلامي والذي أعتقد انه يحقق نسبة نجاح بنحو 10 في المئة فقط.* استشارية ورئيسة وحدة الجهاز الهضمي والكبد في منطقة الصباح الصحية التخصصية