عند التاسعة و50 دقيقة صباح أمس، كانت مؤشرات السوق حمراء حين قرر أحدهم- على ما يبدو- العبث بمؤشر السوق الرئيسي عبر تنفيذ 12 صفقة، كل منها بكمية لا تتجاوز 10 أسهم، على شركات خاملة، وبأسعار عند الحد الأعلى للارتفاع أو أقل بقليل. وهكذا كسب المؤشر نحو 35 نقطة خلال دقائق قليلة.وبعد أقل من ساعتين، عكس المتداول اللعبة، فباع معظم الأسهم التي اشتراها بأسعار منخفضة، وأعاد المؤشر إلى المنطقة الحمراء لبعض الوقت!صفقات الشراء تمت بين الساعة 9:51 و9:56 كما يظهر في الجدول المرفق، وبكمية موحدة هي عشرة أسهم. أما صفقات البيع فتمت بين الساعة 11:56 و12:07. وشملت العمليتان أسهم لا تشهد إلا القليل القليل من التداولات، وهي: «الكويتية للمسالخ» و«السكب» و«اسمنت الكويت» و«الانظمة الآلية» و«الخليج للتأمين» و«يوباك» و«التعليمية» و«الوطنية لمواد البناء»و«هيومن سوفت» و«نابيسكو» و«البترولية» و«الشعيبة الصناعية».وبلغت القيمة الإجمالية لصفقات الشراء التي يُشتبه بتنسيقها للتلاعب بالمؤشر 52.7 دينار فقط، وقد تم بيع تسعة منها على الأرجح، بخسارة لا تتجاوز 2.21 دينار كويتي فقط لا غير!وهكذا تمكن شخص واحد، على ما يبدو، من اللعب بالسوق برفعه ثم إلقائه أرضاً بتكلفة لا تتجاوز 2.21 دينار!حتى الآن، لا يمكن الجزم بمدى قانونية ما فعله المتداول، فلا أحد يستطيع منع متداول من الشراء والبيع بالكمية التي تناسبه وبالسعر الذي يريده، طالما أنه لم يخترق الأنظمة المعمول بها. لكن الواقعة ترسل رسالة إلى من يعنيهم الأمر حول مدى هشاشة السوق أمام أي فاصل من اللعب والتسلية يخطر ببال أحد المتداولين أن ينفذه.مصادر في السوق كشفت لـ «الراي» أن إدارة الرقابة في البورصة رفعت تقريراً الى الإدارة بمضمون ما حدث بعد ان اعتبرت أن هناك مخالفة للمادة 122 من القانون رقم 7 لسنة 2010 ولائحته التنفيذية، من منطلق أن «هناك محاولة لخلق إيحاء زائف بأن هناك نشاطاً على تلك السلع في ظل ارتفع بعضها الى الحد الاعلى بداية الجلسة.وتنص المادة 122 على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف دينار ولا تجاوز مائة ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من:«تصرف تصرفا ينطوي على خلق مظهر أو إيحاء زائف أو مضلل في شأن التداول الفعلي لورقة مالية أو لسوق الأوراق المالية عن طريق الدخول في صفقة بشكل لا يؤدي الى تغيير فعلي في ملكية الورقة المالية، أو إدخال أمر شراء او بيع ورقة مالية وهو على علم بأن أمراً مقاربا من حيث الحجم والسعر وزمن البيع او الشراء لتلك الورقة المالية قد تم او سيتم إصداره من قبل نفس الشخص او أشخاص يعملون باتفاق مع ذلك الشخص، وكل من أبرم أو أكثر في ورقة مالية من شأنها: رفع سعر تلك الورقة المالية لنفس المصدر بهدف حث الآخرين على شرائها، أو تخفيض سعر تلك الورقة المالية لنفس المصدر بهدف حث الآخرين على بيعها، او خلق تداول فعلي أو وهمي بهدف حث الآخرين على الشراء أو البيع».وعلق مصدر رقابي على ما حدث بالقول:«الغالبية من أسواق المال المتطورة توفر تقنيات شبيهة بما يوفرها إكستريم في البورصة الكويتية والذي يعطي المجال للتداول من دون وحدات كمية أي بسقف مفتوح للصفقة الواحد يبدأ بسهم واحد وحتى 5 ملايين سهم، إلا ان البعض من متداولي السوق يحاولون استغلال تلك التقنيات بهدف التلاعب ورفع قيمة سعرية لورقة ما».