تراجعت بورصة الكويت بنحو 7 في المئة منذ بداية العام الحالي، في أسوأ بداية سنة منذ العام 2009، حين كانت الأزمة المالية العالمية في ذروتها، فيما يسجل المؤشر السعري أدنى مستوياته منذ نحو 12 عاماً، فهل هي أزمة جديدة أم أنه هبوط عابر؟«الراي» أجرت جولة استطلاع لآراء مديري الاستثمار وقطاعات الصناديق في مؤسسات مالية وشركات استثمارية وذات علاقة مباشرة بالتداول، و كان لافتاً الإجماع على رأي واحد، هو ان سوق الكويت للأوراق المالية يعيش أزمة حقيقية هذه الفترة في ظل ما يشهده من هبوط حاد، وإن اختلفت الآراء في تفسير أسبابها والمدى المتوقع لاستمرارها.ما زاد من تأثير حدة تلك الأزمة التراجعات الحادة لأسعار النفط واقتراب الخام الكويتي من كسر مستوى الـ 20 دولاراً للبرميل، مع ما لذلك من آثار على سوق المال على معنويات المتداولين، على الرغم من أن القطاع النفطي لا يمثل شيئاً في البورصة على صعيد القيمة الرأسمالية لأسهمها (نحو 3 في المئة فقط)، ما يعني أن الانكشاف المباشر على النفط لا يُذكر، لكن التأثير غير المباشر يبقى كبيراً بأوجه متعددة.وفي تقدير مديري الاستثمار، تبقى للهزة التي تتعرض لها أسعار النفط انعكاساتها على قطاعات عدة في السوق، أهمها البنوك بسبب تراجع محفظة الرهونات وانخفاض الاسعار السوقية للأسهم، إذ من غير المستبعد ان يتسبب الوضع الحالي في إعادة النظر بتقييمات الأسهم والارباح المحققة والتوزيعات المنتظرة لكل شركة!يعلق مدير محافظ استثمارية حكومية على سؤال «الراي» في شأن وجود أزمة من عدمه بالقول: «من يقول غير ذلك فهو يكذب على نفسه. نعم السوق يعيش أزمة واضحة لا تقل أثراً عن الأزمة المالية التي تعاني تداعياتها معظم قطاعات البورصة على مدار الست سنوات الماضية».ويضيف: «أن ما يحدث هذه الايام هو تضافرعوامل سلبية متعددة زادت الوضع سوءاً، لنصل الى مرحلة غاب فيها الشراء الاستثماري بشكل كبير ولم يتبق الا بعض عمليات الشراء الخجول والهادف للدعم على مستوى بعض السلع، فما نشهده في السوق لم يقتصر على الكويت بل يحدث في أسواق دول الخليج التي تأثرت بشكل واضح بهبوط اسعار النفط، تزامنا مع تأزم الاوضاع الجيوسياسية».الرئيس التنفيذي في شركة الشرق الاوسط صالح الحميدي يتفق مع الرأي السابق الخاص بوجود أزمة حقيقية، إلا أنه يختلف في طرح أسبابها، فيقول إنها أزمة مترامية العوامل تبدأ بكونها رقابيه تشريعيه (سلبيه) لم تضف للسوق والأسهم المُدرجة شيئاً إيجابياً حتى الان، وإن كانت آثارها التنظيمية واضحة.تداعيات جيوسياسيةويرى الحميدي أن هناك تداعيات جيوسياسية أمنية، لاسيما التي ترتبت على الاوضاع الخارجية والتي كان لها تأثير على نفسيات المتعاملين، وتاريخياً فهناك رابط قوي ما بين الوضع الأمني الخارجي وأداء أسواق المال بشكل عام، لافتاً الى أن تلك العوامل أدت الى انحسار السيولة المتداولة لتسجل أدنى مستوى لها منذ سنوات طويلة.