تفرض مسألة شح السيولة في سوق الاوراق المالية نفسها على طاولة البحث لدى هيئة أسواق المال خلال الفترة الحالية ضمن حزمة من الملفات التطويرية التي تجفع في اتجاه مُعالجة نقص السيولة.وبحسب مصدر رقابي رفيع المستوى فإن «صانع السوق أو مزودي السيولة أو غيرها من الأدوات ذات العلاقة ستفشل ما لم يكن هناك مُعالجة مُباشرة وجريئة لقضية سيولة الأسهم».يؤكد المصدر ان هناك نية واضحة لدى الجهات الرقابية لمواجهة مشكلة سيولة الأسهم وتوفير البيئة المناسبة لعمل صناع السوق، وحتى وإن ترتب على ذلك خروج عشرات الشركات من السوق الرسمي ونقلها الى أسواق أخرى مثل الموازي او للتداول خارج المقصورة من خلال نافذة جديدة (السوق الثالث).ولم يستبعد المصدر ان يُدرج «مُعدل دوران الأسهم» كشرط رئيس ضمن شروط استمرار الإدراج في السوق خلال الفترة المقبلة، لافتاً الى أن هناك عقبة رئيسية ستواجه الجهات المسؤولة لدى وضع الاطر العلاجية لقضية السيولة، إنها الملكيات الجامدة غير النشطة في السوق، قد تحتاج لشيء من المرونة ومشاركة أصحاب العلاقة في بحثها.إلا أن إشكاليات عدة تواجه هذا المقترح منها، وفقاً لبعض المراقبين، أن العديد من الأسهم ذات معدل الدور المرتفع هي من أسوأ الشركات في السوق، ولا تشكل أي إضافة نوعية، ومع ذلك فإن المتداولين يلعبون بأسهمها كما لو أنها أوراق قمار. فكيف تبقيها الجهات التنظيمية وتُخرج أسهماً تشغيلية خاملة؟دراسةوتُظهر إحصائية لـ «الراي» ان 108 شركات من أصل نحو 205 مُدرجة تسجل مُعدل دوران يقل عن 10 في المئة على رأس المال منذ بداية العام الحالي، منها 83 شركة بما يعادل 76 في المئة يتداول بمُعدل دون 5 في المئة من رأس المال منذ بداية العام وحتى الأمس.وتشير الإحصائية الى أن 59 شركة مُدرجة سجلت معُدل دوران أقل من 3 في المئة على رأس المال، بل ان مُعظمها دون الـ 1 في المئة، فيما لوحظ ان هناك نحو 30 شركة فقط حققت مُعادلة لافتة كأعلى مُعدل دوران بلغ أكثر من 50 في المئة على رأس المال لكل منها.وخلُصت الدراسة الى أن ما يُفيد السوق ضمان مُعدل دوران لا يقل عن 25 في المئة من رأس المال كحد أدنى، ويبقى التقييم العادل للسوق ومدى قناعة المتداول بالسلع المُدرجة.جمود الملكياتوفي سياق متصل كشفت مصادر ان 60 في المئة من الشركات المُدرجة حالياً (بخلاف المنسحبة) مملوكة لعدد محدود من المساهمين، إذ تتوزع رؤوس اموال تلك الشركات بين ما لا يزيد على أربعة ملاك بحصص تصل الى اكثر من 50 في المئة، بل ان هناك ملكيات تصل الى 80 او 90 في المئة في شركات مُدرجة لصالح جهة واحدة او جتهين ما يعرقل محاولات إطلاق آليات تهدف الى رفع معدلات السيولة المتداولة في الوقت الحالي.ومعلوم انه كلما ازداد حجم الأسهم السائلة او المتاحة للتداول في شركة بعينها ارتفع مُعدل دوران السهم والعكس صحيح، فيما تتفق رؤى الجهات الرقابية الباحثة عن اطر علاجية لتلك المشكلة مع آراء الشركات الاستشارية الكُبرى مثل ناسداك او إم إكس وغيرها ممن نصحوا بالإبقاء على الشركات التشغيلية فقط لتسهيل مهمة صناع السوق ومزودي السيولة وغيرها من الأدوات.الانسحاب والقانونويبدو ان هيئة أسواق المال مهتمة بمراقبة قضية الانسحابات من السوق الرسمي، إلا انها تُتيح المجال أمام من يرغب للتعامل مع ظروف السوق وفقاً لمواد القانون، والقانون يُعطي الفرصة للشركة لكثير من الإجراءات منها الانسحاب الاختياري إن رغبت في ذلك!ويتضح أن العديد من الشركات المنسحبة لم تحقق المُعادلة الصعبة، وهي مُعدل الدوران المقبول منذ بداية العام، ما أضر بقيمتها السوقية ثم أفرز أسعاراً سوقية يراها القائمون عليها بانها غير عادلة، الامر الذي ترتب عليه طرح فكرة الخروج من السوق.وحول ما اذا كان الامر مرتبطاً بالحصول على تمويلات او ما شابه أفادت مصادر ان عقود التمويل للشركات المُدرجة مرتبط بالسعر السوقي، إلا انه في حال كانت الشركة الطالبة للتمويل غير مُدرجة فإن القيمة الدفترية هي الحكم، ما دفع ببعض الشركات لبحث الانسحاب.ولفتت مصادر رقابية إلى ضرورة أن تهتم الشركات بوضع استراتيجية تقوم على التعاون مع جهات استثمارية لعمل التسويق اللازم والقانوني لأسهمها حتى تلقى التقييم المناسب ومن ثم ينعكس الامر على السوق وتعاملاته واحجام السيولة المتداولة فيه.
اقتصاد
الجهات الرقابية تضع مُشكلة السيولة ضمن أولوياتها
مُعدل دوران السهم... شرط للبقاء في السوق؟
03:56 م