قبل عام أعلنت المؤلفة مريم عبدالله القلاف عن ولادة مولودها الأدبي الأول وهي رواية بعنوان «فتاة من المقهى» طرحتها ضمن منشورات «دار السلاسل» وشاركت بها في فعاليات «معرض الكتاب الدولي»، فحققت نجاحاً بالنسبة لمؤلفة شابة، ثم انتقلت بها إلى المعارض الخارجية بعد الاقبال الكبير عليها، والسبب أنها انتهجت طريقاً مختلفاً في طريقة سردها وحتى في انتقائها للقصة التي كتبتها.في العام الحالي وتحديداً ضمن فعاليات «معرض الكتاب الدولي» الـ40، حرصت القلاف على أن تكون متواجدة أيضاً من خلال رواية جديدة لها بعنوان «موت وميلاد» طرحتها مع منشورات «ذات السلاسل»، والجميل فيها انها حافظت على نفس خطّها التي بدأت فيه، ولم تغرّها متطلبات السوق.«موت وميلاد» هي قصّة حقيقية لفتاة كويتية تتخذ من والدتها قدوتها في الحياة، وتعيش وسط أسرة صغيرة مكوّنة من شقيقين وأخت بعد وفاة الأب الذي كان يعاني من مرض عضال، في صغرها أحبّت شاباً- ابن الجيران- وكبرت على حبّه ولم تعرف سواه إلى أن تخرجت في المرحلة الثانوية وانتقلت إلى الحياة الجامعية، وهو إلى جانبها خطوة بخطورة، يعيشان أجمل أيام العمر. لكن الصدمة كانت عندما علمت انها مصابة بورم دماغي في الجهة اليمنى من رأسها، وهنا تكاتف كل أهلها لمساعدتها للعلاج في الخارج إلا أختها الكبرى التي كانت بخيلة في المال والمشاعر أيضاً. لكن المشكلة كانت عند تلك الفتاة هي في مصارحة حبيبها عن الأمر، وعندما التقت به وأخبرته بحقيقة مرضها، حاول تهدئتها وأخبرها أنه سيكون إلى جانبها دوماً، حتى سافرت برفقة شقيقها إلى «المستشفى الألماني» في المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج اللازم، وفعلاً أجرت العملية التي تكللت بالنجاح وعادت إلى الكويت مجدداً، وحينها اخبرت حبيبها بالامر، لكنه لم يتقبل الامر وقرر ان يتخلى عنها بالقول «فرح أنا طلبت أشوفج اليوم عشان أقولج قراري وأتمنى تفهميني عدل وتقدرين موقفي، المرض اللي صار فيج مو شي سهلن والصراحة انا خايف نتزوج ويكون هالمرض شي وراثي ويصير بعيالي، اتمنى تعذريني، وأنا أسف ما أقدر أوفي بوعدي لج بالزواج، إحنا لازم نهد بعض، وأنت الله يشفيج إن شاء الله». فكان ردّها عليه حينها قوياً، فهي لم ترغب ان تجعله يرى انكسارها وضعفها لذلك بادرته بالقول «صح كلامك يا جاسم ومعاك حق بكل اللي قلته، وأنا أساساً يايه اليوم عشان أكلمك بنفس الموضوع بس انت سبقتني وقلته، إحنا ما ننفع حق بعض»، بعدها انطلقت لتمضي في حياة جديدة مليئة بالفرح والسعادة، حيث انها أكملت دراستها الجامعية وعرفت جيداً معدن صديقاتها اللاتي تخلّين عنها أيضاً، كما أنها قامت بالصلح مع أختها وتوظّفت في إحدى الوزارات الحكومية المهمة، وهناك تأقلمت مع الحياة الجديدة، لتكون الصدمة في إحدى الأيام عندما يأتيها أحد المراجعين ويكون هو حبيبها السابق، جاء لانهاء معاملة «علاج بالخارج» تخص مريضة في العشرينات في عمرها، قابلته بكل رسمية فهي المديرة وهو المراجع، وبعدما أخبرته أن المعاملة يمكن انجازها اعتراها الفضول وسألته من هي تلك الفتاة، فأجاب هي زوجتي!سلاسة المؤلفة القلاف في تسلسل أفكار الرواية، تجعل كل من يقرأها يستمتع ويعيش الأحداث كأنه فرد منها، تحبسه بين الأسطر غائصاً بين الكلمات والأحرف. كما أن اختيارها دوماً للقص الحقيقية مع تغيير في أسماء الشخصيات هو ما يعطيها نكهة مختلفة أيضاً، لأن الواقع دوماً هو الذي يمس الإحساس لأنه يأتي من رحم الحياة المعاشة.