وبدوره افاد مدير قطاع الصناديق الاستثمارية في شركة الاستثمارات الوطنية مثنى المكتوم أنه بدون ادنى شك فإن السوق الكويتي يعيش ازمة، خصوصا وان المستويات التي تشهدها المؤشرات في الوقت الحالي تعد الادنى منذ اكثر من 12 عام، كما انها تجاوزت القاع الذي بلغه اثناء الازمة المالية بالسنوات التي تلت عام 2008، منوهاً الى أن عدم تعافيه منذ تلك المرحلة.وحول تأثير أسعار النفط وهبوطها على السوق قال مدير المحافظ في الحكومية: «هناك حربان قائمتان وتستنزفان بشكل كبير ميزانيات دول الخليج» هذه الفترة التى يتوسع فيها العجز مع هبوط النفطاحتقان سياسيولفت الى أن ماحدث اخيرا من احتقان سياسي مع اقطار مجاورة له أثره ايضاً، إذ بدأ المتعاملين بالسوق يتنبؤون بما سيحدث بالكويت من رفع اسعار الطاقه او تخفيض الدعم او حتى فرض ضرائب اسوة بما قامت به دول الخليج من اجراءات تقشفيه، ما زاد من عمليات البيع العشوائي وبأي سعر يتوافر فيه طلب.ومن ناحيته ذكر صالح الحميدي أن السوق الكويتي غير منكشف على اسعار النفط بل منكشف على الانفاق الرأسمالي الحكومي، لافتاً الى أهمية إطلاق مباشر ليد القطاع الخاص في تطوير البلد وخصخصة بعض القطاعات العامه مع تحديد رسوم الخدمات وضمان حقوق الموظفين.الرهوناتوبين ان تأثير أسعار النفط تظهر بشكل غير مباشر على قطاعات بعينها، مثل البنوك والرهونات في ظل تراجع الاسعار السوقية للأسهم، وتنعكس بشكل إيجابي على قطاعات النقل والخدمات وغيرها والتي تستفيد من تراجع الاسعار وكلفة الوقود التي تُرهقها دائماً.ومن وجهة نظر مثنى المكتوم ان الاسواق الماليه المشابهه في اعتماد اقتصاداتها على اسعار النفط كمحرك للانفاق والنمو الداخلي، تراجعت اسواقها الى مستويات ما قبل ثلاثة اعوام فقط، وهو ما يلقي الضوء حول الانحسار والضمور الذي اصاب السوق على مستوى تعزيز مكانته كوعاء لتنمية مدخرات المستثمرين من الافراد.واضاف ان السوق الكويتي والاسواق المشابهة افتقدت المميزات التنافسيه لجذب رأس المال المؤسسي سواء كان محليا ام اجنبيا، مشيراً الى ان الاختلاف كبير بين ما يشهده السوق حاليا وبين ما شهدناه بالسابق عندما كانت تتعلق بفقاعات الاسعار ونفخ الاصول عبر الافراط في جرعات المخاطر ومعدلات دين مرتفعه على مستوى الاقتصاد العالمي ككل والتي وقعت بشكل فعلي عن طريق افلاس مصارف وشركات بشكل منظم.التعافي ومعطياتهوقال:»الوضع في الوقت الراهن يتعلق بمخاوف لا اكثر لم يقع تأثيرها بعد على انشطة الشركات المدرجه، كما ان نطاقها مختلف كليا، فأسعار الفائدة عالميا ومحليا في نطاقها الى الصعود، وهو ما يحاكي التعافي الذي تشهده تلك الاسواق ومعدلات النمو المتوقعه لاقتصاداتها ومعدلات البطاله واعداد الوظائف التي يتم خلقها، وبالتالي يجب ان لا نغفل عن تأثير العوامل الجيوسياسيه على منطقة الشرق الاوسط بالتحديد».