تتجه أنظار الجموع الطلابية في مؤسسات التعليم العالي إلى يوم 16 ديسمبر المقبل، الذي ستبت فيه المحكمة الدستورية بمدى صحة الطعن المقدم في قانون منع الاختلاط، الذي لم تهدأ حدة النقاش في شأنه بين مؤيد ومعارض.وطعن في القانون المحامي حسين العصفور، وطالبان من كلية العلوم الإدارية في جامعة الكويت هما عبدالعزيز الناجم، وسعود الشويرد.مسوغات كثيرة طرحها الطالبان الناجم والشويرد، في حديثهما لـ «الراي» حول سبب تقديمهما الطعن، حيث أكدا أن «القانون يتضمن في حيثياته الكثير من الشبهات والمثالب الدستورية والحقوقية، علاوة على تسببه في الهدر المالي»، مشيرين في الوقت عينه إلى أن هذا القانون «يعتبر قانوناً رجعياً أتى نتاجاً للأهواء السياسية الدينية القائمة على التشكيك في أخلاقيات ونوايا المجتمع العلمي».وقال الناجم إنه «انطلاقاً من قناعتنا الراسخة بوجود عيوب دستورية جسيمة في قانون 24 لسنة 1996 (منع الاختلاط)، وحرصاً منا على احترام دستور دولة الكويت، وبما أن كل مواطن خفير ومسؤول، وجب علينا تقديم هذا الطعن من دون تردد، وذلك لأسباب عديدة، تتجلى أولاً في عدم وجود مبرر منطقي واضح لوضع مثل هذا القانون، وأيضاً نرى بأن حيثياته تتضمن الكثير من الشبهات والمثالب الدستورية والحقوقية، ناهيك عن التكلفة الاقتصادية الكبيرة الملقاة على عاتق الدولة»، لافتاً الى أن «هذا القانون الرجعي، بلا شك، أتى نتاجاً للأهواء السياسية الدينية القائمة على التشكيك في أخلاقيات ونوايا المجتمع العلمي، وعلى الجانب الآخر وجدنا من خلال حياتنا الدراسية أن غالبية الجموع الطلابية عانت كثيراً من مشكلة الشعب المغلقة وتكدس أعداد الطلبة وتأخر تخرجهم، الأمر الذي تسبب في خلق أزمة فعلية، وهي أزمة القبول التي عانت منها أجيال عديدة وستعاني منها الأجيال القادمة».ولفت الناجم إلى أن «مبرر المشرّع الذي ادّعى بأن هذا القانون متعلق بالشريعة الإسلامية فيه خلط واضح ما بين مفهوم الاختلاط ومفهوم الخلوة المحرمة، فكلنا يعلم أن ما يحدث في الجامعة ليس خلوة، وإنما هو اشتراك في التعليم ما بين الطالب والطالبة في ظل وجود أساتذة، وبالتالي ليس هناك ما يبرر اتخاذهم لهذا الجانب».وقال الناجم «إن الدستور الكويتي كفل للمواطن الحق في اختيار طريقة التعليم التي يريدها، فهناك حق لكل مواطن يكفله الدستور في اختيار آلية التعليم سواء التعليم المنفصل أو المشترك، وذلك ما تمحورت حوله المادة 31 من الدستور التي تنص على أن (الحرية الشخصية مكفولة)، وهنا نواجه شبهة دستورية تتمثل في تضارب هذا القانون مع نص المادة 29 القائلة صراحةً بأن (الناس سواسية في الكرامة الانسانية، وهم متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين)».وقال الناجم «دعونا نركز جيداً على جزئية عدم التمييز بسبب الجنس، وكذلك المثالب الواضحة في هذا القانون المتعلقة بالمادة 7، والتي تنص على أن (العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين)، والمادة التي تنص على أن (تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين)، إذ نرى بأن هاتين المادتين ارتكزتا على مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، بينما ارتكز القانون القائم على ضرب هاتين المادتين».أما بالنسبة للجانب الحقوقي، أشار الناجم الى أن «الإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي صادقت عليه دولة الكويت ركّز في الكثير من مواده على حق حرية الاختيار، ومن أهم هذه المواد المادة 26 بند رقم 3 التي تنص على أن (للآباء الحق الأول في اختيار نوع تربية أولادهم)، فاتخاذ أولياء الأمور للقرار يجب أن يكون مبنياً على وجود الخيارين سواءً التعليم المشترك أو المنفصل».وقال مقدم الطعن الطالب الشويرد «في طعننا الذي قدمناه لم نغفل عن المادة 17 من الدستور الكويتي، والتي تؤكد أن (للأموال العامة حرمة، وحمايتها واجب على كل مواطن)، وهذا الأمر لا شك بأنه متعلق في الجانب الاقتصادي الذي أرهق ميزانية الدولة، حيث إن تكلفة الطالب في ظل التعليم المشترك كانت قرابة 2500 دينار، وتزايد هذا المبلغ إلى مايقارب 8500 دينار،إضافة إلى تلك الزيادة في العلاوة المادية التي يحصل عليها عضو هيئة التدريس لتغطية شعب الطلاب والطالبات على حد سواء، وبالتالي فتلك المبالغ يمكن استغلالها لإنشاء مبان جديدة وتوفير خدمات للطلبة، وبناء المباني قطعاً سيكلف أكثر في ظل قانون منع التعليم المشترك، لأنه بدلاً من المبنى الواحد سيكون هناك مبنيان منفصلان لتلبية متطلبات هذا القانون الرجعي».وقال الشويرد «كلنا يعلم بأن الاختلاط موجود اليوم، سواءً في مواقف السيارات أو في الأقسام العلمية، ما بين مكاتب الدكاترة وفي الأنشطة الطلابية والأندية العلمية، والقوائم الطلابية، وكذلك الأنشطة المختلطة التي يقيمها الاتحاد بقيادة القائمة الائتلافية والاتحاد الاسلامي، مثل نشاط (مراسي هواج) الذي نظمه الاتحاد قبل عامين والندوات التي يقيمها الاتحاد والأندية المنضوية تحت مظلته، ونحن حقيقة نستغرب من مطالبة الاتحاد في الإعلام بتطبيق هذا القانون وهو لا يطبقه على نفسه، وهذا يدل على صعوبة تطبيق هذا القانون على أرض الواقع».وأوضح الشويرد أنه «عند النظر إلى الجانب العملي في هذا الموضوع، نجد أن وزارات الدولة والكثير من شركات ومؤسسات القطاع الخاص يكون العمل فيها على أساس الاشتراك ما بين الجنسين، لذا يجب على وزارة التربية أن تقوم بدورها الأساسي والمهم في تهيئة الطلبة لمواجهة سوق العمل الحالي، ومعرفة كيفية التعامل مع الجنس الآخر، وهذا لن يتحقق بتاتاً في ظل وجود هذا القانون المعيب».وأكد الشويرد أن «تطور العملية الأكاديمية التعليمية والتربوية في الكويت لن يتحقق في ظل وجود هذا القانون، فوطنيتنا تحتم علينا النظر إلى مثل هذه القضايا المهمة والمساهمة في تطور ورفعة وطننا الحبيب، كما إننا سنلتزم بالامتثال لحكم المحكمة الدستورية سواءً صدر الحكم بقبول الطعن أو رفضه».