شعر الغزل عبارة عن سلة فواكه فيها ما لذ وطاب من أعذب الكلام وأرق العبارات وأجمل المعاني وأرقى المفردات وروائع الصور الشعرية التي قد تكون مستمدة من الخيال والأحلام الوردية أو من حقائق الأحداث والواقعية لترسم لنا لوحة شعرية نعايش أحداثها ونستشعر أحاسيسها ومشاعرها بكل حالاتها سواء كانت سعادة وأفراحا أم أحزانا ووجدانيات، وشعر الغزل من الأبواب الشعرية التي يجد فيها الشاعر مجالاً رحباً وخيالاً واسعاً للإبداع الشعري بلمسات واقعية أو خيالية لا ترتبط بمكان وزمان معين لشحذ القريحة الشعرية فقد يأتي بمسببات وقد يأتي على حين غرة وبلا موعد أو محفزات، وقد أبدع كثير من الشعراء في هذا الباب قديماً وحديثاً وقدموا ما لا يخطر على عقل بشر فمنهم من حافظ على حدود العقل والمنطق ومنهم من غرّد خارج سرب العقلانية، وبقي هذا الباب مفتوحاً على مصراعيه ومقبولاً كل ما يخرج منه عند جمهور الشعر والعامة مادام ملتزماً بأدبيات اللفظ والمعنى والتصاوير الشعرية التي لا تخل بالدين والذوق العام، ويبقى شعر الغزل هو فاكهة الشعر.

من أعلام الشعر

شاعر نجد الكبير محمد العبدالله القاضيأشهر من وصف القهوة.. ونسخ البخاري بخط يده| بقلم: علي المسعودي |هو محمد بن عبدالله بن محمد بن إبراهيم بن عبدالرحمن القاضي , شاعر نجد الكبير، ولد في عنيزة سنة 1224هـ وبها تُوفي سنة 1285هـ أو 1284 حسب ماذكر عبدالله الحاتم في كتابه (خيار مايلتقط) .. تعلم مبادىء القراءة والكتابةعلى يد والده وحفظ القرآن الكريم وهو ابن ثماني سنوات , ثم درس العلوم الدينية على عمه الشيخ عبدالرحمن بن محمد الذي تولى القضاء في عنيزة في الفترة من (1243 ـ 1248هـ) في عهد الإمام تركي بن عبدالله ..كتب صحيح البخاري بخط يده الجميل , ولا يزال المخطوط محفوظا لدى حفيده عبدالعزيز المحمد القاضي , صاحب العنيزية .ولما شب عن الطوق درس الأدب والتاريخ .قال عنه الراوية والشاعر المعروف عبدالرحمن ابراهيم الربيعي (ت 1402هـ):( كان رحمه الله أديبا ماهرا بكل مافي هذه الكلمة معنى , ماهرا بالأدبين العربي الفصيح والعربي الدارج , ملما إلماما طيبا بمذاهب الشعر قديمه وحديثه , محدثا حلو الحديث، تحسبه حين يسوق القول وتتشعب به نواحيه من جد وهزل ونثر وشعر وأخبار وطرائف , تحسبه الأصمعي قد نُشر في زمنه .. كان غنيا مبسوطا له في الغنى , سخيا ندي الكف , شجاعا باسلا ,شريف النسب , عزيزا في قومه , يميل إلى التشبب في النساء مع عفته , ويحب المساجلات ولكن مع أشباهه في العزة والشرف والمكانة , ومناوشاته في ذلك النوع من الأدب مع بعض الأمراء مثل أحمد السديري (جد الملك عبدالعزيز لأمه) أمير الغاط ,ومحمد العلي بن عرفج أمير بريدة ,وطلال بن رشيد أمير حايل . قال روح التميمي : لا يُعرف أي اتصال , لا أدبي ولا اجتماعي ولا حتى سياسي بين القاضي طلال الرشيد سوى أن الأول مدح الثاني بقصيدة ,ولم يُعرف أيضا عن طلال أنه شاعر ..وللقاضي في الحماسة والحكم والتفكر عدة قصائد مدح بلده عنيزة بقصيدة عصماء سارت سير المثل فقال له أميرها عبدالله اليحيى السليم : اطلب مني واقترح الجائزة التي تهوى مقابل شعرك الغالي , وإليكم ماقال لتعرفوا منه مدى نجدته وطموحه وكبر نفسه ووطنيته الصحيحة ومنافسته في الكلام .قال : أطلب منك يكون الضيف قلّ أو كثر , كبر أو صغر , أعرفه أو لا أعرفه عندي في اليوم الثاني بعدك , فأعطاه الأمير طلبه رحمهما الله .وقد مرض مدة طويلة لا تقل عن خمس سنين وأشرف على التلف وفي أثناء مرضه قال قصيدته المشهورة المسماة بالتوبة وعاش بعدها خمس سنوات أخرى تغمده الله برحمته. (انتهى كلام الربيعي عنه)وقال عنه عبدالله الحاتم: عاش القاضي زمنا ولم يكن له في وقته من يضاهيه من الشعراء في جزالة اللفظ، وسهولته وبراعة الاسلوب واندفاق المعاني المعبرة عما يعتلج في صدره ويخالج ضميره من نواحيه الشعرية المتعددة كافية لجعله في طليعة وهذه الناحية هي الوصف لأنه فيه أشعر منه في غيره، وماقصيدته في وصف القهوة وطريقة صنعها الا انموذجا رائعا لوصفياته، ووصفه الموت ومنكر ونكير والحشر ومايشعرك بأنما وصف شيئا مرئيا وملموسا وهذا دليل على قوة الانسجام بين التفكير والتعبير ويعتبر هذا الانسجام عند علماء ملكة بلاغية نادرة يقصر الكثير من شعراء زمانه عن امتلاكها.وقصيدة القهوة هذه موثقة برواية الربيعي , والربيعي كان والده راوية معروفا لمحمد العبدالله القاضي .يا من لقلب كل مـا التـم الاشفـاقمن عام الأول به دواكيـك وخفـوقيجاهد جنود في سواهيـج الإطـراقويكشف له أسرار كتمهـا بصنـدوقإلى عن له تذكار الأحبـاب واشتـاقباله وطف لخاطره طـاري الشـوققربت له من غايـة البـن مـا لاقبالكف صافيها عن العذف منسـوقاحمس ثلاث يانديمـي علـى سـاقريحه على جمر الغضا يفضح السوقوإياك والنيـة وبالـك والاحـراقواصحى تصير بحمسة البن مطفوقالى اصفر لونه ثم بشّـت بالاعـراقصفرا كما الياقوت يطرب لها المـوقوعطّت بريـح فاضـح فاخـر فـاقلا عنبر ريحـه بالأنفـاس منشـوقكبه بنجـر يسمعـه كـل مشتـاقراع الهوى يطرب إلـى دق بخفـوقواحشه بدلـة مولـع كنّهـا سـاقمنصوبة مربوبـة تـقـل غـرنـوقخله تفوح وراعـي الكيـف يشتـاقإلى طفح له جوهر صح لـه لـوقوله في الحكم مما قاله في آخر أيامه:ومن هاش حاش المرجلة والشكالةومن جاد ساد ومن يشح بحلالهماادرك مرامه لو صعد مصعد عالوالفقر هدم من براسه صعا لهوالجود من ماجود هو ثار بعقالولايفتخر من جاد جده وخالههي بالهمم لا بالرمم مثلما قالالجمر يمسي كالخلاص اشتعالهويصبح رماد خامد طافي بال