وحول المعطيات المفترض توافرها كي يستعيد السوق جانباً من الاستقرار يختلف في وصفها كل طرف، إذ يرى المدير الحكومي ان العلة تتعلق ببعض التطورات الخارجية، لافتاً الى أن استقرار السوق بحاجة الى استقرار الاوضاع السياسيه والاقتصاديه التي تقودها في الاساس استقرار اسعار النفط لفتره من الزمن، وما لم يستقر ذلك القطاع الذي يمثل العمود الفقري للاقتصاد سيظل الوضع لفترة من الزمن كما هو، فيما سيكون الامر بحاجة الى اجراء اصلاحات اقتصاديه شامله، وإقرار قوانين وفتح المجال امام استثمار مؤسسي منظم.ومن جانب آخر يتوقع مثنى المكتوم أن يكون لنتائج الشركات انعكاسها على سوق المال خلال الفترة المقبلة، لاسيما وأننا أصبحنا على أبواب الافصاح عن الاداء السنوي للكيانات المُدرجة.نتائج الشركاتواشار الى ان هناك عدداً لا بأس به من الشركات تسجل نموا في انشطتها ونتائجها خلال الفترة الحالية واعمالها بمعزل تام عن صعود وهبوط الاسواق، الا ان العامل النفسي له اليد الطولى في التأثير على حركة المؤشرات في الوقت الحالي وهو امر مفهوم.أما الحميدي فقد ربط الاستقرار بضرورة إطلاق حزمة تحفيزية لخدمة السوق وتؤكد على ان آثار اسعار النفط وتراجعه مبالغ فيها لعدم انكشافه كثيراً عليها.ونصح الحميدي بضرورة استهداف المستثمر الاجنبي وتوفير المعطيات الداعمة لذلك، مع فتح سقف التشجيع للاموال المحلية التي غلب عليها الهلع خلال الفترة الأخيرة بسبب ما يحدث في السوق.ونوه الى أهمية اسراع الشركات في اعلان نتائجها للعام 2015 مع تعميق مفهوم الية التداول بأسواق المال للجهات الرقابية، وتوسيع وتخفيف القيود الغير مبرره والطلبات ذات الأعباء العاليه لغرس نهج المصداقيه ثم اضافة ادوات استثمارية جديدة للسوق تعمق وتحسن من مستوى السيولة.وفي السياق نفسه، أشار نائب رئيس أول - إدارة الأصول الخليجية و شمال افريقيا بيت الاستثمار العالمي «جلوبل» عمار حاجية إلى إن انخفاض أسعار النفط يؤثر بشكل كبير على نفسيات و سلوكيات المستثمرين، فيما ربط استقرار السوق بتوضيح شامل من قبل الحكومة لخطتها الاستثمارية ومن ثم الاستمرار في تنفيذ المشاريع الحيوية ودون خفض لاستثماراتها.واوضح حاجية ان السوق الكويتي بات اقل جاذبية للاستثمار اذا ما قارناه بالأسواق المالية الإقليمية، مشيراً الى ان مكرر السعر الى الربحية يعتبر ضمن الأعلى معدلاً بالمنطقة الى جانب العائد على حقوق المساهمين، فيما يعد اجمالي الأصول الأقل بالمنطقة بالاضافة الى انعدام نمو الأرباح مما يشكل ضغطاً على على أداء سوق الكويت للأوراق المالية.وأكد حاجية أن استقرار السوق معتمد على عدة عوامل منها:- استقرار أرباح الشركات و اتضاح الرؤية المستقبلة لنمو تلك الأرباح.- زيادة الشفافية و تحسين عملية الإفصاح من خلال عرض الخطط المستقبلية بصورة دورية و مستمرة.- زيادة الخدمات المالية و تطوير المنتجات الاستثمارية المتاحة بالتزامن مع تطوير اللوائح المنظمة. على سبيل المثال البدء بنظام صانع السوق و الخيارات ( الاوبشن ) لتحسين توازن السوق و توفير سيولة افضل.
اقتصاد
مديرو الاستثمار يتفقون على الإجابة بـ «نعم»... ويختلفون في التشخيص
هي أزمة؟
04:22 م