في إثيوبيا، حطت فعاليات اليوم الرابع من مهرجان أجيال السينمائي رحالها. وكما اسم الفيلم «الحمل»، سارت رسالته بوداعة لتنقل واقعاً يحكي الكثير عن الصراع من أجل الحياة.جمالية فيلم «الحمل»، الذي يشارك في المهرجان ضمن قسم «هلال»، في بطليه الصغيرين وطموحهما، وتخطيط كل منهما لتحقيق هدف ما.ففي الوقت الذي نرى فيه الطفلة (كيديست سيوم) تنقل أحلامها في مواصلة تحصيلها العلمي، لتتحدى بها عادات وتقاليد، تأخذنا قصة الطفل إفريم (ريديات أماري) إلى عالم من المآسي يبدأ بوفاة والدته نتيجة موجة قحط اجتاحت قريته. ولما كان لابد لوالده أن ينتقل إلى أديسا أبابا للعمل، يجد إفريم نفسه مجبراً على الإقامة جنوبي البلاد للعيش مع خالة والدته إماما وخاله سليمان.في ذلك المكان، يجد إفريم بهجته وسلواه في صحبة الحمل تشوني، الذهبي اللون الذي كانت تملكه والدته، ويبني لنفسه معه نوعاً من الصداقة. لكن خبراً يقع على الطفل كالصاعقة، حين يعلم أن خاله اتخذ قراراً بذبح الحمل حتى يطعم ابنته التي تعاني سوء تغذية. حينها يتخذ الطفل قراراً بوضع خطة للعودة إلى قريته ومعه حمله الذهبي في محاولة لإنقاذه من سكين خاله.قصة «الحمل» مؤثرة، وهي تتناول مرحلة النضوج. ففي وجه قساوة الطبيعة وصراع الأجيال الأزلي، يسير إفرام في طريق وعر أحياناً، إذ يتنازعه حنينه إلى الماضي المألوف وخوفه من المستقبل المجهول.تلى عرض الفيلم لقاء بين فريق عمله وأهل الصحافة، حيث دار حوار تقاسم إجاباته المخرج ياريد زيليكي والمنتجة أما أمبادو.رأت منتجة الفيلم أما أمبادو، أن السينما الإثيوبية صحيح في مرحلة الطفولة، وهناك عائق كبير ألا وهو الماديات، إذ لا يملكون الدعم المادي اللازم، لكن هذا الفيلم بالتحديد مدعوم من فرنسا وألمانيا وقطر، إضافة إلى جهة أخرى داعمة هي الخطوط الجوية الإثيوبية والتي تولت مهمة مساعدتهم في التنقل حول العالم.وأضافت أنه بالنسبة إلى طاقم الفيلم، فهناك طاقم من فرنسا وآخر من ألمانيا. فمدير التصوير ومصمم الأزياء ومصمم الإنتاج وعملية المونتاج من فرنسا، فيما الصوت ساعد فيه الألمانيون يرافقهم تقني إثيوبي، والمخرج كان موجوداً أثناء عملية المنتجة لكي يقف على صناعة الفيلم كما يجب.أما عن نوع الدعم الذي تلقونه من مؤسسة الدوحة للأفلام، فقالت المنتجة إنه إضافة إلى الدعم المادي كان هناك دعم أخلاقي وتحفيزي، لأنهم كانوا على تواصل معهم ويراقبون عملية الإنتاج الفني، لافتة إلى أنها ثمّنت هذا الدور، لأنهم ليسوا بحاجة فقط إلى الدعم المادي، بل بحاجة أيضاً إلى الدعم المعنوي والأخلاقي، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنها سعدت كثيراً حين التقت بممثلين عن مؤسسة الدوحة للأفلام في مهرجان كان وسعدت أكثر الآن لوجودها في دولة قطر لأنها تحتك بموظفي مؤسسة الدوحة للأفلام.بدوره، قال المخرج ياريد زيليكي عن رسالة الفيلم، «إن العيش في إثيوبيا هو صراع مع الحياة وكفاح مستمر، 85 في المئة هم من الفلاحين، والولد بطل الفيلم الذي حاول أن ينقذ حمله من الذبح، لابد أن يتعايش مع واقعه الذاتي، ولكن في الوقت نفسه لابد أن يتعايش مع المجتمع الذي يعيش فيه، وهذا هو الكفاح. من هنا يبدأ صراع وجداني مع الذات، هل يستسلم أم لا؟».وأضاف المخرج أن «إثيوبيا حضارة تعود إلى ثلاثة آلاف سنة، وهي من أول البلدان الأفريقية التي كانت دولة منظمة، لكن في الوقت نفسه وبالرغم من تشبثها بالتقاليد، لكنها منفتحة على العالم المتحضر، وهو الأمر الذي تختصره في الفيلم الفتاة التي تطمح إلى متابعة تحصيلها العلمي. وهذه صورة أخرى من الصراع، أي كيف بإمكانك أن تحافظ على تقاليدك وتعيش في دولة منظمة بقوانين معينة ولكن في الوقت نفسه هذا لا ينفي أنك تكون منفتحاً على العالم المتحضر».وبعد فيلمه عن الطفولة، قال زيليكي إن فيلمه المقبل سيكون عن الشباب لأن النسبة الكبيرة من سكان إثيوبيا هم من الشباب، ويتناول صراع الشباب مع الحياة.وعن رد الفعل الجماهيري الذي لاقوه في مهرجان أجيال، قال المخرج إنه جيد جداً، إذ وجد أن رد الفعل في «أجيال» هو نفسه الذي وجده من قبل الجماهير التي شاهدت الفيلم في «كان» وفي تورونتو بكندا، لافتاً إلى أن هذا الفيلم أينما حل وارتحل وجد القبول.وبالنسبة إلى إدارته للأطفال في الفيلم قال زيليكي إنهم احتاجوا إلى ستة أشهر لاختيار الأطفال، إذ إن مساعدته اختبرت أداء 7000 طفل، 3500 من الذكور ومثلهم من الإناث، لافتاً إلى أن الاختيار وقع على الصبي والفتاة المشاركين اللذين يُعتبران أنهما يملكان موهبة ربانية ولم يتفوق عليهما أحد.ولفت المخرج إلى أن الحضارة الإسلامية متجذرة في إثيوبيا، مشيراً إلى أن هناك معلماً إسلامياً مقدساً في إثيوبيا. واعتبر أن هناك رابطاً متيناً بين المسيحيين والمسلمين في إثيوبيا، وأن المسيحية أتت إلى الحبشة قبل أن يأتي الإسلام، مستدركاً أن المسلمين استنجدوا بالحبشة في بداية الإسلام. وأضاف أن هناك علاقة جميلة جداً بين الطائفتين في بلده، كاشفاً عن أن المسيحي حين يمرض يذهب إلى الشيخ المسلم، والعكس بالعكس، وأن يخطط لإخراج فيلم عن هذا الواقع كي يكون مثالاً يحتذى به في العالم والأوروبيين، وهو كيف أن المسيحي والمسلم يقران أن يعيشا في تآخٍ.
فنون - سينما
فيلم يتناول الصراع من أجل الحياة بنظرة طفولية
«حمل» إثيوبيا ... وديع الرسالة!
12:20 ص