واضاف المصدر ان الرقابة تحرص على ملاحقة من يثبت تعمُده الإضرار بالسوق كما حدث أمس، منوها الى رفع المخالفة الى هيئة أسواق المال لاتخاذ الإجراء الذي يتناسب مع طبيعة المخالفة والتي تتفق مع المحاذير التي أورتها المواد العقابية وكشفت مصادر في البورصة عن تلقي المعنيين شكاوى كثيرة في الآونة الأخيرة من الاستغلال السيئ لتقنيات نظام التداول الآلي الحالي«إكستريم»الذي ترتب عليها الغاء الكسور ووحدات الكمية على غرار المعمول به في أسواق المال المتقدمة. إذ يتعمد أصحاب المصالح المضاربية من الافراد الاحتفاظ بكميات محدودة من أسهم غير نشطة ولها تأثيراتها على المؤشرات بسبب اسعارها المرتفعة من أجل بيعها في الوقت المناسب ما يؤدي الى انخفاض ملحوظ في المؤشر العام، والعكس صحيح مع شراء كميات ضئيلة من ذات الاسهم بهدف رفع المؤشر وإيهام الأوساط الاستثمارية بان السوق جيد ومهيأ لضخ سيولة جديدة!وكانت مثل هذه العمليات تتم في السابق ضمن سوق الكسور، خارج اللوحة الرئيسية للتداول، ما يجعلها دون أي تأثيرعلى المؤشرات العامة للبورصة، إلا أن الجهات الرقابية حرصت على وضع كافة التداولات في نطاق أكثر وضوحاً لاسيما بعد أن رصدت تلاعبات مختلفة في الكسور منها تنفيذ العمليات بأقل من السعر المتداول للسلعة في السوق الرسمي عبر«السوم»بأقل الاسعار.وكانت الهيئة قد اقترحت في وقت سابق ما يُسمى بـ«صفقة صغيرة»لا تدخل ضمن حسابات المؤشرات العامة في السوق، للحد من تأثير ما يحدث على التعاملات اليومية على ان تتراوح قيمتها بين الف والفي دينار، وعليه طلبت الجهات الرقابية وقتها حلاً تقنياً يسمح باستبعاد تأثير مثل هذه الصفقات الضئيلة على حركة المؤشرات، إلا ان البورصة لم تجد منفذاً لتفعيل المقترح ما أبقى الحال كما هو حتى الآن.انعكاسات واضحةوقالت مصادر ان مثل هذه الممارسات تخلف تلك العمليات بعض الانعكاسات السلبية على سوق الاوراق المالية، منها:1 - التأثير على أسعار الاوراق المالية المدرجة اثناء التداول بالارتفاع او الانخفاض بأقل كميات تصل أحياناً لسهم واحد.2 - التأثير على مؤشرات البورصة صعوداً أو هبوطاً ما يُعطي شكل غير صحيح للسوق.3 - تقديم صورة مضللة لجمهور المتداولين عن الأسعار وحركة السوق ومؤشرات القطاعات الرئيسية ايضاً.4 - وجود أثر سلبي على اقفال الأسهم المدرجة مع نهاية الجلسة.5 - خلق ايحاء زائف حول نشاط سلعة بعينها دون وجود ما يمت للأمر بصلة من معطيات منطقية.6 - اتاحة المجال للتصريف من قبل المضاربين على اكتاف صغار المتعاملين ممن يُغرر بهم.7 - إعطاء صورة غير صحية او مشجعة لرؤوس الاموال الاجنبية التي تبحث إمكانية ضخ اموالها في السوق.8 - فتح المجال أمام المتلاعبين بالبيانات المالية من خلال توفير تقييمات مُعتمدة من السوق لأسهم في الاساس«جامدة».9- التأثير بشكل أو بآخر على احتساب المعدلات العامة للأسعار بعد تحقيق قفزات سعرية سابقة بأقل تكفلة.10- تقديم رهن للبنوك والجهات الدائنة وفقاً للسعر المُعتمد من يضر بقطاعات أُخرى.وبينت المصادر أن معالجة تلك السلبيات بات مطلباً مهماً، عبر استحداث الآليات المناسبة، بحيث لا يؤثر الامر على المؤشرات والاحصائيات التالية للأسهم المدرجة، أي دون التأثير في كل من أعلى وأدنى سعر سوقي للورقة، سعر الافتتاح، سعر الاقفال، مؤشرات البورصة، على ان تدخل ضمن حساب الكمية وقيمة التداول وعدد الصفقات المتداولة خلال الجلسة.
اقتصاد
البورصة رصدت الواقعة ورفعت تقريراً بها
متداول يعبث بالسوق بـ 2.2 دينار!
05:26 م